من مجال البحث العلمي إلى التخصّص بالسلوك البشري. رحلة استثنائية قطعها خالد غطاس فاكتشف فيها ذاته والآخر. كان للمرأة دور في حياته لا ينكره، كذلك الحب والعلاقات البشرية. وفي حديثه الصريح والشفاف مع رئيسة مجموعة "النهار" الإعلامية نايلة تويني، يغوص في تجاربه ويشاركها مع المشاهد.
نعود إلى طفولته والمراهقة فالبلوغ. "هل الإنسان مخيّر أم مسيّر؟"، سؤال يُجيب عنه انطلاقاً من تجاربه، هو الذي غيّر مسار حياته بصورة جذريّة، وانطلق باحثاً في أعماق النفس عن محرّك الإنسان وعن التجارب والصدمات ودروس الحياة التي تظهر آثارها النفسيّة سماتٍ وخصالًا وسلوكيّاتٍ، بعضها شخصيّ والبعض الآخر جماعيّ.
ننطلق من فكرة أنّ الألم أفضل معلّم، ومن جملة "بتضلّ يئسان وملبوس بالآلام" التي يسمعها من يختبر الوجع ويتأثّر به حتّى يُشكّل شخصيّته ويتحكّم بتصرّفاته. يؤكّد غطّاس حتميّة الاختبارات القاسية حتّى يتعلّم المرء كيف يتغلّب على الحياة ومطبّاتها ومفاجآتها. في سجلّ حياته محطّات صعبة ومعاناة وانكسارات يسترجعها متى واجه صعوبة ليتذكّر الدرس.
يسترجع خالد تجاربه مع المرأة، هذا الكائن الذي "ما زال يجهله وعليه أن يتعلّم عنه أكثر". لها حصّة وازنة من التأثير في حياته، الأمر الذي ينسحب عن الحبّ "المحرّك"، على حدّ تعبيره، الذي يتحكّم بعلاقاته مع الآخر والذي "لا يمكنه أن يعيش من دونه"، ويقسّمه إلى "الحبّ الشخصيّ" و"الحبّ العامّ".
"الفرق بين الشخص الجيّد والشخص السيّئ فرصة". لعلّها خلاصة التجارب التي مرّ بها خالد غطّاس. يتجنّب إطلاق الأحكام على "السيّئ" لأنّه يرى أنّ "ثمّة ظروف تكون مُهيّأة أمام الشخص وتجعله شخصاً جيّداً، ولم تُتَح لشخص آخر فبات سيّئاً". هكذا يبتعد خالد عن التنميط والسطحيّة، وفي هذا الميزان يزيّن من يبني معهم علاقات.
نسأله عن رضاه عن نفسه. "الحمد لله، أنا راضٍ عن نفسي وأسعى دائماً نحو التطوّر والتحسين"، يُجيب. ثمّة قرارات يُعوّل على نتائجها إذا أخذها "بشكل متناغم وسليم"، حتّى يرضى عن نفسه أكثر، ويرى أنّ "المرء يتوهّم أنّ ألم التغيير يفوق المنافع التي تأتي بعده"، وأنّ عليه أن يكون جريئاً لتخطّي كلّ اللحظات السلبيّة، "فثمّة مخاطرة وللمخاطرة ثمن... وعلى أيّ حال الحياة المعاصرة لا تحمل كثيراً من الحبّ"، يقولها بينما يُفكّر بالفخاخ والعقبات.
"قهوتك كيف؟"، نسأله حتّى ننطلق نحو سؤال أكبر: "مع من تشارك حلاوة الحياة ومرّها؟". يحيط خالد نفسه بالأهل والأصدقاء والزملاء ذلك أنّه يعتقد أن "لا معنى للنجاح من دون أشخاص، ولا رهبة للفشل متى أحطنا أنفسنا بأشخاص". كلامه نابع من تجربة مع أنّه يُفكّر وحيداً، ويؤمن أنّ "حبّ الناس أوصله إلى ما هو عليه".