ميشال حلاق
متاهة انتخابات المجالس البلدية والاختيارية: ستجرى، ستتأجل، أم تلغى، أم سيمدّد لها؟ أسئلة تُطرح على نطاق واسع على وقع التناقضات والانقسامات العميقة القائمة في أكثر من ملف، خاصّة الملف الرئاسيّ، بين المكوّنات السياسية القابضة على زمام الأمور في هذا البلد القائم على أرض متحركة، بانتظار إتمام التسويات الإقليميّة الكبرى التي يُعمل عليها.
وبعيداً عن الرغبة الجديّة التي يُبديها وزير الداخلية بسام المولوي في إنجاز هذا الاستحقاق الدستوري، بهدف انتخاب إدارات محلية جديدة بديلة، محدّداً مواعيدها في مختلف المناطق، يُطرح سؤال، هل تتطابق حسابات وأماني الوزير مولوي مع بيادر الواقع الحالي؟
ثمّة عوائق وصعوبات موضوعيّة متعدّدة تحول دون إتمام هذا الاستحقاق، لجهة التمويل أولاً، ولجهة رغبة وقدرة الموظفين الذين ستوكل إليهم عملية إدارة هذه العملية من قضاة وموظّفين (خاصة الأساتذة) ثانياً، إضافة إلى عناصر القوى الأمنية المولجة حماية هذه العملية، في ظل الشلل الإداري الحاصل، وحضور الموظفين حالياً ليومين أو ثلاثة فقط في الأسبوع لتسيير الأعمال، وضعف القدرة على تأمين بدلات النقل من مراكز العمل إلى الدوائر الانتخابية المحددة تباعاً.
ثالثاً: جهوزية المراكز الانتخابية في مئات البلدات والقرى وجاهزيتها لإتمام العملية الانتخابية، في ظلّ الحاجة إلى تأمين الطاقة الكهربائية، وخدمات الهاتف والإنترنت، والقرطاسية، والمحابر، واللوائح والأوراق الانتخابية والمغلّفات وشاشات التلفزة والكاميرات... إضافة إلى معاملات الترشح في الدوائر الإدارية الرسمية.
هي معوّقات قد تكون حلولها صعبة، لكن ماذا عن المواعيد التي حدّدها وزير الداخلية؟
أوّل هذه المواعيد خصّصت لمحافظتي الشمال وعكار في 7 أيار المقبل، أي على مسافة نحو 27 يوماً من تاريخنا. وإذا احتسبنا من ضمنها أيّام العطل، يتبيّن لنا وجود 11 يوم عطلة، منها عُطل أعياد الفصح والفطر. وبالرغم من مضي أسبوع على مهلة تقديم طلبات الترشيح، وحيث يبذل محافظ عكار المحامي عماد اللبكي وفريق عمله جهوداً استثنائية لإتمام كلّ التحضيرات الإدارية لهذه الانتخابات في الموعد المحدّد لها في عكار، لم يتقدّم أيّ مرشح بعد، بفعل عدم جاهزيّة الدوائر المعنيّة لوجستياً لاستلام هذه الطلبات، وبسبب عطل الأعياد التي تأكل من المهل المحدّدة؛ فهل أيام العمل المتبقية (16 يوماً تقريباً) كافية عملياً لإنجاز هذه المهمّة واستقبال آلاف طلبات الترشيح، فيما من المرجّح أن تنطلق اليوم عملية استقبال طلبات الترشيح في سرايا حلبا الحكومية.
في عكار هناك 130 مجلساً بلدياً منتخباً منذ عام 2016، منها 10 بلديات منحلّة، وأكثر من 290 مختاراً، وأكثر من 1000 عضو اختياريّ، ممّا يعني أن عدد المرشحين لهذه الانتخابات المزمع إجراؤها سيقارب الخمسة آلاف طلب ترشيح بلدياً واختيارياً.
وهذا يضيء على مشكلة مهمة هي إنجاز إخراجات القيد الإفرادية لدى دوائر النفوس العاملة في المحافظة التي دونها عقبات كبيرة أيضاً نتيجة شحٍّ في الأوراق الخاصة بإخراجات القيد الإلكترونية.
واستناداً إلى كلّ ما تقدّم، هل بالإمكان إنجاز هذه الانتخابات في مواعيدها؟
في المعطيات الحالية المتوافرة، إن هذه العوائق المطروحة والواردة آنفاً قد حتّمت على المرشّحين الطامحين التريّث أو الإحجام عن الترشّح، خصوصاً أنّ أيّ مجالس بلدية مقبلة منتخبة لن يكون لديها وفرة المال للقيام بأيّ مشاريع، ممّا سيوقعها في المشكلة ذاتها الموجودة اليوم.
ويقول أحد المرشّحين المحتملين، لم تعد البلدية ورئاستها بالأمر المغري في ظلّ هذه الأوضاع المالية والاقتصادية الصعبة والمعقّدة، والـ"هريبة تلتين المراجل".