النهار

"يجب أن تتنفّس الأرض"... هل يمكن توقع الزلازل في لبنان؟
المصدر: النهار
"يجب أن تتنفّس الأرض"... هل يمكن توقع الزلازل في لبنان؟
من آثار الزلزال على مدينة حلب (أ ف ب).
A+   A-
في 17 آب 1999 ضرب الزلزال الأشهر دولة تركيا، وبالأمس تكرّر المشهد في زلزال مدمّر تعيشه البلاد مجدّداً، ولم تسلم من ارتداداته المنطقة بأكملها، مخلّفة مئات القتلى وآلاف الجرحى.
 
تركيا وسوريا الدولتان الأكثر تضرّراً من هذا الزلزال نتيجة وقوعه على تقاطع لأكثر من فالق جيولوجيّ وفالق رئيسيّ في شرق الأناضول وشمال البحر الميت. يتناقل البعض خبراً عن احتمال حدوث زلزال شبيه في لبنان؟ فما صحّة ذلك؟ وعلامَ تستند توقّعات مماثلة؟
 
يؤكد الباحث والأستاذ المحاضر في الجيولوجيا وعلم الزلازل في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور طوني نمر في حديثه لـ"النهار" أنّ "الفالق الموجود في جنوب تركيا متّصل بفالق البحر الميت الذي يمرّ بلبنان".
يبعد مركز الزلزل عن لبنان بحدود 320 كلم، و"شعرنا به لأنه زلزال كبير بقوة 7.7 درجات (ريختر). وتظهر الصور الدمارَ الكبير الذي تسبّب به الزلزال، مع العلم أنّ المنطقة نائية، ولا يوجد كثافة سكانيّة فيها، وإلا لكنّا شهدنا كارثة أكبر".
 
إذن الفالق ليس فالق البحر الميت لكنّه متّصل به، ممّا يمكن أن يؤثر في حركة فالق البحر الميت الممتدّ من جنوب تركيا إلى سوريا فلبنان، نزولاً صوب فلسطين والأردن.
 
 
 
وعن إمكانية حدوث زلزال أقوى؟ يشرح نمر بأنه "ليس ضرورياً أن يحدث ذلك. ولقد شهدنا زلازل بهذه القوة عبر التاريخ في لبنان، كان آخرها منذ 800 سنة. ومع ذلك، إذا حصل زلزال بهذه القوة في تركيا فلا يعني أنّه سيحدث بالقوة نفسها في لبنان. على الناس أن تأخذ احتياطاتها، وأن تعرف أننا في منطقة معرّضة، ولسنا بمنأى عن حصول هزّة أو زلزال؛ ولكن لا يمكن لأحد أن يتوقّع حدوث شيء مشابه بالقوّة والحجم الكبيرين. الشيء الإيجابي أن هناك هزات بسيطة وقليلة تحدث كلّ يوم، ممّا يساعد على تنفيس الأرض أكثر، ونأمل في أن لا تنتفس دفعة واحدة مثلما حصل في تركيا".
 
ويشير إلى أنه "لا يمكن أن نقوم بشيء اصطناعياً، وعلينا الانتظار، ولا يمكن التحكّم بعملية التنفيس. وفي حال لم تتنفّس الأرض فسنكون بخطر، وسنواجه حدثاً مشابهاً. ولكن لا يمكن لأحد أن يتنبّأ بتوقيت حدوث الأمر".
 
فوالق لبنان 
 
يُعدّ لبنان من البلدان التي تعرف نشاطاً زلزاليّاً بسبب وجود فوالق ضمن أراضيه، أبرزها فالق الشرق أو اليمونة. والفالق هو كسر في قشور الصخور الأرضية مصحوباً بحركة انزلاق للكتل المتاخمة من طبقات الصخور. وفي الآتي، نعرض لأهمّ الحقائق الموثقة حول النشاط الزلزاليّ في لبنان، والمنقولة عن رئيس مركز البحوث العلمية معين حمزة:


- شهد لبنان أعنف الهزات في العقود الماضية عام 1956، وكانت قوتها 6 درجات. حصلت على فالق روم (الجنوب) المتفرّع من فالق اليمونة، وأحدثت أضراراً كبيرة في منطقة إقليم التفاح وإقليم الخروب وفي البقاع، لكن الخسائر البشرية والأضرار كانت محصورة بالبيوت المبنيّة بالتراب. وفي عام 1997 ضربت هزة بقوة 5.8 درجات على مقياس ريختر اقتصرت أضرارها على الماديّات.


- أظهرت الدراسات التي أجريت منذ العام 2006 إلى العام 2011 وجود نشاط زلزاليّ في منطقتين في لبنان.


- المنطقة الزلزالية الأولى تمتدّ على السفح الغربي لجبل عامل جنوباً، وتوازي مجرى نهر الليطاني ومجرى نهر القاسمية ومصبّه. وقد عرفت منذ شباط 2008 نشاطاً زلزالياً وصل إلى ما يعادل األف هزّة في منطقة واحدة بين مثلّث شحور – صريفا - قعقعية الجسر. وطول الفالق في هذه المنطقة لا يزيد عن 17 كلم.


- المنطقة الثانية تمتدّ على السفح الغربي لجبل لبنان، وتبدأ من ضهر البيدر مروراً بحمانا - بحمدون، وتشمل بعض مناطق المتن الأعلى والهضاب العليا لكسروان.


- عرفت المنطقة الأولى منذ شباط 2008 نشاطاً زلزالياً وصل إلى ما يعادل ألف هزّة في منطقة واحدة بين مثلث شحور – صريفا - قعقعية الجسر، أبرزها: الهزّة في 15 شباط 2008، والتي بلغت قوّتها 5.2 درجات، وشعر بها سكّان كلّ لبنان.


- يسجّل المركز الوطني للجيوفيزياء التابع للمركز الوطني للبحوث العلمية شهرياً ما بين 45 و60 هزّة، قوة 99 في المئة منها أقلّ من 3 درجات على مقياس ريختر، ولا يشعر بها الناس.


- أعلن المركز الوطني للبحوث العلمية عن زيادة عدد مراكز رصد الزلازل منذ العام 2000 من مركز وحيد في بحنس إلى 21 مركزاً أوتوماتيكياً منتشراً في مختلف المناطق.


- لا تزال أعداد كبيرة من اللبنانيين تقيم في مبانٍ لم ترمّم منذ الستينيّات، أو أخرى حديثة البناء، لكنها لا تراعي الشروط التي وضعتها نقابة المهندسين، ومواصفات البناء المقاوم للهزّات من 6 إلى 7 درجات.
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium