كشفت ممثلة مكتب "هيئة الأمم المتحدة للمرأة" في لبنان راشيل دور-ويكس أن المرشحات للانتخابات النيابية في لبنان "يواجهن تنمرًا إلكترونيًّا" مختلفًا عن ذلك الذي يواجهه منافسوهنّ الذكور، وشدَّدت في ندوة نظّمتها الجمعية العمومية الخيرية الأرمنية (AGBU) والمعهد العربي للمرأة في الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت على أن "مشاعر عدم الأمان" التي تواجهها النساء "تثنيهنّ عن خوض غمار العمل السياسي والانتخابات".
وتناولت الندوة التي حملت عنوان "المساواة بين الجنسين والتكنولوجيا: إدماج المرأة في العالم الرقمي"، اشراك المرأة في العالم الرقمي وحقوقها ومستقبلها في هذا الفضاء.
وعرّفت مديرة المعهد العربي للمرأة ميريام صفير خلال الجلسة الافتتاحية بالمعهد الذي يحتفل هذه السنة بالذكرى الخمسين لتأسيسه. ولاحظت أن "شبكات التواصل الاجتماعي تساهم في تغيير العالم"، موضحة أن 3,5 مليارات امرأة يستخدمن الإنترنت، "ثلثهنّ يستخدمن منصات التواصل الاجتماعي". وأفادت بأن "الفجوة الحالية بين الجنسين في المجال الرقمي لا تزال تتسع في الدول النامية".
أمَّا المديرة التنفيذية لـAGBU أرين غازاريان فلاحظت في كلمتها الترحيبية أن "التكنولوجيا باتت تؤدي دورًا بالغ الأهمية في الحياة اليومية والعمل"، وأن "تحوّلات كبيرة في أساليب العمل والتواصل والتعاون بين الناس حصلت خلال مرحلة جائحة كوفيد-19 والتعافي منها". وشدَّدت على أهمية "تعزيز الترابط بين العلم والسياسات والمجتمع والدور الحيوي للنساء في تسريع التقدم نحو مستقبل أكثر استدامة"، مذكّرةً بدور AGBU تاريخيًّا في تمكين النساء وفي تعزيز دور المرأة الأرمنية منذ العام 1917.
وفي الجلسة الأولى التي حملت عنوان "الفضاء الرقمي: سيف ذو حدّين" وأدارتها الأستاذة المساعدة في الوسائط المتعددة للصحافة والإتصال (الجامعة اللبنانية الأميركية) غريتشن كينغ، لاحظ المدير التنفيذي لمنظمة "سمكس" (SMEX)، المتخصصة بالحقوق والحريات الرقمية محمد نجم أن "العنف القائم على النوع الاجتماعي شهد زيادة" في العالم الرقمي. وقال: "جميعنا نستعمل منصات على الانترنت صُمِّمت في الغرب وتنطلق منه وليست مناسبة لمنطقتنا".
أما المدير الإعلامي في مؤسسة "مهارات" حبيب عقيقي، فعرّف العنف القائم على النوع الاجتماعي في الفضاء السيبراني بأنه "أي نوع من المضايقات أو اللغة المسيئة التي تستهدف أي مجموعة في الفضاء الرقمي"، ومن مظاهره عبر الإنترنت "المضايقات، وخطاب الكراهية، والتهديدات، والترهيب، والتحيُّز ضد المرأة، والتحرش الجنسي". وأشار إلى أن النساء الصحافيات يتعرَّضن لمثل هذا العنف. وشدَّد على ضرورة "أن تضع كل منظمة خطة عمل لمواجهة العنف القائم على النوع الاجتماعي"، لافتًا إلى أن "ثمة الكثير من العمل الذي يتعيَّن القيام به في ما يتعلق بالجانب القانوني".
ورأى المدير التنفيذي لـ"مؤسسة سمير قصير" أيمن مهنا أن ثمة "تراجعًا في حرية الإعلام". وأشار إلى أن المخاطر الرقمية، كالقرصنة والبرامج الضارة والمراقبة الجماعية وسرقة الهوية والخداع وخطاب الكراهية والمضايقات عبر الإنترنت، تشكّل أحد التحديات في لبنان. وقال إن "خطاب الكراهية في لبنان يطال ثلاث فئات من بينها النساء والصحافيون".
وفي الجلسة الثانية التي أدارتها الصحافية لينا جروس من مؤسسة SEEDS، وتناولت مستقبل المرأة في العالم الرقمي، تحدثت ممثلة مكتب "هيئة الأمم المتحدة للمرأة" في لبنان راشيل دور-ويكس عن دراسات أجرتها الهيئة في شأن العنف ضد المرأة في السياسة وعن الصحافة المناهضة للعنف ضد المرأة. ولاحظت أن وسائل التواصل الاجتماعي "سيف ذو حدين، إذ توفّر فرصًا، وفي الوقت نفسه أشكالًا ومساحات جديدة للعنف ضد المرأة" ومن أبرزها "التنمّر عبر الإنترنت". ورأت أن "النساء اللواتي يحاولن دخول المعترك السياسي يعانين مشاعر عدم الأمان هذه، وهذا الأمر يمنعهنّ من الانخراط في السياسة والانتخابات". وقالت إن "المرشحات يواجهن تنمرًا إلكترونيًّا في لبنان يختلف تمامًا عمَّا يواجهه نظراؤهنّ من الذكور".
وتطرّقت الناشطة النسوية والمدافعة عن حقوق الإنسان مؤسِّسة "نظرة" للدراسات النسوية ومديرتها التنفيذية مُزن حسن إلى حالة مصر في هذا الإطار. وأشارت إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي "شكَّلت جزءًا من التعبئة ومساحة لرفع الأصوات في ما يتعلق بالقضايا التي كانت من المحرمات" و"لفضح المتحرشين" مثلًا.
أمَّا ناي الراعي التي شاركت في تأسيس موقع "مُتَعقِّب التحرُّش"، فتحدثت عن إمكانات تعقّب التحرّش عبر الإنترنت. وشرحت أن الموقع الذي يحمل اسم Harrasstracker "منصة على الإنترنت تتيح الإبلاغ من دون اسم عن التحرش الجنسي في لبنان"، و"تحارب تطبيع التحرش الجنسي". وأشارت إلى أن المبادرة تسعى إلى "إنشاء مساءلة جماعية حول التحرش الجنسي" و"تفعيل البيانات لإحداث تغيير (...) ملموس". وشدَّدت على أهمية "استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي كمنصة لفضح المتحرشين والمؤسسات" التي تشهد هذه الممارسات.