لا تزال قضيّة تسجيل إصابتين بالكوليرا المكتشفة في محافظة عكار تثير قلق أبناء المنطقة ومخيّمات النّازحين السوريّين، حيث تفتقر أماكن سكنهم إلى أدنى المقوّمات الصحيّة المطلوبة، وسط الانقطاع الدّائم للكهرباء والمياه، ممّا يؤثر سلباً في حفظ الأطعمة، لا سيّما مع قلّة توافر المعقّمات ووسائل وأدوات التّنظيف.
وتبذل الجهات الصحيّة الرسميّة والخاصة جهداً مضاعفاً استعداداً، وخوفاً من تفشّي الوباء على غرار ما هو حاصل في سوريا، خاصّة أنّ عكّار منطقة حدوديّة، وعلى تماس مباشر مع الجانب السّوري، حيث يسجّل ارتفاع يوميّ في عدّاد مصابي الكوليرا.
وثمّة تخوّف بفعل حركة الانتقال الدّائمة للسوريّين ذهاباً وإياباً، وإدخال كميّات كبيرة من الخضراوات والبضائع والماعز والأغنام السوريّة إلى الدّاخل اللّبناني من دون اتّخاذ أيّة إجراءات صحيّة، أقلّه على المعابر الشرعيّة الحدوديّة بين البلدين، لمواجهة تحدّيات تفشّي الكوليرا.
وحتى الآن هناك حالتان مثبّتتان فقط بإصابتهما بالكوليرا، في حين أنّ عيّنات لأكثر من 35 شخصاً قد أُرسلت إلى مختبرات وزارة الصحّة في بيروت لتبيان ما إذا كانت إصابات كوليرا أم لا، بما في ذلك عينة الطّفل السّوري الذي توفِيَ بالأمس في مستشفى حلبا الحكومي، وكان قد أُدخل قبل أربعة أيّام لمعاناته من مشكلات صحيّة عدّة، منها الإسهال.
وفي سياق المتابعة والمعالجات الاحتياطيّة عُلِمَ أنّ وزير الصحّة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض، سيزور غداً الأحد مستشفى الدّكتور عبدالله الراسي الحكومي في حلبا للاطّلاع على الواقع الميداني وجهوزيّة المستشفى واحتياجاتها والبروتوكول المعتمد لمواجهة هذه الأزمة الطارئة.
من جهته، أكّد محافظ عكّار عماد اللّبكي أنّ "حالات الكوليرا التي تمّ تأكيدها حتى الآن اثنتان، رجل خمسيني في مخيّم النّازحين السوريّين في بحنين-المنية، وهو قيد المعالجة في مستشفى الدكتور عبدالله الراسي الحكومي في حلبا، وحالته مستقرّة، وممرّضة لبنانيّة كانت على تماس مباشر مع حالة المريض السّوري قبل التثبّت من إصابته بالكوليرا، وهي أيضاً قيد المتابعة المنزلية مع عائلتها".
أضاف اللّبكي: "هناك حالتان إضافيّتان مشتبه بهما في مخيّمَي اللّجوء في بلدتيّ حلبا وكفرحرة، تمّ أخذ عيّنات من كليهما لتبيان ما إذا كانا مصابين بالكوليرا أم لا".
وأكّد أنّ "نتائج الفحوص المخبرية للطّفل السّوري الذي توفي في مستشفى حلبا لم تظهر بعد، وهي تتمّ في مختبرات وزارة الصحّة في بيروت لتبيان ما إذا كانت الكوليرا هي سبب وفاته أم لا".
وبانتظار نتائج كلّ الفحوص المخبريّة التي تُجرى على المرضى المحتملين والدّائرة الضيّقة للمحيطين بهم، سيُبنى على الشيء المقتضى الصحّي المطلوب بإشراف وزارة الصّحة وبالتنسيق مع منظّمة الصحّة العالميّة واليونيسف ومنظّمة الأمم المتّحدة لشؤون اللّاجئين UNHCR، حيث تمّ اتّخاذ التّدابير والإجراءات الطارئة لا سيّما الجهوزيّة الصحيّة المؤمّنة في مستشفى الدكتور عبدالله الراسي الحكومي، والأمور حتى الآن تحت السيطرة.
وتمنى المحافظ اللبكي على وزارة التربية وإدارات المدارس الخاصّة "التشدّد في تعقيم المياه في داخل المدارس، والتنظيف الدوري الدائم للحمّامات، ومراقبة التلامذة والإفادة عن أية حالة مشتبه فيها، وتوفير الإرشادات التوعويّة الصحيّة بما يضمن عدم الوقوع في المحظور مع بدء العام الدّراسي".
من جهته، أكّد مدير مستشفى الدكتور عبدالله الرّاسي الحكومي في حلبا محمد خضرين أنّ "المستشفى بجهوزية تامّة بالتنسيق والمتابعة الدائمين مع وزارة الصحّة، وورشات التوعية للجهاز الإداري والتّمريضي والطبّي في المستشفى قائمة لمواجهة هذا التحدّي المستجد".
إلى ذلك، عرّد رئيس حزب القوات اللبنانية عبر "تويتر"، قائلاً: "المطلوب من الحكومة، وبالأخص وزير الصحة اتّخاذ الإجراءات اللازمة لمنع انتشار الكوليرا في لبنان، لاسيما بعدما تبيّن انتشارها في سوريا. يجب فرض تدابير صارمة على الحدود وتدابير أخرى على مستوى الإدارات المركزية المعنية والبلديات".
ويقوم وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض ورئيس لجنة الصحة النيابية النائب الدكتور بلال عبدالله بجولة يوم غد الأحد عند الساعة الثامنة صباحاً، للاطلاع ميدانياً على الوضع الوبائي والإجراءات المتخذة للاستجابة لتفشي الكوليرا والتهاب الكبد الوبائي في محافظتي الشمال وعكار، لتقييم الوضع وتحديد الاحتياجات، حيث يرافق وزير الصحة في هذه الجولة ممثلون عن منظمة الصحة العالمية ومفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين في لبنان و"اليونيسف" وفريق من الاختصاصيين في وزارة الصحة.
وستشمل جولة الأبيض والوفد المرافق له، زيارة لمحطة معالجة المياه المبتذلة في طرابلس، ومصلحة مياه لبنان الشمالي- بحصاص، وببنين لزيارة مخيم الريحانية، ومستشفى حلبا الحكومي، والسرايا الحكومية في عكار للقاء رؤساء اتحاد البلديات وفاعليات المنطقة، ونبع سير الضنية، ومستشفى سير الضنية الحكومي.