تحولت فاجعة وفاة الطفل أسعد مصطفى عز الدين الذي يبلغ عاماً واحداً إلى قضية رأي عام حول الواقع الاستشفائي الذي يواجهه اللبنانيون عموماً وأهالي البقاع خصوصاً، بعد أن انتشر خبر الوقاة ليل أمس، خصوصاً أنّ والده - وهو عنصر في قوى الأمن - قد رافقه ساعاتٍ طويلة داخل سيارته، يتجوّل به بين مستشفيات المنطقة من دون أن يحصل على سرير واحد لعناية الأطفال بعد أن تراجعت حالته الصحية جراء إسهال حادّ وارتفاع في الحرارة.
تقطن عائلة الطفل داخل بلدة عرسال، وتحديداً وسط منطقة بعلبك- الهرمل، حيث تُواجه المنطقة إهمالاً كبيراً مزمناً يتجلّى بالواقع الاستشفائي - على سبيل المثال لا الحصر - الذي يقتصر على الدور الاستشفائي داخل البلدة التي تضمّ ما يزيد عن 35 ألف نسمة ناهيك عن عشرات الآلاف من النازحين موزّعين على مستوصفَين لا يتعدّى دورهما تقديم الاسعافات الأولية.
ما حصل ليل أمس، وفق ما أكّدت عائلة الضحية، أن الطفل كان قد واجه تدهوراً في حالته الصحية ليُدخله والده إلى مستشفى عودة في عرسال، الذي يحتوي تجهيزات محدودة، من دون أيّ نتيجة، وسط تراجع حالة الطفل لينقله والده إلى مستشفى دار الأمل الجامعي حيث استُقبل في غرفة الطوارئ فقط، من دون إدخاله غرفة العناية الفائقة الخاصة بحديثي الولادة حتى عمر العام، رغم أنّ الطفل كان يواجه صعوبة في التنفس ورغم عمل الوالد على دفع مبالغ مالية مسبقة لم تمكّنه من إنقاذ ابنه الذي يفقد الوعي بين يديه بين الحين والآخر، فاستحال تأمين سرير عناية، لينتقل به مسرعاً إلى مستشفى بعلبك الحكومي الذي أخبره بعدم توافر الأجهزة المناسبة، لينتقل بعدها إلى مستشفى رياق العام ليسلم الطفل عز الدين الروح قبل أن يصل إليه.
العائلة حمّلت المسؤولية لمستشفى دار الأمل الجامعي لعدم تعاطيه إنسانياً مع حالة كهذه، علماً أنّه مجهّز بأسرّة عناية كان يمكنها أن تُساهم في إنقاذ الطفل، إلّا أنّ أحد القيّمين على "دار الأمل" أكّد لـ"النهار" أنّ المستشفى قام يواجبه كاملاً من خلال استقبال الطفل، غير أنّه مجهّز بستّة أسرّة عناية ولم يكن فيه أيّ سرير شاغر، والأسرّة ممتلئة بالمرضى الذين حالتهم خطرة، لذا طُلب من الوالد الإسراع بنقل ابنه إلى مستشفى آخر لاستحالة تأمين سرير.
وطالبت العائلة المفجوعة وزارة الصحة بفتح تحقيق في الحادثة ومحاسبة المقصّرين، فهي ليست القضية الأولى وربّما لن تكون الأخيرة، وسط انهيار واقع استشفائي يواجهه الأهالي خصوصاً في مناطق الأطراف.