بعد تسجيل زلزال بقوة 4.2 درجات في لبنان بالأمس، وبينما تحدّث البعض عن خطر هزات مماثلة تُسجلها المنطقة بما فيها لبنان، كثرت المعلومات التي تزعم بأن زلزالاً قوياً سيضرب البلد، وعاش لبنانيون أوقاتاً عصيبة تحت رحمة الأخبار التي تفتقد الدقة أو الوضوح.
صرحت مديرة المركز الوطني للجيوفيزياء الدكتورة المهندسة مارلين البراكس عن هزة الأمس أنها "أكبر هزة شهدها لبنان منذ الإثنين، حصلت يوم أمس بقوة 4.3 درجات، وهي لا نشهدها دائمًا، ما يدعو الى حالة تأهب لمدة 48 ساعة".
في المقابل، أشارت لجنة تنسيق عمليات مواجهة الكوارث والأزمات الوطنية إلى أن "أخباراً مغلوطة جرى تداولها تحذّر المواطنين من خطر حصول #هزة أرضية مدمرة وتدعوهم للخروج إلى الأماكن المفتوحة، بعد الهزة الأرضية التي شعر بها اللبنانيون". ونفت اللجنة "هذه الإشاعات المتداولة"، موضحةً أن "المعلومات المتداولة عارية من الصحة".
فهل حقاً علينا التأهب وأن نحضّر كما طالبت البراكس "حقيبة فيها الأموال والأمور الثمينة والأدوية وجواز السفر، والتوجه إلى أكثر منطقة آمنة في المنزل".
تصريحات البراكس أثارت الكثير من الجدل والتفاوت العلمي في قراءة الأمور، وأكد الباحث والأستاذ المحاضر في الجيولوجيا وعلم #الزلازل في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور طوني نمر أن الهزة التي سجلت بالأمس حصلت ضمن سياقها الطبيعي، فبعد أن شعرنا بالاهتزاز الكبير منذ 4 أيام نتيجة الزلزال الكبير الذي ضرب تركيا وسوريا، وكما اهتزت الأبنية كذلك الحال بالنسبة إلى الفوالق والصخور التي اهتزت أيضاً وهي بحاجة إلى بعض الوقت حتى تتوقف.
الموجات الزلزالية التي أطلقها الزلزالان التركيان تأثرت بها أيضاً الفوالق أو الصدوع في لبنان، ما زاد من حركتها المعهودة، وهي تحتاج إلى بعض الوقت لعودة حركتها إلى ما كانت عليه قبل حصول الزلزالين، ولا داعي للقلق.
وعن حالة التأهب لمدة 24 أو 48 ساعة، يؤكد نمر أنها "علمياً غير موجودة وهي لا تعني شيئاً، كما أن تحضير الحقيبة كان مقاربة خاطئة ولم يكن صحيحاً إعلانها. لذلك أدعو الناس إلى نسيان قصة الحقيبة ومسرحية الرعب التي "عيّشوا العالم فيها" ويجب نسيانها والاهتمام بصحة أولادهم النفسية لأن الأخبار المتداولة باتت غير مقبولة".
وفي رأيه، أن "الخوف لن يُغيّر شيئاً، ومن الجيّد أن نعرف أننا في منطقة معرضة للزلازل وليس هدفنا أن نُرعب العالم والعيش في حالة رعب وقلق دائمين، وأن ينام البعض في السيارات خوفاً من الآتي".
أما بالنسبة إلى ما يُشاع حول زلزال آخر قوي سيضرب لبنان، يشدّد نمر على أن "كل ما نسمعه يندرج ضمن الفرضيات والتكهنات ولا يمكن لأحد أن يعرف النسبة أو الأرقام في هذا الموضوع. وما نعرفه أننا على خط زلازل طوله 1000 كلم وهذا الخط عبر التاريخ حصلت فيه زلازل كبيرة، صحيح أنها ليست بحجم الزلزال الذي ضرب تركيا، ولكن هذا لا يعني أنه إذا تحرك زلزال كبير في المنطقة على فالق مختلف، أنه سيحدث في لبنان بالضرورة".
ويضيف نمر أن "الهزة التي سجلت بالأمس حصلت على خط فالق مختلف تماماً عن فالق اليمونة، ومن المهم أن نعرف أن فالق البحر الميت عندما يصل إلى لبنان يتفرع إلى عدة فوالق، والهزة التي حصلت بالأمس كانت على أحد هذه الفوالق ولكن ليس على فالق اليمونة. كما من المهم الإشارة إلى أن كل ما يحدث على البر لا خطر في أن يُسبب التسونامي الذي يحدث بعد الزلزال مباشرة وليس بعد عدة أيام من حدوثه".
ويرى نمر أنه "عندما يكون هناك ضغط كبير في مكان معيّن في الأرض ويجب أن يتنفس، (في إطار أن الأرض "عم بتنفّس" الضغوطات الموجودة) من الأفضل أن يتنفس الضغط من خلال هزات خفيفة على أن يتنفس بهزة كبيرة".
من جهته، يشرح أستاذ الجيوفيزياء في الجامعة اللبنانية الدكتور عطا الياس لـ"النهار" أن "ما قصدته مديرة المركز الوطني للجيوفيزياء الدكتورة المهندسة مارلين البراكس أن على كل مواطن تحضير حقيبة للطوارىء لمواجهة الكوارث الطبيعية وفق ارشادات مراكز الإغاثة في العالم والصليب الأحمر الدولي والدفاع المدني. ولدى البراكس مسؤوليات كبيرة وجدت نفسها وحيدة في مواجهتها فيما تخلى المسؤولون في لبنان عن مسؤولياتهم، واذا كان تقييمها بعد رصد الزلازل، إذ يتوجب وفق القانون على مجلس الدفاع الأعلى إعلان الارشادات وتوجيه الناس ( النزول إلى الشارع أو البقاء في المنازل)".
ويضيف "شخصياً، حضرت مثل هذه الحقيبة مع عائلتي منذ 16 عاماً، كما قامت هيئة الإغاثة والطوارىء في رئاسة مجلس الوزراء بحملة تدريب لتوضيب حقيبة الطوارىء منذ العام 2014 وتعليم الناس على كيفية التصرف في خطة الطوارىء. وبالتالي ما قالته البراكس واضح وصريح ولكن تختلف طريقة ايصال الفكرة بين شخص وآخر".
أما بالنسبة إلى الهزة التي سُجلت بالأمس في الهرمل ومدى خطورتها، يرى الياس أن "الهزة التي حصلت في لبنان بالأمس اعتيادية بما أننا في بلد معرض للزلازل والهزات، وقبل ليلة واحدة سُجلت هزة مشابهة في مدينة نابلس الفلسطينية، وقد صودف حدوث زلزالان قويان في المنطقة، ولكن الهزات التي سُجلت لا تتخطى قوتها الـ4 على مقياس ريختر، ونحن نعرف كأصحاب اختصاص أنه يمكن حدوث مثل هذه الهزات حتى في مناطق لا تضم فوالق كبيرة".
ويشير إلى أن "لبنان موجود على فوالق كبيرة وحقيبة الطوارىء يجب أن تكون جاهزة ليس اليوم فقط وانما كإجراء بديهي نسبة لجيولوجية المنطقة، وهذا لا يعني التوقف عن العيش. يجب أن نعرف كيفية التصرف وأن نستكمل حياتنا بشكل طبيعي وأدعو المسؤولين إلى تحمل مسؤولياتهم".
ويجد الياس أن "الهزة التي سجلت بالأمس لا تدعو الى القلق، ولكن يتوجب توخي الحذر لأننا نعيش في بلد معرض للزلازل والهزّات، وما جرى بالأمس لا يستدعي أن نوقف الحياة من أجله والنزول إلى الشارع".
بعد الهزات المتكرّرة الخفيفة بعد زلزال تركيا، إليكم هذه الإرشادات للوقاية من أخطار الزلازل والهزات الأرضية، والتي عمّمتها قوى الأمن الداخلي في وقت سابق:
بدايةً عندما تشعر ب#زلزال:
إذا كنت داخل المنزل: انحنِ تحت مكتب أو طاولة وتمسّك بإحدى قوائمها، وإذا لم تجد طاولة إجلس بالقرب من الحائط بعيداً عن النوافذ والأثاث غير المثبت وغيرها من الاجسام الثقيلة التي يمكن أن تنقلب. ابق محتمياً حتى يتوقف الاهتزاز، وكن مستعداً لإمكانية وقوع زلازل صغيرة لاحقاً.
إذا اضطررت إلى مغادرة البناء، استعمل الأدراج وابتعد عن المصاعد.
إذا كنت خارج المبنى تحرّك نحو منطقة مكشوفة بعيداً عن الأشجار والمباني والأسلاك الكهربائية.
إذا كنت على رصيف المشاة بجانب مبنى، ادخل إلى المبنى لتجنب الزجاج المتكسر والكتل الأخرى التي يمكن أن تسقط.
إذا كنت تقود مركبة، توقف على جانب الطريق، وتجنب الوقوف بجانب الأسلاك الكهربائية وتحت الجسور، ابقَ داخل المركبة حتى يتوقف الاهتزاز.
إذا كنت في مكان مزدحم أو في مكان عام، لا تندفع للخروج.
إذا كنت على الشاطئ، غادر فوراً الى أرض مرتفعة خشية حدوث أمواج تسونامية.