عكار - ميشال حلاق
شكّل إعلان وزارة السياحة أنّها "حصلت على موافقة بتخصيص جزء من عقار الدولة في منطقة القبيات لمصلحة الوزارة بهدف إقامة مشروع سياحي - ديني، يُعيد وضع منطقة القبيّات وشمال لبنان على الخريطة السياحيّة، المحليّة والدوليّة، مفاجأة بالنسبة لأبناء القبيات والجوار، لجهة أهمية المشروع وما سيشكّله من فضاءات إيجابية على صعيد تفعيل وتنشيط السياحة ودورة الحياة الاقتصادية في هذه المنطقة الريفية.
وبعد أن رعى وزير السياحة، قبل نحو 3 أشهر، حفل افتتاح أول مكتب سياحيّ في عكار، مركزه بلدية القبيات لتشجيع السياحة الريفية والبيئية في المنطقة، بدأ المشروع الجديد بإثارة سلسلة من التساؤلات لدى العديد من أبناء البلدة، خصوصاً الناشطين البيئين في القبيات وعكار، لجهة جدوى إنشاء مشروع سياحي - ديني في إحدى غابات هذه البلدة، التي تتميّز بحضور عشرات المعابد والكنائس والمواقع الدينية الأثرية والتراثية القديمة المعروفة جداً، والتي يزورها سنوياً آلالاف من السيّاح اللبنانيين والعرب والأجانب، وجلّها وسط ببيئة طبيعيّة في غاية الجمال والروعة، وتُشكّل بيئة حاضنة مثلى لإتمام مشروع مماثل.
وتركّزت الأسئلة المحاطة بالشكوك حول الدافع الذي حتّم على وزارة السياحة، بشكل خاصّ، إقرار وتبنّي هذا المشروع في هذا الوقت بالذات، وفي هذا الموقع تحديداً، وسط غابة تلة العلية المشرفة على البلدة، حيث لا يوجد أيّ موقع دينيّ فيه.
وعلى الرغم من عدم توفر تفاصيل عن هذا المشروع السياحي الحيوي، الذي لا يزال مبهماً، ثمة سؤال عن دور ورأي وزارتي الزراعة والبيئة المعنيّتين بحماية الثروات الطبيعية، خصوصاً الغطاء الحرجيّ في هذه المنطقة، التي تعرضت لمخاطر كبيرة على مدى السنوات الماضية، لا سيّما في السنتين الماضيتين، حرقاً وقطعاً واستباحة عمرانيّة.
رئيس بلدية القبيات عبده عبده أكد بأن لا علم للبلدية بهذا المشروع ولا بموقعه، ولم يؤخذ برأيها فيه، وقال: "علمنا به من خلال وسائل الإعلام، وليس لنا علم بتفاصيله ولا بالموقع المختار له، ولذا لا يمكننا إبداء الرأي به قبل تبيان كامل التفاصيل المتّصلة به، مع أننا مع أيّ مشروع سياحيّ يحدث نقلة نوعيّة في هذه المنطقة المحرومة. وحين تتوفر لنا التفاصيل، وفق الأصول، نبني على الشيء مقتضاه".
من جهته، وجّه مجلس البيئة في القبيات - عكار رسالة مفتوحة إلى وزير السياحة المهندس وليد نصّار جاء فيها: "إن مجلس البيئة - القبيات يستهجن طلبكم رقم ١/١٠٨٤ المقدّم من جانبكم إلى وزير المالية، بتاريخ ١ أيلول ٢٠٢٢، بهدف تخصيص قسم من العقار رقم ٣٤٩٨، الذي يقع في غابة تلة العليّة المطلّة على أحياء القبيات السكنية، لمصلحة وزارة السياحة، لإقامة "مشروع سياحي ديني لا مماثل له في العالم!".
أضاف: "كما أننا نتفاجئ بهذا الخبر الذي نشرته وزارة السياحة. فمنذ متى تقرّر الوزارات هكذا مشاريع في غابات ملك الجمهورية اللبنانية، وفي خراج بلدة ما من دون الرجوع إلى أهالي البلدة وبلديتها ومرجعيّاتها المدنية والدينية لعرض المشروع عليهم، وهو مشروع ما زال سرّياً، وأخذ موافقتهم من بعد إقامة دراسة الأثر البيئي والجدوى من المشروع الباهظ التكاليف، والذي ستقوم به وزارة السياحة ودولتنا لا تملك فلساً؟".
وتابع البيان: "مع كل التقدير الذي نكنّه لجهودكم الهادفة إلى دعم السياحة في كل أرجاء الوطن، نتمنى على معاليكم عرض المشروع على الناس ومناقشته معهم كمرحلة أولى قبل العمل على تخصيص أجزاء من غاباتنا التي عانت الأمرّين من جراء الحرائق والقطع والزحف العمراني".