النهار

خطر بيئي في جزين ولا معالجات رسمية... مياه الصرف الصحيّ تصبّ في الشلالات!
المصدر: "النهار"
خطر بيئي في جزين ولا معالجات رسمية... مياه الصرف الصحيّ تصبّ في الشلالات!
شلالات جزين.
A+   A-
أحمد منتش

في بلد تناوبَ فيه رموز السّلطة وحكّامه منذ عقود طويلة على نهب خزينة الدولة وإفلاسها، وجعله بلداً مديوناً، تتوالد وتتفاقم فيه المشكلات والأزمات والفضائح، لم يعد الحديث مستغرباً عن فضيحة لها سنوات في جزين، مدينة الاصطياف وعروس الشلال، التي أنعم عليها الخالق بطبيعة خلابة، وبمياه عذبة تنساب من عدّة ينابيع طوال السنة في الصيف كما في الشتاء.

هذه المدينة المميّزة بموقعها ومُناخها وطبيعتها وأهلها تتحمّل منذ فترة كارثة بيئيّة وصحيّة، تظهر آثارها مع بدء فصل الصيف من كلّ عام، حين تنتشر الروائح الكريهة الصادرة عن مياه الصرف الصحيّ، التي تصبّ في أسفل الشلال، وتتجمّع في مياه النهر، وتتدفّق نزولاً نحو وادي جزين وبكاسين والغباطية، وصولاً إلى نهر بسري، من دون أيّ معالجة من الوزارات المعنية، خصوصاً وزارتي الطاقة والبيئة، فضلاً عن البلديات، فيما الحلّ يتمثّل بإنشاء محطّة لتكرير مياه الصرف الصحيّ لجزين وقراها المجاورة.

لن نسكت، وعلى القضاء أن يتحرك
الناشط البيئي وعضو هيئة حماية مرج بسري المهندس كريم سليمان كنعان، الذي يتابع منذ سنوات مع مجموعة من الناشطين البيئيّين الموضوع مع الجهات المعنيّة، رافق "النهار" في جولة ميدانية في جزين ومحيط شلالها، وقال: "كناشطين بيئيّين وأبناء لهذه المدينة الغالية، والتي نعتبرها جنّة على الأرض، لم نألُ جهداً من أجل وضع حدّ لهذه الفضيحة أو الكارثة البيئيّة والصحيّة التي تهدّد صحّة الناس والطبيعة، وتلوِّث المياه، وتؤثِر على السياحة، وتظهر آثارها السلبيّة من خلال انتشار الروائح الكريهة مع بداية فصل الصيف، حين تجفّ مياه الشلال والنهر على عكس فصل الشتاء".
يُضيف كنعان: "أجرينا الاتصالات مع كلّ الجهات المسؤولة في المنطقة وفي البلد تقريباً، بدءاً من البلدية، إلى المخفر، إلى القائم مقام، إلى وزارات الطاقة والصحّة والبيئة، بهدف فصل مياه المجارير عن مصبّ مياه الشلال، والعمل على إيجاد مكان بديل"، معتبراً أن "الحلّ الأنسب والمستدام يكون ببناء محطة لتكرير مياه الصرف الصحيّ، علماً بأن إنشاء مثل هذه المحطّة تقرّر قبل سنوات مع بداية مشروع بناء سدّ بسري، من خلال قرض من البنك الإسلامي للتنمية غير أنّ المشروع توقّف".

واقترح كنعان أن يُصار إلى ربط شبكة مياه الصرف الصحي بمحطة التكرير في روم، في الوقت الذي أثنى على موقف القائم مقام يحيى حميدي صقر، الذي وجّه كتاباً عاجلاً إلى رئيس بلدية جزين، يطلب فيه إيجاد حلّ سريع، وغير مكلف، لفصل مياه الصرف الصحي عن مياه مجرى النهر، منعاً لتفاقم الضرر الصحيّ والبيئيّ على السكّان والأهالي المقيمين قرب الشلال والنهر، محمّلاً البلدية المسؤولية عن التقاعس في إجراء المقتضى.

كنعان استغرب كلام رئيس البلدية بأن معالجة مياه الصرف الصحيّ ليست من مسؤولية البلدية وإنما من مسؤولية وزارة الطاقة قائلاً: "الصحيح أيضاً أن رئيس البلدية يتحمّل مسؤوليّة الحفاظ على حياة الناس ورفع أيّ ضرر قد يقع عليهم".
رئيس بلدية جزين، ورئيس اتحاد بلديات جزين والقضاء، يقرّ بالمشكلة، ويقول: "إنّه منذ تسلّمه مهامه في العام 2010 بذل كلّ جهد ممكن من أجل إيجاد حلّ لمشكلة مياه الصرف الصحيّ على الرغم من أن هذه المسؤولية تقع على عاتق وزارة الطاقة".

وأضاف: "استطعنا من خلال هبة فرنسية إعداد مخطط توجيهي، وافقت عليه وزارة الطاقة ومجلس الإنماء والإعمار؛ وهناك مشروع جاهز لبناء محطة تكرير في وادي الغباطية قرب بكاسين من خلال قرض البنك الإسلامي للتنمية الذي تتمّ معالجته مع مجلس الإنماء والإعمار، لكنّ المشروع توقّف لأكثر من سبب".

النائب سعيد الأسمر، اعتبر تدفّق مياه المجارير من جزين وعين مجدلين أسفل شلال جزين، ومن دون أيّ معالجة، هو كارثة بيئيّة كبيرة جداً، عمرها عشرات السنين، وقال لـ"النهار": "شلال جزين، وبيئة جزين التي نتغنّى بها بخطر داهم"، متّهماً النواب السّابقين وبعض رؤساء البلديات بعدم تحمّل كامل مسؤوليّاتهم وإهمالهم متابعة مشروع بناء محطة التكرير. وأكّد حرصه وسعيه لمتابعة الموضوع مع المعنيّين كافة من أجل بناء محطّات تكرير لمياه الصّرف الصحيّ، حتى ولو لم تتوافر لدينا مشاعات في جزين لبناء مثل هذه المحطات، إذ يمكن للبلدية اللجوء إلى قانون الاستملاكات فتُحلّ مشكلة الأرض"، مشدّداً على أنّ الموضوع مهمّ جدّاً، ولا يتحمّل أيّ تأخير؛ فالبيئة والسياحة والشلال هي من الركائز الأساسية التي تعتمد عليها جزين والجوار.

واستغرب الأسمر ربط مشروع بناء محطة التكرير بمشروع بناء سدّ بسري، متسائلاً: "إذا ما في سدّ ما في محطة تكرير؟". وقال: "هذا الأمر لا يجوز، ولن نقبل به بعد اليوم، وسنتابع الموضوع حتى النهاية، ولن نقبل أن تبقى المجارير فلتانة في مياه عروسة الشلال".



 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium