دانيال خيّاط
في اليوم العالميّ للأرشيف، نسلّط الضوء على ورشة العمل القائمة في بلدية زحلة- معلّقة وتعنايل لحفظ ذاكرة المدينة.
فبعد استحداث طابق تحت قرميد مبنى السراي التراثيّ لمقرّ بلدية زحلة - معلقة وتعنايل، وتخصيص قسم منه للأرشيف، وتجهيز القسم بالمكاتب ومساحات العمل والخزائن المصمّمة لغرض الأرشفة، إلى جانب تأمين المعايير الهندسيّة والتقنيّة لحفظ الأرشيف الورقيّ. وبعد شراء البلديّة محفوظاتِ أعدادِ جريدةِ "زحلة الفتاة" منذ العام 1911 لغاية العام 2016، تسير بلدية زحلة - معلقة وتعنايل على طريق تنظيم أرشيفها وتصنيفه وترميم ما يحتاج إلى ترميم وصولاً الى الأرشفة الإلكترونيّة الرقميّة. والمشروع الأخير يتمّ من خلال التعاون الذي قام منذ 3 سنوات بين البلديّة ومقاطعة سان ماريتيم في روان بفرنسا، من خلال جمعيّة المدن المتّحدة/المكتب التقنيّ للبلديّات اللبنانيّة.
عن هذا المشروع حدّثتنا مسؤولة التعاون اللامركزيّ بين بلديّة زحلة والمقاطعة الفرنسيّة، عضو مجلس البلديّة بولين بلعة الزوقي موضحةً بأنّ التعاون كان يفترض أن يشمل مجالي المساعدات الغذائيّة والثقافة، إلّا أنّ رئيس البلديّة أسعد زغيب وأعضاء المجلس البلديّ اختاروا الأرشيف كواحد من مكوّنات التعاون بدل المساعدات الغذائيّة، لما لمقاطعة سان ماريتيم من باع وخبرة في هذا المجال.
وقد نقلت اثنتان من أعضاء المجلس البلديّ بولين بلعة الزوقي وجورجيت زعتر هذا المطلب خلال مشاركتهما في مؤتمر تعزيز الشراكة بين الطرفين، الذي انعقد في المقاطعة الفرنسيّة في أوائل تشرين الثاني من العام 2021.
وعليه جرى وضع خطّة عمل تشمل حفظ الأرشيف وتصنيفه وترميمه وتحويله إلى النظام الرقميّ، وربطه مع دوائر ومكاتب البلدية، "خاصّة الأرشيف الإداريّ للبلديّة، إلى جانب جريدة "زحلة الفتاة"، حافظة ذاكرة زحلة، إلى جريدتَي "الوادي" و"البلاد" المحفوظة أعداد قديمة منهما في مكتبة زحلة العامّة"، على ما تلفت السيّدة بلعة.
وكانت أولى ثمار هذا التعاون إيفاد سان ماريتيم 4 من خبراء الأرشفة لديها إلى زحلة منذ نحو عام، حيث قاموا بتدريب موظّفي الأرشيف الى جانب 15 متطوّعاً ومتطوّعة من المدينة على تنظيم الأرشيف وتصنيفه وترميمه، وحملوا معهم ما تحتاجه عمليّة الترميم من موادّ ومعدّات هبةً.
ثمّ عاد الوفد عينه في نيسان الفائت، إلى جانب مهندسين مختصّين برقمنة الأرشيف، وواصلوا عملهم مع المتطوّعتين ليلي أبي هيلا وبريندا القرى اللتين كانتا واصلتا العمل على الأرشيف في غياب الوفد الفرنسيّ، وقد حدّثتا "النهار" عن هذه التجربة في الفيديو المرافق، فيما كشف المهندسان على تجهيزات البلديّة من كومبيوترات وخدمة إنترنيت، لتحديد الحاجات لربط دوائر البلديّة إلكترونيّاً بقسم الأرشيف الذي يستعدّ لدخول عصر الرقمنة، مع وصول الكاميرا وآلة السكانر هبة من الجانب الفرنسيّ.
وتشرح بولين بلعة الزوقي أنّ عمليّة الرقمنة تحتاج الى وقت طويل، والهدف الأوّل منها حفظ الأرشيف وتوفيره إلكترونيّاً لدوائر البلديّة. الهدف الثاني هو إتاحة قسم منه للمكلّف الزحليّ وفق آليّة يجري درسها، وثالثاً وضع المعلومات التي تعدّ ملكاً عامّاً في خدمة الباحثين.
لكن لماذا الأرشيف، الذي قد لا يكون أولويّة في ظلّ الأزمة التي تعصف بالبلاد؟
فتردّ قائلة: "رغم الأزمة المتعدّدة الأوجه وجدنا أن نسير بالتعاون اللامركزيّ على صعيد حفظ الأرشيف والرياضة والثقافة. طلبنا كان واضحاً أنّنا لا نحتاج الى المساعدات الماليّة والحصص الغذائيّة، بل إلى المهارات والمعرفة. وقد ذهبنا الى رأس النبع في ما خصّ الأرشيف لنحافظ على ذاكرة زحلة. طلبنا هذا كان للأجيال التي ستأتي بعدنا.
لا أحد سيموت جوعاً في زحلة، نحن مستمرّون، بالتعاضد في ما بيننا، وبالاعتماد على الاغتراب الزحليّ، وقدرة الزحليّ المُقيم على الاستمرار رغم المصاعب والمشكلات. نحن في حاجة إلى أمل وأن نعرف كيف نستمرّ.
فالأرشيف، الذي نعكف على تصنيفه وترميمه وحفظه، يروي كيف أنّ أسلافنا بقوا واستمروا رغم الظروف الصعبة التي تكبّدوها".