عند شاطئ الرملة البيضاء، مشهدٌ يختصر حجم الإهمال والفساد الذي ينخر في جسد دولة تحتضر بفعل سياسات أنهكتها وأدّت إلى انهيارها بحكم صفقات وتسويات، كانت دائماً على حساب المواطنين وصحتهم.
لـ"الكزدورة" عند الشاطئ حيث ملاذ الناس لاختطاف لحظات راحة والتمتع بالبحر "ببلاش"، تداعيات "مريبة" تكشف المستور في عرض البحر، فتفيض "بركة" من مياه الصرف الصحي على الشطّ تفوح منها "رائحة الفساد" ليتمدّد التلوث ويطفو على الرمال.
لم تُستكمل معظم شبكات معامل التكرير بسبب عدم وصلها بشبكات الصرف الصحي وشبكات المياه، وفي بيروت تتولّى محطة ضخ في منطقة السلطان إبراهيم جنوب العاصمة إيصال المياه إلى محطة الغدير جنوب المطار التي تقوم بعملية تكرير بدائي تضخ المياه الآسنة إلى مكان على عمق 600 متر تحت سطح البحر وبعيداً عن الشاطئ بنحو 1700 متر، فيما محطة برج حمّود لا تزال قيد الإعداد.
وأوضح رئيس بلدية بيروت جمال عيتاني لـ"النهار" أن "المشكلة ليست بجديدة، والبلدية حاولت القيام بما تستطيع من مساعٍ لحلّ الأمر، عبر إقامة خط موقت إلى البحر بحدود كيلو ونصف المتر، لكن الأزمة أدت الى وقف التلزيمات في كل الدولة"، مشيراً إلى "أن مجلس الإنماء والإعمار هو المعني بتلزيم محطات الضّخ والتكرير ولا صلاحية للبلدية بذلك، لأن هذا العمل من اختصاص مجلس الإنماء والإعمار والتشغيل تتولاّه مصلحة مياه بيروت".
من جهته، لفت مدير المركز الوطني لعلوم البحار ميلاد فخري لـ"النهار" إلى أن "المشكلة قديمة وهذا الشط ملوّث وغير صالح للسباحة لأن كل مياه مجارير العاصمة تصبّ فيه، والمعالجة أساسية وعلى المعنيين التحرّك للحدّ من تدفّق المياه المُبتذلة على الشاطئ الشعبيّ الوحيد في بيروت".
ولفت إلى "أن الناس تسبح بالمجارير والمياه مليئة بالبكتيريا"، مشدّداً "على أن عدم وجود مضخّات تعمل والموجود مجرّد تحويلات غير موصولة بمحطات تكرير وقساطل ممدودة إلى أعماق البحر ببُعد وعُمق نحو 60 متراً، ومشروع محطة تكرير برج حمّود لم يُنفّذ حتى الآن، وهناك قسمٌ موصول على محطة معمل الغدير الذي يُكرّر بشكل بدائي ومع مشكلة الكهرباء قد يكون عمله تراجع في المنطقة حيث القسم الأكبر من المجارير يصبّ في بحر الأوزاعي".
وأوضح أن "الصور المتداولة ربما تكون ناتجة عن مياه مبتذلة من مجارير لا يعُرف مصدرها وتظهر على الشطّ وتفوح رائحة التلوّث منها".