طوني فرنجيه
تنعم "الجرديون" يوم أمس بيوم "شباطي صيفي" أحرقتهم فيه أشعة الشمس الدافئة المنعكسة من بياض الثلج المنتشر في كل مكان ما سمح لهم بتأمين حاجاتهم قبل هبوب العاصفة الجديدة لا سيما تقطيع الحطب وتكديسه في أروقة المنازل منعاً من وصول الثلج والأمطار اليه لأنه بات الوسيلة الوحيدة للتدفئة لديهم في غياب الكهرباء وغلاء المازوت والغاز وشح الاموال لديهم .
"إنه اقسى شتاء يمر علينا ليس من ناحية المطر والثلج والعواصف، بل من ناحية تأمين التدفئة والمواد الضرورية للأكل والشرب والادوية بسبب الفقدان والغلاء "قالتها بحسرة السيدة منى الشدياق التي اضافت: "كنا نجلس الى جانب "الصوبيا" ونشعل المدخنة ونشوي الكستناء والبطاطا ونشرب الزهورات او النبيذ ونأكل اللحم المشوي ونعتبر الشتاء وقتا للاجتماع والتلاقي بين الاهل والاصحاب، اليوم كل شيء تغير لم يعد يسلينا في العشايا الا فنجان الشاي وبعض الكعك، حتى البطاطا صارت للمناسبات، الله لا يوفقهم ."
في العديد من البيوت الجردية عادت "الكوانين" وسيلة لتسخين المياه والطبخ فالاهالي يسحبون الجمر من المداخن بعد اشتعال الحطب ويضعونه في الكانون وعليه الاباريق او الطناجر توفيرا للغاز الذي بات سعر قارورته الواصلة الى البيوت عبر شركات التوزيع "بيكسر الظهر" ربما اغلى مما يقبض كثيرون من رواتب اخر الشهر.
البياض الذي غطى الجرود لم "تأكله "شمس شباط بل تحداها وصمد بوجهها جراء تشكل الجليد الذي رسم صورا طبيعية ولا اجمل ولكن "بما ان العين بصيرة واليد قصيرة، قصر الله اعمار كل من اوصلنا الى هذه الحالة بقينا في بيوتنا "قالها احد ابناء السواحل في الشمال وأضاف: "ولا مرة كان يتساقط الثلج إلا ونكون اول الواصلين الى اهدن وبشري والارز نلهو نلعب نتفرج نوجلس في المطاعم، اليوم تفرجنا على الثلج من طرابلس وهو يكسو قمم الجبال فالرحلة الى اهدن ستكلف صفيحة بنزين سعرها فوق المليون يعني طار المعاش والى ذلك لا يمكنك شراء اي شيء لتتسلى فالأسعار نار، لقد سرقوا فرحنا وحبنا للعيش سرق الله النوم من عيونهم."