كُرّمت خمس باحثات شابات من لبنان، والأردنّ، وسوريا يوم أمس، في ٠٩ تشرين الثاني، ٢٠٢٢، خلال النسخة التّاسعة لبرنامج لوريال- اليونسكو "من أجل المرأة في العلم" المواهب الشابّة للمشرق العربيّ، في المعهد العالي للأعمال (ESA) في بيروت.
أُقيم الحفل برعاية وحضور معالي وزير الإعلام في لبنان، زياد المكاري، كما وبحضور أكثر من ٢٠٠ ضيف، من بينهم شخصيات سياسية، وديبلوماسية، وممثلين عن مؤسسات أكاديميّة وعلميّة، كما ومنظّمات غير حكوميّة وإعلاميّين.
وبناءً على القناعة العميقة بأنّ العالم يحتاج إلى العلم، والعلم يحتاج إلى المرأة، التزم كلّ من مؤسسة "لوريال" و "اليونسكو" في تعزيز دور النّساء في العلوم لتسليط الضوء عليهنّ وجعل مواهبهنّ معروفة، كما ولإلهام الأجيال القادمة على اختيار المهن العلميّة.
الصور بعدسة الزميل حسام شبارو:
وعلى الرغم من تزايد عدد النساء في المهن العلمية حيث بتن يشكّلن ما يزيد قليلاً عن 33% من الباحثين في جميع أنحاء العالم وفقاً لتقرير "اليونسكو" للعلوم الذي نُشر في حزيران 2021، غير أن هذا التحسّن لا يزال بطيئاً للغاية.
وبرنامج المشرق العربي هو جزءٌ من برنامج "لوريال – اليونسكو" من أجل المرأة في العلم العالمي الذي قام بتكريم أكثر من 3900 باحثة علمية و122 فائزة من أكثر من 110 دولة منذ انطلاقته في العام 1998.
وألقى المكاري كلمةً خلال الحفل، قائلًا: "أنّ هذه الجائزة السنويّة تتوّجُ المرأة ملكةً على عرشِ العلمِ والمعرفة، وتحثُّها على تقديمِ إنجازاتٍ علمية، تُشكّلُ حلولاً لمعضلاتٍ صحيّة وبيئيّة واقتصادية، وتمكُّنها من الإنجاز". وأثنى المكاري على "النكهة اللبنانية الطاغية بحيث أنّ ثلاث باحثات لبنانيات مميزات فزنَ رغم الظروف الصعبة، مما يدلّ على أنّ لبنان الصغير بمساحتِه، يزخرُ بطاقاتٍ كبيرة، لديها القدرة على النهوضِ به". وأردف أنّ "جائزة لوريال ـ اليونسكو تشكّل فسحة أمل، وإبداع، وإثبات للذات، داعيًا وسائل الاعلام إلى "تخصيص مساحة للإعلام العلميّ، والإضاءة على هذه المبادرة، وعلى الفائزات ومشاريعهنّ".
وبينما تقترب فرص التكافؤ بين الجنسين في دول الشرق الأوسط على مستوى الدكتوراه أو في بداية المهنة في مجال العلوم، إلا أنه لا يزال هناك فوارق قوية يجب ملاحظتها بين البلدان والتخصصات. ولا يزال السقف الزجاجي واقعاً ملموساً حيث ينخفض عدد الباحثات مع وصولهن إلى مستويات أعلى في حياتهن المهنية بسبب الحواجز والعقبات الهائلة.
منذ تأسيسه في المشرق العربي في عام ٢٠١٤، سلّط برنامج لوريال- اليونسكو "من أجل المرأة في العلم" الضوء على المواهب الشّابة، وإنجازات أكثر من ١٠٠ امرأة باحثة رائدة في المنطقة، مؤمنًّا الدعم المالي لمساعدة هؤلاء النّساء البارزات على تسريع أعمالهنّ.
السيّدة إميلي وهاب حرب، المديرة العامّة للوريال لبنان، قالت: "لم يسبق أن كان عالمنا المتغيّر بحاجة أعظم للنساء واكتشافاتهن. في عالم أكثر تعقيدًا وغموضًا، نحن عازمون على إعطاء المرأة المكانة التي تستحقّها، وتشجيع مشاركتها في مواجهة التحديات الكبرى في عصرنا". وأردفت "أنّ العالمات الخمس المكرمات اليوم، تمثّلن التنّوع والتّميّز. وفي تغلّبهنّ على العقبات ودفعنّ قدمًا، يشاركن مشاركةً كاملةً في إيجاد الحلول الّتي نحتاج إليها لمستقبل مستدام وعالم أجمل".
في كلمتها، أشارت د. تمارا الزّين، الأمينة العامّة للمجلس الوطني للبحوث العلميّة لبنان، إلى أنّ "التّميز ليس استثناءً... بالعكس، ما هو استثنائيّ هو الظروف الّتي تعمل فيها الباحثات في هذا المشرق، واللّواتي رغم المحن والنكبات، يثبتن من جديد أنّ المرأة العربية قادرة، صلبة، مثابرة، وخلّاقة، حتّى في أحلك الظروف كالاحتلال والحصار والأوضاع الأمنيّة والاقتصاديّة المتردية... أن تكون المرأة باحثة ناجحة في فلسطين، الأردن، سوريا، العراق، ولبنان مثلًا، فهذا يعني أنّها قادرة على صنع المعجزات في كلّ مسارات الحياة".
من جهته، أعلن البروفسور معين حمزة، رئيس لجنة التّحكيم، أنّ "العلم يحتاج إلى جهود كل شرائح المجتمع، ولم تكن تعبئة جميع الكفاءات العلمية أكثر حيوية من أي وقت مضى، كما أنّ تهميش دور المرأة في العلوم من شأنه أن يقوض على الفور قدرتنا على كسب المعركة".
حول المواهب الشابّة- زمالة العام ٢٠٢٢: تمّ اختيار خمس مواهب واعدات من بين ١٠٠ مرشحة لنسخة هذا العام. وهنّ تشكلّن مثالًا أعلى حقيقيًا باحثات شّابات مبدعات. إنّ تسليط الضوء عليهنّ يؤمّن مستقبلًا واعدًا للعلوم.
- د. نانسي فياض، من لبنان، علم الأحياء الدقيقة، والمعلوماتية الحيوية، والتكنولوجيا الحيوية: يتمّ تكريمها لبحثها الذي يرتكز على تكوين الكائنات الحية الدقيقة المختلفة، ونشرها عن الجوانب الجينومية التفصيلية لسلالات SARS-CoV-2 وتطوّرها في لبنان.
- الآنسة رانية قصير، من لبنان: علم الأعصاب، الوظائف التنفيذية والتفاعل اللغوي عند ثنائيي اللغة: تُكرّم لبحثها في تأثير استعمال لغتين على أداء العقل والإدراك لدى ثنائي اللغة، وزيادة المعرفة حول حالات الخرف لدى ثنائي اللغة، وأداء المرضى في الاختبارات التّنفيذية، واللغوية، والمختلطة (التنفيذية واللغوية).
- الآنسة زينة حبلي، من لبنان- الهندسة الطبية الحيوية، الكشف المبكر والخصائص الميكانيكية للخلايا السرطانية: تُكافأ على عملها على التّحقق من الخصائص الميكانيكية والكهربائية لهذا النّوع من الخلايا وتطوير أجهزة استشعار حيوية ذات نتيجة سريعة، حيث تستخدم أحدث التّقنيات ذات الحساسية العالية.
- د. فاديا الحاج حسين، من سوريا- الكيمياء العضوية والاصطناع الدوائي العضوي: تُكرّم لبحثها الذي يرتكز على تطوير واعتماد منهجية صديقة للبيئة تندرج ضمن مبادئ الكيمياء الخضراء لتصنيع أصباغ الآزو العضوية.
- د. دعاء أبوعرقوب، من الأردن- تكنولوجيا الخلايا الجذعية / الطب التجديدي: تُكافأ لأبحاثها عن التكنولوجيا للخلايا الجذعية للأسنان، وتطبيقاتها السريرية، حيث تعتبر هذه الخلايا نهج علاجي جديد واعد، يمكن استخدامه في العلاجات القائمة على الخلايا في مجال الطّبيّ التّجديدي.
"من أجل المرأة في العلم" -أكثر من ٢٤ عامًا من الالتزام: منذ عام ١٩٩٨، تعمل مؤسّسة لوريال، بالشراكة مع اليونسكو، على تحسين تمثيل النساء في الأدوار والمناصب العلميّة، انطلاقًا من قناعة بأنّ العالم بحاجة إلى العلم، والعلم بحاجة إلى المرأة. منذ تأسيسه، سلط برنامج لوريال- اليونسكو "من أجل المرأة في العلم" الضوء على ١١٠ رائدة، ورافق أكثر من ٤٠٠٠ عالمة شابة، من طلاب الدكتوراه ومرحلة ما بعد الدكتوراه، من خلال تقديم المنح البحثيّة سنويًّا في ١١٧ بلد.
زمالات البرنامج الإقليمي لبلاد المشرق العربي: تمّ إطلاق برنامج لوريال- اليونسكو "من أجل المرأة في العلم" زمالة المشرق العربي في عام ٢٠١٤، بالشراكة مع المجلس الوطني للبحوث العلمية (CNRS) في لبنان. ويهدف إلى تمكين العالمات العربيات من منطقة المشرق العربي، لا سيّما لبنان، والأردن، وسوريا، والعراق، وفلسطين، والاعتراف بدورهن الحاسم في تنمية المنطقة.
مؤسسة لوريال: تدعم وتمكّن مؤسسة لوريال النّساء لبناء مستقبلهن وإحداث تغييرًا في المجتمع، وذلك بالتّركيز على ثلاث مجالات رئيسية: البحث العلمي، والجمال الداخلي، والعمل من أجل المناخ. منذ العام ١٩٩٨، عمل برنامج لوريال- اليونسكو "من أجل المرأة في العلم" على تشجيع عدد أكبر من النّساء على التّغلب على الحواجز، من أجل التّقدم والمشاركة في حلّ أكبر التّحديات في عصرنا، وذلك لمصلحة الجميع. لمدّة ٢٣ عامًا، سلّط البرنامج الضوء على ٣،٩٠٠ نساء باحثات من ١١٠ بلد ومنطقة، مكرّمًا التّميّز العلمي، كما ومحفزًّا الأجيال الأصغر على متابعة العلوم كمهنة.
بناءً على القناعة بأنّ الجمال يساهم في عملية إعادة تأسيس الحياة، تساعد مؤسسة لوريال النّساء الضعيفات على تحسين ثقتهن بأنفسهن، وذلك عبر تلقّي علاجات مجانية للجمال والعافية. كما تساعد على تمكين النّساء المحرومات من الحصول على تدريب مهني مخصّص للجمال. كمعدل وسطي، نحو ١٦،٠٠٠ امرأة تتلقّى العلاجات المجانية سنويًا، وأكثر من ١٨،٠٠٠ نساء خضعن للتدريب المهني للجمال منذ تأسيس البرنامج.
وأخيرًا، تتأثّر النّساء بالتّمييز والتّفاوت الجنساني باستمرار، المتفاقم بفعل التّغيّر المناخيّ. وفي حين أنّهن يواجهن الأزمة، ما زلن لا تشكلن بما فيه الكفاية في اتّخاذ القرارات المتعلقة بالمناخ. إنّ برنامج النّساء والمناخ التّابع لمؤسسة لوريال، يدعم تحديدًا النّساء اللّواتي تطوّرن مشاريع تعالج أزمة المناخ الطارئة. كما ويحثّ على ضرورة ايجاد حلول مناخية مراعية للاعتبارات الجنسانية.
اليونسكو: منذ تأسسها في عام ١٩٤٥، عملت منظّمة الامم المتّحدة للتربية والعلم والثقافة، اليونسكو، على تهيئة الظروف للحوار بين الحضارات والثقافات والمجتمعات، بناءً على القيم المشتركة. وتتمثل رسالة اليونسكو في المساهمة في بناء السّلام، والقضاء على الفقر، والتّنمية المستدامة والحوار بين الثقافات، وذلك بواسطة خبرتها الفريدة في التّعليم، والعلوم، والثقافة، والتّواصل، والمعلومات. لهذه المنظّمة أولويّتين اثنتين: أفريقيا والمساواة بين الرجل والمرأة.
إنّ اليونسكو هي المنظّمة المتخصّصة الوحيدة التّابعة للأمم المتّحدة الّتي تعالج العلوم، المتمثّلة بحرف "س" في الاسم المختصر. عبر برامجها المرتبطة بالعلوم، تساهم اليونسكو في تحقيق أهداف التّنمية المستدامة للأمم المتّحدة، وتساعد البلدان النّامية على بناء قدراتها العلمية والتكنولوجية، كما وتدعم جهود الدول الأعضاء في تطوير البرامج والسياسات العلمية. إضافةً إلى ذلك، تدعم جهود الدول الأعضاء في تطوير سياسات عامّة فعّالة تدمج النّظم المحليّة والمعارف الأصليّة.
تعزّز اليونسكو البحث العلمي والخبرة في الدول النّامية، وتدير عدّة برامج حكومية دولية للاستعمال المستدام للمياه الصالحة، وللمحيطات والموارد الأرضية، وللمحافظة على التّنوع البيولوجي، كما ولاستعمال العلوم من أجل معالجة التّغير المناخيّ والتّقليل من المخاطر الكارثية.
بواسطة مكاتبها الدولية والإقليمية، تدعم اليونسكو التّعاون العلميّ الدولي، وتعمل مع عدّة حلفاء على المستويات العالمية والإقليمية والدولية. من خلال حلفائها، تعتمد اليونسكو على الموارد، والمعرفة والخبرة لتعزيز مثلها وقيمها، ولتقوية تأثير ورؤية أعمالها في جميع مجالات اختصاصها.