زحمة خانقة وفوضى وأصوات تتعالى تصل إلى حدّ الصراخ، نتيجة قرف المواطنين من الانتظار الطويل في الحرّ، وعدم انتظام أدوار المراجعين في النافعة. فالداخل مخضوض والخارج مهدود.
فبعد إضراب موظّفي القطاع العام الذي نُفّذ في أوائل الصيف، ومن بينهم موظّفو النافعة، فتحت الدائرة أبوابها أمام المراجعين في الأسابيع القليلة الماضية، لثلاثة أيام في الأسبوع، نظراً للشحّ في مستلزمات القرطاسية لإنجاز المعاملات، والشحّ في المازوت.
لكن حالياً تفتح النافعة يوم الأربعاء فقط لإنجاز المعاملات ويوم الخميس للكشف على السيارات. وقد أدّى التقنين في فتح أبواب هيئة تسجيل السيارات والآليّات (النافعة)، إلى زحمة خانقة في أرجائها.
وعن توفّر المستلزمات لإنجاز المعاملات وتيسير المراجعين بعد إقفال طويل، تقول المديرة العامّة للنافعة، المهندسة هدى سلوم لـ"النهار"، إنّه كان لدى الإدارة كمّية ضئيلة من الدفاتر لكي تعاود الانطلاق بالعمل، "لكن الآن، نعاني شحّاً في هذه المستلزمات، لذلك قلّصنا عدد أيام المراجعات من 3 أيام إلى يوم واحد".
وحتى إنّ الهيئة شهدت شحّاً في المازوت، وفرغت مولّداتها من المادة الأسبوع الماضي، وعاودت تشغيلها من خلال استحصالها على هبة من المازوت. وتنتظر موافقة وزارة المالية لشراء المازوت لمواصلة العمل.
تصوير حسام شبارو
كذلك لا يأتي جميع الموظفين إلى الدوام، ولم يتقاضوا المساعدات الاجتماعية التي أُقرّت للقطاع العام، عن النصف الأول من العام، ولا مساعدات الشهرين الأخيرين من العام الفائت، لذلك "الوضع بالويل، ونتفهّم تململ الناس، ونحاول تيسير أمورهم قدر الإمكان"، بحسب سلّوم.
وبرغم السعي إلى تلبية أكبر عدد ممكن من المعاملات، وإعطاء الأولوية للملحّة منها، وفق سلّوم، "هناك عدد كبير من الناس المضطرّين إلى إتمام معاملاتهم، لذلك، التنظيم ليوم واحد أمر صعب جداً". وفي محاولة لتنظيم الزحمة، وُزّعت أرقام لحملة طلبات الأرقام المميّزة، لكن اليوم لم تُوزَّع أرقام جديدة، ومَن كان لديه رقم من الأسبوع الماضي سُهّلت معاملته اليوم.
مدّدت الدائرة دوام العمل حتى الثامنة مساءً، إذ عند الخامسة تُقفل أبوابها، ويبقى الموظفون لإنجاز المعاملات بعد هذا الوقت. وسيتستمرّ هذا الوضع، وفق سلّوم، "ما لم تُحلّ مشكلة المستلزمات، ونجد أنفسنا مضطرّن لأن نقنّن بما لدينا من دفاتر". فالشركة المورِّدة لهذه المستلزمات، لا تزال تتقاضى مستحقّاتها على سعر 1500 ليرة، والتفاوض مستمرّ معها.
تصوير حسام شبارو
في قسم رخص السوق، يتكدّس الناس وقوفاً وجلوساً على الكراسي... وعلى الأرض، بسبب العدد الهائل من الناس الذي لا تكفيه الكراسي. إحدى السيدات الجالسات، يظهر على وجهها التعب والمعاناة، تخبر "النهار" أنّها ممرّضة، و"أتيت من دوامي الليلي في المستشفى وأنتظر من الساعة السابعة صباحاً. نحن نُذلّ". هي سيدة في أواخر الخمسين، لا تنتظر فقط "فرج" تجديد رخصة سوقها التي انتهت صلاحيتها قبل شهر، بل تنتظر فرج هذا البلد بحسرة.
وتعبّر السيدة بغضب "أنتقل من مكتب إلى آخر وسط الزحمة والخنقة، وحالياً رقمي 3587 ولا يزال الرقم الذي وصل إليه المراجعون 3314، ولدى وصولك إلى الصندوق، ينقطع التيّار الكهربائي أو أنّ الموظف يتناول قهوته، الحال مزرية جداً، والناس ينتظرون ويُذلّون، بسب فتح الدائرة أبوابها ليوم واحد فقط، لكنّني مضطرّة لأن أنتظر طيلة اليوم".
تصوير حسام شبارو
أحد المنتظرين في "طابور النافعة"، يروي أنّه يقف منذ حوالي ساعتين ونصف بانتظار دوره لمعاملة فك رهن سيارة، "الناس فوق بعضها وأكثر من هيك بهدلة ما في، فإمّا أن تفتح الدائرة كما يجب طيلة الأسبوع وإمّا أن تُقفل نهائياً".
كذلك، رجل يرغب في إيصال صوته. ويسرد أنّه أتى إلى النافعة عند السابعة صباحاً من راشيا، ويتحدّث عن التجاوزات التي شاهدها في "تمرير أشخاص قبل آخرين ونحن واقفون أمامه، هذا تعامل غير جيّد".
تصوير حسام شبارو
تصوير حسام شبارو
تصوير حسام شبارو
تصوير حسام شبارو
تصوير حسام شبارو