ميشال حلاق
بعد أربعة أيام على عروض الأفلام التي تتمحور حول مواضيع بيئية واجتماعية وثقافية، والأنشطة البيئية والريفية، استضاف مهرجان "ريف" بدورته الرابعة أياماً بيئية وسينمائية، والذي أقيم في معمل الحرير التراثي في بلدة القبيات-عكار، ملتقى "سرديات للبيئة"، مع مجموعة من صنّاع/ صانعات الأفلام المستقلين، والناشطين/ الناشطات البيئيين، وممثلي عن منظمات بيئية من بلدان عربية عدة ويعقد للمرة الأولى في لبنان، بتنظيم من جمعية Beirut DC وبالتعاون مع مجلس البيئة والصالون الثقافي في بلدة القبيات-عكار.
أتيحت خلاله الفرصة لصناع الأفلام المختارين عرض أفلامهم للناشطين والخبراء في الموضوع وحلفاء محتملين من أجل تحقيق مشاريعهم وكيفية نقل تأثير أفلامهم إلى مستوى آخر. وسيُبنى على هذا اللقاء شراكات وتعاونات بين صناع الأفلام وخبراء وناشطي البيئة بهدف وضع تصور حول كيفية مساهمة السينما العربية المستقلة في تغيير السردية المعنية بأزمة المناخ والنقاش العالمي حولها، والذي تغيب عنه بشكل عام مجتمعاتنا العربية، وكذلك لإتاحة الفرصة لنقاشات بين المشاركين تسمح لهم بالاستماع إلى وجهات نظر بعضهم البعض، وتبادل الأفكار، وتكوين شراكات تعمل على تسخير قوة الفيلم لتغيير المواقف والآراء والسياسات حول القضايا البيئية والمناخية في المنطقة العربية".
هذا وقد تنوعت فعاليات ونقاشات الملتقى الذي استمر قرابة الـ8 ساعات، مركزةً في مجملها على استعراض تجارب سينمائية "بيئية وتغييرية" من العالم العربي ومن خارجه، ونقاشات حول الواقع البيئي في لبنان بشكل خاص، والمنطقة بشكل عام، والفرص المتاحة أمام صنّاع/ صانعات الأفلام، للحديث عن هذه القضايا بطرق مبتكرة وفعالة في الوقت ذاته.
هذا وقد ركز لقاء "سرديات للبيئة"، على أن تكون صناعة الأفلام أكثر وعياً بالضرر الذي يمكن أن تحدثه للبيئة، وبكيفية وإمكانية تجنّب ذلك، حيث تشير دراسات إلى أن إنشاء استديو للتصوير، على سبيل المثال، يمكن أن يتسبب بإزالة 4،000 هكتار من الأشجار، ما يعادل مساحة 9،000 ملعب رياضي.
وقد بدأ عدد من صنّاع/ صانعات الأفلام في المنطقة، بالاشتراك مع منظمات معنية مؤخراً، بالانتباه إلى هذه المخاطر ووضع مجموعة من الخطوات التي يمكن اتّباعها. من هذه المنظمات "غرينر سكرين Greener Screen"، المشاركة في تنظيم الملتقى، والتي تحدث ممثلوها عن عملهم على ثلاثة مستويات: صنّاع/ صانعات الأفلام لضمان تضمينهم المبادئ البيئية في عملهم، وصنّاع/ صانعات القرار بهدف تغيير القوانين لتصبح مواقع تصوير الأفلام صديقةً للبيئة، والمستوى الثالث هو الجمهور، عن طريق طرح منصة تُعنى بتقديم محتوى بيئي بمقاربة معتمدة على الحلول، وليس فقط المشكلات، بهدف إشراك الناس في عملية التغيير البيئي.
وضمن السياق نفسه، طرح فريق عمل الفيلم اللبناني "كوستا برافا"، الذي أُنتج العام الفائت، تجربته حول "التصوير الأخضر"، عن طريق اتّباع مجموعة من الإجراءات، منها على سبيل المثال التخفيف من أثر النفايات في أثناء التصوير. وبالأرقام، تحدث الفريق عن تمكّنه من تخفيض الكلفة اليومية لتجهيزات الطعام من 2،000 دولار إلى 800 دولار، عن طريق تخفيف عدد العبوات والأكياس وغيرها من الأدوات المستخدمة بشكل يومي.
تلت ذلك حلقة نقاش مع المخرجة اللبنانية زينة دكاش، عن تجربتها في إنتاج أفلام بالاعتماد على تجربتها في تقديم العلاج عبر الدراما لعدد من نزلاء السجون اللبنانية، وقدرة هذه الأفلام على تغيير مجموعة من مواد قوانين العقوبات والعنف الأسري لتكون أكثر عدالةً. وتحدثت المخرجة عن قوة السينما كأداة للتغيير والتأثير، خاصةً عند استخدامها والتواصل بالشكل الصحيح مع الجمهور المستهدَف وصنّاع/ صانعات القرار.
ويشار الى ان مجلس البيئة في بلدة القبيات، وهو عبارة عن منظمة غير حكومية تدار من قبل المجتمع الأهلي، منذ قرابة ثلاثة عقود، يعمل على رفع الوعي البيئي لدى السكان، وتنشيط السياحة البيئية والتنمية المستدامة في منطقة عكار، ويعتمد على الفن والسينما والمطبخ ورياضات المشي في الطبيعة والدراجات الجبلية والتزلج والتخييم كأدوات مساعدة ومتشابكة مع البيئة بشكل مباشر، هادفاً إلى ابتكار اقتصاد مبني على الطبيعة، وهذا ما بدأ يحصل.