واقع صعب تعاني منه شريحة واسعة من اللبنانيين ممن يُعتبرون من ذوي الاحتياجات الخاصة أو الإعاقة.
اليوم وبمناسبة "اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة" ترفع رئيسة الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوّقين حركياً، سيلفانا اللقيس الصوت عالياً، وتقول لـ"النهار": "العقبة الأبرز التي نواجهها اليوم في ظلّ هذه الظروف هي أنّ دولتنا لا تعتبر حاجات التنوّع الإنسانيّة أساسيّة أو حتى مهمة، فهي لا تضعنا في أجندتها وتنظر إلينا كعبء على المجتمع، وحين نطالب بأبسط حقوقنا، ومنها دمج جميع الأفراد في مختلف قطاعات الدولة، يكون دائماً الجواب "مش وقتها".
وترى اللقيس أنّه "إذا لم نطمح كلبنانيين إلى جعل التنوّع جزءاً لا يتجزأ من الحقوق، ستبقى المشكلة، ومهما حاولت أنّ أعدّد التحديات فلن تنتهي، لأنّ العقبة الأساسيّة أننا "منسيّون"، حتى من أبسط الأمور، مثلاً خلال تجوّلنا على الطرقات، يوجد ما يسمى بالبيئة الخارجية التي لا تزال اليوم غير مطبّقة لتلبية حاجاتنا، وهذا أمر يُعتبر بمثابة تحدٍّ يوميّ لنا، إذ يجعلنا مضطرّين لطلب المساعدة، وهذا أمر نحاول تجنّبه كي لا نصبح عبئاً على الآخرين، وهذا مثل بسيط عن مدى عدم جهوزيّة دولتنا للتعاطي معنا". مضيفةً: "ليست الإعاقة في جسدي أو نظري، بل تكمن في الحواجز الاجتماعيّة، الثقافيّة والاقتصاديّة الحاضرة في مجتمعنا".
المسألة لا تتوقّف فقط عند الكبار، بل تطال أيضاً الأطفال وخاصةً في المجال التربوي. وتعتبر اللقيس في هذا السياق أنّه "عندما تنظر الدولة إليهم كأطفال وليس كذوي إعاقة، من الممكن تحسين الوضع. وأسفت لوجود بعض المدارس التي لا تستقبل الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، إذ لا يجد هؤلاء مكاناً للتعلّم إلاّ في مؤسسات خاصة، وقد أصبحت الكلفة عالية ولا تلبيّ حاجات معظم الأهالي، بالتالي من حقّنا أن نتعلّم في مدارس مدمجة، وألا ننعزل ونهمشّ".
غياب التمثيل السياسي
في إطار الحقوق السياسيّة، ترى اللقيس أنّ الأشخاص ذوي الإعاقة غير ممثلين في البرلمان، وحتى النواب الموجودين حالياً لا يمثّلون حاجاتهم.
وتضيف: "لا يمكن لأحد أن يمثّلنا في حين أنّ الجميع يعلم العوائق التي نواجهها، فنحن لا نزال نناضل بغية الانتخاب باستقلالية وكرامة، ويبدأ الحلّ أن نؤمن بلبنان كبلد التنوّع والتعدّدية، واليوم كاتحاد وجمعيات تمثّل المعوقين، سنتابع ونستعد للانتخابات البلدية".
من جهة أخرى، يشدّد المدير التنفيذي للشبكة الجامعة لمناصرة الأشخاص المعوّقين فادي الحلبي على ضرورة معرفة استخدام المصطلحات الصحيحة لوصف حالة هؤلاء وهي "الأشخاص ذوو الإعاقة"، مضيفاً: "في الاتفاقية الدوليّة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، استُخدم هذا المصطلح للتركيز على فكرة أنّهم أشخاص قبل أن يكون لديهم إعاقة، فهذا المصطلح لديه خلفية حقوقيّة موجودة في الاتفاقيّة التي انضم إليها لبنان في نيسان، وذلك بعد نضال طويل استمر من العام 2007. وتنصّ هذه المعاهدة على تأمين جميع الحقوق المتكاملة من ناحية التعليم، التربية، العمل، الصحّة والحقوق السياسيّة، كما أنها تعتمد على الدمج والكرامة الإنسانية كمعايير للمساواة بين الأفراد".
كيف يمكن أن نساهم كأفراد في المجتمع بنشر الوعي وتغيير النظرة النمطية لهؤلاء الأفراد؟
يرى الحلبي أنّ "الأشخاص ذوي الإعاقة تواجههم عوائق عديدة منها، العوائق البيئية والهندسية التي لا تسمح لهم بالتنقل بشكل مريح، فضلاً عن العوائق التكنولوجيّة التي تؤثر على الأشخاص ذوي الإعاقة البصريّة، وتحجب عنهم امكانيّة ممارسة حقوقهم أو التواصل بشكل طبيعي". والحاجز الأبرز هو "نظرة المجتمع الدنيا لهؤلاء، في حين يجب على الجميع أن يحترم المساواة والأمر يشمل أيضاً جميع الفئات المهمشة، يجب أن نؤمن بالإنسان في لبنان، فاذا تمّت إزالة العوائق، سنتمكّن من بناء بلد يحترم الكرامة الإنسانيّة والمساواة بحيث يعيش كلّ إنسان إنسانيّته".