النهار

"كل لقمة بلقمة" في زحلة... مبادرة لا تثقل وتطعم محتاجاً
دانيال خياط
المصدر: "النهار"
"كل لقمة بلقمة" في زحلة... مبادرة لا تثقل وتطعم محتاجاً
صورة من المبادرة.
A+   A-
ماذا لو كانت الفاتورة التي تدفعها في مطعم، هي ثمن وجبة لك ولغيرك، من دون أن تتكبد تسديد الحساب عن هذا الآخر، الذي ستشاركه اللقمة من دون أن يمسّ طبقك؟  
 
"كل لقمة بلقمة" هي الغاية التي أنشىء لأجلها مطعم  Resto Saint Nicolas في زحلة، بمبادرة من جمعية "السامري الشفوق" وبمباركة راعي أبرشية زحلة وبعلبك للروم الارثوذكس المتروبوليت أنطوان الصوري، الرئيس الروحي للجمعية، بحيث تعود عائدات المطعم لتمويل وجبات مجانية، إلى جانب خدمات أخرى لمن غدرت بهم الأزمة، وتتيح للجميع المشاركة بهذه "العونة" الاجتماعية، كلٌ بحسب قدرته، من مأدبة إلى طبق، وصولاً إلى فنجان قهوة. فكل فاتورة تسهم بتغذية صندوق المطعم الخيري، من دون أن يتكبد أحد أعباء إضافية في زمن جائر على معظم الشرائح الاجتماعية.   
 
 
ولدت فكرة المطعم الخيري من رحم الأزمة الاقتصادية التي بات معها التكافل الاجتماعي رافعة تقي شرائح اجتماعية، بات مدخولها يعادل فاتورة الكهرباء، من الانسحاق. إلا أنها قاربت مفهوم العمل الخيري، من منطلق عدم التعويل فقط على التبرعات، بل من باب إيجاد مصدر تمويل ذاتي، بحيث يتم تقديم خدمة مدفوعة لحساب العمل الخيري. 
 
خلف الفكرة مجموعة من الزحليين والزحليات، رغبوا بعد أن انتهت ولاية خدمتهم في لجنة العمل الإجتماعي في رعية مار نقولا - زحلة، بأن يستمروا في العمل الإجتماعي - الإنساني ويتوسعوا به الى أبعد من العمل الراعوي، فكانت جمعية "السامري الشفوق" وفكرة المطعم، مستفيدين من خبرة أحد أفراد المجموعة في هذا القطاع، على ما يروي لنا رئيس الجمعية نقولا القرعوني. ويضيف بأن راعي الأبرشية المطران أنطونيوس الصوري أبرز الداعمين، فقدم للجمعية الطبقة الأرضية من المبنى الذي تملكه المطرانية مقابل مقرّها في حيّ الميدان بزحلة، وبمساعدة المحسنين جرى تحويلها إلى مطعم مع صالة مغلقة وأخرى في الهواء الطلق. يستقبل المطعم الرواد، كل أيام الأسبوع، مقدماً قائمة طعام متنوعة بين الأجنبي والعربي، مع تنوّع أكبر في الأطباق الأجنبية ومنها الخاصة بالمطعم، إلى جانب باقي خدمات المقهى. كما يقدم خدمة المآدب للحفلات، وجلسات التدريب، ويخصص ليلة الجمعة لـ Karaoke والسبت ليلة راقصة، تنويعاً للنشاطات وإستقطاباً للزبائن. 
 
الدور الاجتماعي الآخر الذي يلعبه المطعم الخيري هو توفير 12 فرصة عمل لموظفين بين المطبخ وخدمة الصالات والمحاسبة، مع الحاجة إلى مزيد من النُدَّل في موسم الصيف. وهنا يلفت التناقض الذي يشوب المجتمع اللبناني، ويبرز في افتقار قطاع المطاعم والفنادق إلى يدٍ عاملة محلية، في وقت تنوء عائلات تحت أعباء متطلبات الحياة اليومية في ظل محدودية مداخيلها أو غيابها. يتولى الإشراف على المطعم تطوعاً كل من أعضاء الجمعية نقولا القرعوني، طوني التيني وأوجيني نبهان، يقسّمون الأوقات في ما بينهم، بما يتوافق مع واجباتهم العائلية وأشغالهم الخاصة، يعاونهم أفراد من عائلاتهم عند الحاجة "لأن العطاء جميل" كما تقول أوجيني، التي تعمل مدرّسة والتي حضرت إلى المطعم في الوقت المستقطع ما بين انتقالها بين المدرستين اللتين تدرّس فيهما، للإشراف على لوائح توزيع الطبق الأسبوعي.   
 
 
فقد انضم المطعم الخيري، منذ مطلع السنة الى خدمة الوجبة الساخنة التي أرساها "اتحاد الجمعيات في زحلة"، قبل نحو 3 سنوات، والقائمة على توزيع وجبات غداء مطبوخة على عائلات وأفراد من ذوي الحاجات الصحية والمادية والحالات الإجتماعية. فبات "مطعم المحبة" التابع للاتحاد يغطي يومي الاثنين والجمعة، ويعدّ مطعم "مار نقولا" 405 وجبات كل يوم أربعاء: 324 طبقاً يوزعها الاتحاد، فيما تتولى الجمعية توزيع ما تبقى من الأطباق.  
 
ككل أربعاء، ينشط طاهي المطعم أغيد صالح ومعاونته دنيا شمعون منذ السابعة صباحاً، بإعداد الوجبة الأسبوعية. وجبة الأربعاء الفائت كانت دجاج مع الأرز واللحمة، وسلطة. مع بدء تسرب رائحة تشقّ القلب، التاسعة من قبل الظهر، كانت السيدات المتطوعات في لجنة "حاملات الطيب" التابعة للأبرشية، قد بدأن بالتوافد والانضمام إلى متطوعي ومتطوعات جمعية "السامري الشفوق" و"اتحاد جمعيات زحلة". كخلية نحل، تتوزع المهام، وتتقاطع الأيدي في توضيب الطبقين البارد والساخن، ومن ثم توزيعها حصصاً، وقد أضيف إليها الأسبوع الفائت قطعة cake تقدمة من أحد المتبرعين. الحادية عشرة، كانت الوجبات في طريقها، مع سائقي الاتحاد، إلى عناوين المنازل الموزعة على 5 خطوط وصولاً إلى تعلبايا. في الوقت نفسه، كان يحضر أفراد إلى المطعم لتسلّم وجباتهم، لتبلغ الوجبات بلدة عيتا الفخار في قضاء راشيا، التي حضر كاهن رعيتها لاستلامها وإيصالها. 
 
بعد ذلك تُستأنف التحضيرات في المطبخ وصالة المطعم لاستقبال الرواد الذين سيموّلون الوجبة التالية.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium