يُفترض ابتداءً من اليوم الإثنين، أن تُستأنف الدراسة في المدارس والثانويات الرسمية، إلا أن الفوضى دبت في قطاعات المعلمين وسط خلافات داخل الرابطات وبين فئات المتعاقدين، منهم من دعا إلى الإضراب ومقاطعة التعليم رداً على ما اعتبروه إهانة الخمسة دولارات التي قررها وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي دعماً للإنتاجية، وادى ذلك إلى استقالات وتحركات من بعض الأساتذة ضد الرابطات مطالبين بخطوات تصعيدية، فيما قرر المتعاقدون الإضراب والمقاطعة.
ترافقت الفوضى في قطاعات المعلمين التي عززتها انقسامات بين فئاتهم، مع حملات ضد وزارة التربية رفضاً لدعم الانتاجية بخمسة دولارات، وهو الامر الذي أوضحه الحلبي في بيان شامل أمس، أكد فيه أن مبلغ الخمسة دولارات يومياً لا يساوي شيئا تجاه القيمة الكبيرة لعطاءات أفراد الهيئة التعليمية والإدارية، لكنه بمثابة إحداث ثغرة في الجدار الدولي المسدود، وبالتالي لا مشكلة لدى وزارة التربية بأن تصرف النظر عن هذا الموضوع وتسحبه من التداول، إذا تبلغت رفض الأساتذة لهذا الدعم، مع الإشارة إلى ان المجموع الشهري له يفوق بقيمته مبلغ التسعين دولارا الذي تقاضاه المعلمون السنة الدراسية الماضية. وترافق التوضيح مع دعوة وزارة التربية، الأساتذة للعودة الى التعليم لاستكمال السنة الدراسية وتحمل مسؤولياتهم لحماية التعليم الرسمي.
وكانت رابطات الثانوي والاساسي والمهني والتقني أعلنت العودة إلى التعليم في بيان بعد اجتماعها السبت الماضي وقررت "العودة الموقتة إلى التدريس لمحاولة صون ما تبقى من التعليم الرسمي، ودعت في المقابل الى الاعتصام المركزي أمام وزارة التربية يوم الأربعاء المقبل تعبيراً "عن رفض الإهانة التي لحقت بالأساتذة والمعلمين.
واعتبرت الرابطات أن "أية حوافز أو عطاءات أو "رويتبات" او تقدمات هي عملية ترقيع، والحل الوحيد هو سلسلة رواتب جديدة تعيد الحياة الكريمة للأستاذ والمعلم والموظف.
لكن عدداً من الأساتذة أعلنوا رفضهم لتوصية الرابطات في ظل الظروف الحالية، وذلك عبر حملات منظمة على وسائل التواصل الاجتماعي استهدفت أعضاء هيئة رابطة الثانوي خصوصاً، فأعلنت رئيسة الرابطة ملوك محرز الاستقالة واصدرت بياناً اعتبرت فيه أن "العمل النقابي هو أن تسعى لحفظ كامل مكونات القطاع التربوي من اساتذة ومعلمين و تلامذة وسيرورة مناهج... أما في لبنان وفي ظل الانهيار المالي والاقتصادي لكل مرافق وقطاعات الدولة سببه سلوك سياسي أقل ما يقال فيه انه عهر معطوف على شبكة محاصصات ومؤامرات مصحوبة بنكايات ونكد أودى بالبلاد الى شفير جهنم وأكثر".
وبينما يعود أساتذة الثانوي والاساسي إلى المدارس، ظهرت بيانات لاساتذة في عدد من المناطق، خصوصاً في جبل لبنان تدعو إلى اقفال المدارس والثانويات. إلا أن وزارة التربية حذرت من مغبة إثارة الفوضى في التعليم داعية إلى التحاق الأساتذة بمدارسهم. وفي المقابل أعلن المتعاقدون بمختلف مسمياتهم الإضراب رفضاً لمبلغ الخمسة دولارات مطالبين بالعقد الكامل وصرف بدلات النقل لهم، وهي التي تحتاج إلى مرسوم من الحكومة. وقد أوضحت مصادر في وزارة التربية أن التقدمات للمتعاقدين من رفع أجر الساعة وبدل النقل الذي يعمل وزير التربية على تأمين صرفه من خلال الاتصالات برئيس الحكومة ووزارة المال، والحوافز ايضاً، أمنت لهم نوعاً من الاستقرار إلى حين حسم أوضاعهم، وأكدت أن بعض المتعاقدين يتلقون أجراً عن ساعاتهم تبلغ أكثر من 20 مليون ليرة شهرياً، بعد رفع أجر ساعة الأساسي إلى 100 ألف ليرة والثانوي 180 ألفاً، مستغربة اللجوء إلى الإضراب.
وأصدر المكتب الاعلامي لوزير التربية بياناً أمس، قال فيه إن كل المحاولات التي تضع الأساتذة في مواجهة وزارة التربية لن تجدي نفعاً وستبوء بالفشل، طالما أن الأولوية هي لضمان الحق في العيش الكريم لهم، وتحسين قدرتهم المعيشية بالحد الأدنى ليتمكنوا من القيام بوظيفتهم وتأدية رسالتهم، وهي إذ تشعر بحجم الأزمة تدعو المعلمين إلى تحمل مسؤولياتهم ومساعدة الوزارة في جهودها لإنقاذ المدرسة الرسمية.
وأوضح البيان أن القرار الذي اتخذته وزارة التربية بدعم الإنتاجية عبر دفع مبلغ خمسة دولارات أميركية عن كل يوم حضور وتدريس في المدارس والثانويات والمهنيات الرسمية، هدفه التعويض ولو جزئياً عن مبلغ الـ130 دولاراً الشهري إلى حين إقناع الجهات المانحة بتوفير الدعم مجدداً لقطاع التربية. واعتبرت أن الضجة التي أثيرت والحملات التي يشنها البعض، والتحرك تحت عنوان الانتفاض للكرامة، لا مبرر لها، ولا تنال من صدقية الوزارة وتوجهات وزيرها الذي يعمل على تأمين الدعم عبر تكثيف الاتصالات مع الجهات المانحة.
وأكد أنه في ضوء الحملات التي تستهدف التربية في شكل مباشر وتسعى إلى إلغاء ما أنجزته في العام الماضي، فإن وزارة التربية مستمرة بعملها وسياستها الثابتة في حماية التعليم الرسمي وصون المدارس والثانويات والمهنيات، وهي بقدر ما تعمل على تحسين أوضاع الأساتذة لإيقاف النزف في القطاع، لن تثنيها الحملات ولن تألو جهداً في المتابعة ومحاسبة كل من يسعى إلى ضرب القطاع وإضعافه أو اسقاط المدرسة الرسمية والتعليم.