تحدّث وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي على هامش زيارته التفقدية لمدرسة الأوروغواي المتعلقة ببرنامج الغذاء المدرسي، وقال: "أنتهز فرصة وجودي مع سعادة سفير روسيا الاتحادية وممثل برنامج الغذاء العالمي الدكتور عبدالله الوردات للقول في هذه المدرسة الرسمية للقول، بأن بيان وزارة التربية الذي صدر بالأمس، لا يبغي إطلاقاً الدخول في سجال لا مع الرابطة ولا مع سواها. نحن رغبنا من وراء إصدار هذا البيان مساء أمس بتحقيق ثلاث مصالح حقيقية، الأولى هي حق التلميذ بأن يبقى في المدرسة فلا يكون عرضة للتسول في الشارع. والثانية هي حق المعلم والعامل في المدرسة الرسمية في الوصول إلى مركز عمله، والثالثة هي حفظ المدرسة الرسمية".
أضاف: "نحن كما أكدنا أمس في بيان الوزارة، إذ نحترم حق كل عضو من أعضاء روابط المعلمين في أن يأتي إلى المدرسة أو لا يأتي، فهذا أمر يتصل بقراره الشخصي، ولكننا حرصاء دائماً على التأكيد بأن لا يكون تلامذتنا على الطريق، لأنه إذا ما استمرت هذه الدينامية من الإضراب فنقفل ليومين ونفتح ليومين، فإن هذا الأمر سيؤدي إلى تكريس وترسيخ الفاقد التعليمي لتلامذة المدرسة الرسمية، ويؤدي أيضاً إلى تضييع التربية، إذ أن القطاع الخاص وتلامذته يكونون قطعوا شوطاً كبيراً في إنجاز المناهج المقررة، فيما تبقى المدرسة الرسمية قاصرة عن إسداء هذه المناهج في شكل يسمح بأن ننظم امتحانات رسمية".
وناشد "المعلّمين والعاملين وجميع المعنيين وأركان المدرسة الرسمية، بمسمياتهم كافة، التحلي بالقدر العالي من المسؤولية التربوية والوطنية التي نعهدها فيهم لحفظ المدرسة الرسمية، ولعدم إضاعة هذه الفرصة أمام تلامذتنا وأولادنا. هذه التحية أوجهها للجميع، والمدرسة الرسمية هي حاجة وطنية في هذا الوطن وعلينا ألا نضيعها بأي تصرف".
وتفقد الحلبي وروداكوف وممثل برنامج الغذاء العالمي الدكتور عبد الله الوردات، المدرسة، حيث عاينوا تشغيل نموذج عن المطبخ المدرسي الذي سيتم توزيعه على المدارس المعتمدة من البرنامج. كما زاروا الصفوف في وقت الاستراحة وتابعوا توزيع السندويشات على الأولاد، وراقبوا تسليم الأهالي قناني الزيت التي تساعدهم على الطهي لأولادهم، وذلك في حضور المدير العام للتربية عماد الأشقر، مدير التعليم الأساسي جورج داوود، مديرة الإرشاد والتوجيه هيلدا الخوري، رئيس منطقة بيروت التربوية محمد الحمصي والمستشار الإعلامي ألبير شمعون . كما حضر فريق عمل برنامج الغذاء العالمي وفريق عمل السفارة الروسية.
وفي السياق، قال الحلبي: "حقق برنامج الغذاء العالمي خطوة أساسية في استقرار التعليم الحضوري في خلال السنة الدراسية المنصرمة، وأيضاً في الفترة السابقة منذ إطلاق برنامج الوجبات المدرسية التابع للبرنامج في العام 2016 بالتعاون مع وزارة التربية، وذلك عبر توفير وجبات خفيفة مغذيّة وصحيّة لجميع المتعلّمين على الأراضي اللّبنانيّة من كل الجنسيّات والّذين هم الأكثر حاجة إلى الغذاء ليستمروا في الحضور إلى المدرسة ويلتزموا بالنظام التعليمي".
أضاف: "إن هذا البرنامج الممول من الجهات المانحة والدول المقتدرة ما كان ليحقق هذا النجاح لولا الجهود التي بذلها مديره في لبنان الدكتور عبدالله الوردات وفريق عمله النشيط، بالتعاون مع المديرية العامة للتربية عبر فريق الصحة المدرسية في جهاز الإرشاد والتوجيه، ومديرية التعليم الأساسي، ورؤساء المناطق التربوية".
وتابع: "يسعدني اليوم أن نتشارك الجولة مع سعادة سفير روسيا الإتحادية في لبنان السيد ألكسندر روداكوف، نظراً لأن روسيا قدمت لبرنامج الغذاء العالمي حمولة باخرة من زيت دوار الشمس، ما أسهم في تعزيز السلة الغذائية للفئة المستهدفة في المدارس من تلامذة لبنانيين ونازحين، إضافة إلى أهاليهم عبر الحصص التي يتم توزيعها عليهم".
وأكد أن "هذا العمل الإنساني الإقتصادي والتربوي يتم بصورة راقية واخلاقيات عالية، تكرس الأهداف السامية التي وجد البرنامج من أجلها، وبالتالي فإن الدكتور عبدالله الوردات يمثل هذه الحالة الأخلاقية التي توحي بالثقة للداخل والخارج، معززة بالتوزيع العادل والشفاف للمنتجات الغذائية في لبنان، على عينة موسعة تضم ما مجموعه 71000 متعلم . وقد نجح في المؤتمر الأخير في تخصيص تمويل من الجهات الداعمة للبرنامج للسنوات المقبلة".
وقال: "إننا شهدنا اليوم في خلال جولتنا على هذه المدرسة الناجحة بجهود إدارتها ومعلميها، تطوراً في عمل برنامج الغذاء العالمي من طريق إطلاق نموذج مطابخ مدرسيّة صحيّة، وهذا النموذج يضيف جواً من الإلفة إلى المدرسة، ويجعل العلاقة بين المتعلم والمدرسة وكأنها بمثابة البيت الثاني، نظراً لما يقدمه هذا المطبخ المدرسي من خدمة على أيدي العديد من السيدات بكل عناية واهتمام ومحبة".
أضاف: "إننا نغتنم فرصة هذه الجولة الميدانية لنتوجه نحو الجهات المانحة والداعمة لبرنامج الغذاء العالمي، من أجل توفير التمويل الذي وعدت به، لكي ينجح البرنامج في تأمين تغطية إضافية لبرنامج الغذاء المدرسي يمكن أن تصل إلى مائة وخمسين ألف متعلّم. كما نتوجه بالشكر إلى الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، والوكالة الفرنسية للتنمية، على الحصص الغذائية التي توزعانها على التلامذة والأهالي".
وأشار إلى "أن الضغوط التي نتجت عن الأزمات المتلاحقة والمتنوعة على المجتمع اللبناني، ضيقت الأفق أمام الشعب الذي تكاد موارده تكون منعدمة، وأثرت بصورة كبيرة على القدرات المالية للمعلمين، ما يجعل العام الدراسي في خطر، إذا لم يتعاون الداخل والخارج معنا للمحافظة على نحو ستمائة ألف متعلم لبناني وغير لبناني في المدارس الرسمية بدواميها النهاري والمسائي، سيما وأن القدرات المالية للمتعلمين لم تعد تساوي الكثير في ظل الارتفاع المستمر لسعر صرف الدولار الأميركي".
وختم: "إننا نبارك اعتماد نموذج المطبخ المدرسي وتعميمه، ونكرر الشكر لبرنامج الأغذية العالمي وإدارته، كما نشكر الجانب الروسي على تقدمته الكريمة ونأمل أن يعم السلام بين روسيا وجيرانها، لأننا أكثر من تذوق طعم الحروب والمآسي ونتوق دوماً لتحقيق السلام والاستقرار".
من جهته، قال السفير الروسي: "نجتمع اليوم بمناسبة تسليم مساعدات إنسانية روسية مخصصة للبنان وهي تشكل جزءاً" من المساهمة الإضافية المقطوعة المقدمة من روسيا الاتحادية لصندوق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة. تدخل روسيا في عداد أكبر عشرين مانحاً لبرنامج الأغذية العالمي، وتشكل مشاركتها فيها إحدى أولويات أنشطتنا الإنسانية الدولية".
أضاف: "وصلت في العام الحالي إلى لبنان، عدة شحنات من زيت دوار الشمس الروسي بوزن إجمالي 432.63 طن، يتم توزيعها على المؤسسات التعليمية اللبنانية. ونحن على ثقة بأن هذه البادرة الإنسانية ستوفر الدعم المناسب والمطلوب لعائلات الجيل اللبناني الشاب".
أضاف: "طالما كانت روسيا على أتم الاستعداد لمدّ يد العون عند الحاجة وفي الأوقات الصعبة، وكان رجال الإنقاذ الروس، بعد الانفجار المأساوي في بيروت عام 2020، أول الفرق الأجنبية التي وصلت إلى موقع الكارثة والمباشرة بالقيام بأعمال الإنقاذ والمساعدة الإنسانية الواسعة النطاق. ونعتزم مواصلة تقديم كل دعم ممكن لأصدقائنا اللبنانيين. وتم اتخاذ قرار لتقديم مساعدة طارئة إضافية على شكل إمدادات من القمح والمنتجات البترولية. ويجري النظر في احتمالات تكثيف التعاون الثنائي المفيد للطرفين في عدد من المجالات، بما في ذلك الطاقة والطب والزراعة وتكنولوجيا المعلومات. كما نقدّم سنوياً للطلاب اللبنانيين الراغبين والمؤهلين منحاً دراسية مجانية للتعلم في روسيا".
وتابع: "يواجه لبنان اليوم الحاجة إلى إيجاد حلول لمجموعة كاملة من التحديات الخطيرة. يحتاج اللبنانيون في مواجهة الأزمة الحالية الحادة، إلى مساعدة خارجية أكثر من أي وقت مضى. والحاجة إلى هذا الدعم أصبحت أكثر إلحاحاً في ضوء التحولات العميقة التي تحدث في العالم".
بعد ذلك تحدث المدير الإقليمي لبرنامج الغذاء العالمي، فقال: "أود أن أشكر معالي الوزير على إيمانه بمشروع التغذية المدرسية، فقد بدأنا العمل عليه منذ العام 2016، وكان عدد التلامذة المستفيدين عشرة آلاف متعلّم، ونعتز اليوم بأننا وصلنا إلى تغطية 71000 متعلم والخطة للمرحلة المقبلة 2023 – 2025 تستهدف في شكل تدريجي أن نرفع العدد من 71000 إلى 150000 ومن ثم إلى 200000 في نهاية العام 2025".
أضاف: "إن دعمكم يا معالي الوزير ودعم الأصدقاء في المديرية العامة للتربية وجميع الشركاء والعاملين على المشروع هو مهم جداً، لأن الحاجة أصبحت كبيرة والدعم بات مطلوباً أكثر فأكثر، فنحن الآن لم نعد نتحدث عن مشروع تغذية مدرسية فقط، إنما أصبح مشروع التغذية المدرسية يعالج مشكلة أساسية وهي انعدام الأمن الغذائي".