فؤاد بو غادر
"منفكر إذا مننزل نمضّي كم يوم بلبنان على الأعياد... شو رأيكم مننزل كم يوم على العيد؟"، هي من أكثر العبارات التي نسمعها مع اقتراب عيدي الميلاد ورأس السنة. وصل عدد المغتربين والسيّاح القادمين إلى لبنان خلال الموسم السياحي الصيفي إلى مليون و600 ألف شخص، في موسم "فاق التوقعات" ووُصف بالممتاز. تتوجّه الأعين الآن إلى الموسم السياحي خلال فترة الأعياد، والأمل بمشهد قريب للموسم الصيفي ينعش القطاع السياحي الذي تكبّد أكبر الخسائر نتيجة الأزمات الصحية والاقتصادية اللبنانية.
تتضارب التقديرات عن أموال السياحة الصيفية، إلا أنّ حوالي 200 ألف لبناني يعتاشون من هذا القطاع، وباتت المواسم السياحية تشكّل استراحة للبنان من أزماته الاقتصادية. تنشط السياحة الشتوية وأبرزها التزلّج خلال فترة عيدي الميلاد ورأس السنة، إلى جانب بيوت الضيافة التي عوّضت إقفال الفنادق بعد تفجير الرابع من آب والأزمة الاقتصادية التي أرهقت المؤسسات السياحية، وخاصة الصغيرة والمتوسطة منها.
ستطلق وزارة السياحة حملة شبيهة لـ"أهلا بهالطلة" في الأسبوعين المقبلين، تشجيعاً للراغبين بالقدوم إلى لبنان، وسيُنظّم معرضان لعيد الميلاد في الفوروم والجميزة إلى جانب نشاطات أخرى. يشدد وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار في حديث مع "النهار"، على "وصول نسبة الحجوزات إلى 100 في المئة خلال الأعياد". وستطلق الوزارة نقابة بيوت الضيافة يوم الاثنين التي باتت تشهد إقبالاً كبيراً. يأمل نصار الحفاظ على الاستقرار الأمني، الذي يشكل المطلب الوحيد للقادمين إلى لبنان.
"تمّ حجز 90 في المئة من مقاعد الطائرات قبل أكثر من شهر ونصف الشهر على الأعياد، وسنحتاج إلى طائرات إضافية مع بداية شهر كانون الأول"، يقول نقيب أصحاب مكاتب السياحة والسفر جان عبود لـ"النهار". لم تعد التقلّبات السياسية تمثّل قلقاً للقادمين إلى لبنان، بل تؤدّي إلى التأخير في الحجز.
وبحسب عبود، النسبة الأكبر من الطائرات قادمة من لندن وباريس للبنانيين قادمين من الولايات المتحدة الأميركية والبرازيل ودول أميركا الجنوبية. "كما ستشهد الأعياد حركة لافتة من أستراليا، ومن الدول الأفريقية التي بات المقيمون فيها يترددون إلى لبنان كثيراً طوال أيام السنة".
في المقابل، لا يرى رئيس اتحاد النقابات السياحية بيار الأشقر في فترة الأعياد القادمة موسماً سياحياً، بل عطلة 10 أيام يستريح فيها القطاع. ويرى الأشقر أن هذه الفترة عطلة مسيحية أي إن الدول العربية مثلاً لا تسمح لموظفيها اللبنانيين بزيارة لبنان خلال هذه الفترة. لا ينتظر الاتحاد أعداداً غير طبيعية، كما أن معظم المحتفلين بعيد الميلاد يمضونه في المنازل مع العائلات.
وبحسب الأشقر، ستشهد المطاعم والمقاهي والملاهي نشاطاً ملموساً، إلا أنّ حركة الفنادق ستقتصر على ليلة أو اثنتين. "بعض المناطق كبيروت وفقرا وفاريا ستشهد نسبة تشغيل جيدة، أما على مستوى لبنان فالإفادة ستكون محدودة".
يشهد القطاع السياحي في الفترة الحالية، الواقعة بين الموسم السياحي الصيفي وموسم الأعياد، اعتماداً كبيراً على السيّاح الأردنيين والمصريين والعراقيين. كما تبرز "سياحة الأعمال" في العاصمة مع نسبة تشغيل مقبولة خصوصاً مع إعادة فتح فندق فينيسيا وانخفاض الغرف المغلقة من 2000 إلى 1500 غرفة. تختلف الحال في المناطق البعيدة عن العاصمة، خصوصاً المتوسطة والصغيرة منها، التي تقفل أبوابها لتعتمد على المؤتمرات أو الورش التدريبية فقط والتي لا تتعدّى مدتها يومين أو ثلاثة.
يرى الخبير الاقتصادي بيار الخوري أن موسم الأعياد سيكون ناجحاً استكمالاً لما شهدناه خلال فصل الصيف، كما أن اتفاق ترسيم الحدود مع إسرائيل يريح الراغبين بالقدوم إلى لبنان. "تلجأ المنشآت السياحية للاعتماد على المواسم لتستمر خلال السنة، وهذا ما شهدناه خلال الموسم السياحي الصيفي". اليوم، تعمل معظم المنشآت على التحوّل إلى الطاقة النظيفة وهو ما يخفض من الأعباء التي تتكبّدها.
ويضيف الخوري: "في بلد لا دولة راعية فيه، نرى مرونة كبيرة في التعامل مع الأزمة، في ظل سنتين من أزمة كورونا التي دمّرت القطاع السياحي أكثر من الأزمة الاقتصادية". لا علاقة بين النشاط السياحي وسعر صرف الدولار، ما دامت هذه الدولارات تخزّن أو لا تُصرف ويستمر التداول فيها بالدولار "الفريش". هذا إلى جانب الطبع الكبير للعملة، وهو ما شهدناه من خلال خسارة منصة صيرفة 10 آلاف ليرة مقابل كل دولار.
موسم سياحي واعد بانتظار لبنان، يسهم في استمرار المنشآت السياحية "واقفة على إجريها". منتجعات فاريا واللقلوق وفقرا، ومطاعم وفنادق بيروت، وأجواء السهر الليلية في جونية وجبيل، وبيوت الضيافة في الجبل... وغيرها، بانتظار القادمين إلى لبنان خلال فترة الأعياد، ما دام هذا البلد بمنأى عن "الخضّات" الأمنية و"الزعرنات" السياسية.