لينا اسماعيل
غالباً ما يفكر اللبنانيون عندما تتحدث عن بعلبك بأنها مدينة الفلتان الأمني والفوضى والخارجين عن القانون. قد يكون هذا الانطباع مبرراً نظراً لوقوعها جغرافياً خارج نطاق سيطرة الدولة نسبياً، ولوجود قلّة تعكّر صفو المدينة وسمعتها.
الجانب الآخر لا يتم تسليط الضوء عليه كثيراً، فبعلبك هي أيضاً مدينة الثقافة والسياحة ويقصدها المواطنون كما المغتربون والسياح الأجانب من كل العالم، وهو تحدّ كبير لمنطق الخروج عن الدولة ولكل سياسات الانعزال التي يحاول البعض تعميمها.
رغم الأحداث الأمنية الأخيرة، والإشكالات بين العشائر ومقتل شخصين، تشهد المدينة حركة سياحية ملحوظة. إذ قصدها في الأيام الأخيرة ما يقرب من 600 زائر عربي وأجنبي زاروا القلعة الأثرية، واطلعوا على معالم المدينة، ولم تمنعهم أمطار عيد الفصح من الاستمرار في التجول في معابدها، وأبرزهم السفير البابوي في لبنان المونسنيور باولو بورجيا، يرافقه راعي الأبرشية المارونية في بعلبك ودير الأحمر المطران حنا رحمة، والمونسنيور بول كيروز وكهنة، فكانت الدهشة والبهجة التي رسمت على ملامح وجه السفير بورجيا أشبه بتوثيق جمال الآثار الرومانية والمشهد العام للمدينة، في زيارة تفقدية رعوية لأبرشية دير الأحمر للوقوف على أحوال الأهالي والأبرشية، وفق ما أوضح المونسنيور كيروز لـ"النهار".
الصور بعدسة الزميلة لينا إسماعيل:
من جهته، قال رئيس بلدية بعلبك بالتكليف مصطفى الشل، الذي كان يعمل بنفسه عند بوابة مدخل القلعة لتأمين جميع المرافق لزوار القلعة، لـ"النهار": "الأمر غير المذكور في الأخبار الأمنية التي تطال المدينة وأهلها أنها حوادث فردية قليلة جداً، وعدد الزوار الذين أتوا إلى المدينة لقضاء عيد الفصح الى اليوم شاهد واقعي على الوضع الأمني الجيد والهادئ على عكس ما يُشاع".
من هنا توجه الشل بالشكر ألى جميع الأجهزة الأمنية على تعاونها من أجل حفظ الأمن والاستقرار في المدينة وعلى رأسها الجيش اللبناني بوحداته كافة.
المحامي والعضو السابق في بلدية بعلبك طوني ألوف أكد لـ"النهار" حرص أهالي المدينة على إظهار الوجه الحقيقي لبعلبك، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على القطاعات الاقتصادية والتجارية في المدينة، ويسهم في تعزيز الاستقرار، رغم بعض الأحداث المتفرقة التي تشهدها كحال باقي المناطق.
ورأى مختار مدينة بعلبك، فؤاد البرجي، أن ضبط الأمور الأمنية في المدينة من قبل الجيش الموجود دائماً على الأرض فَرَض الهدوء والأمن فيها، حيث كنا نفقدهما دائماً، ووضع الحوادث الأمنية التي تشهدها المدينة في خانة الحوادث الفردية وقليلة جداً بالنسبة لبقية المدن اللبنانية.
مصادر حزبية مؤثرة في المنطقة أكدت بدورها لـ"النهار" الرضا العام الذي خلّفه عمل وحدات الجيش على المستويات كافة، وباقي الأجهزة الأمنية للسيطرة على الوضع الأمني في المدينة والمحافظة بشكل عام حيث بدأت إيجابية الخطط الأمنية الموضوعة والمفعلة بالظهور على الأرض، والجميع تحت القانون.
واعتبرت انه سيكون من الأفضل أيضاً أن تستمر هذه الأجهزة الأمنية بالوتيرة التي تعمل عليها لحفظ الأمن.
التجار
لم يخف هيثم الدبس، أحد تجار المدينة ونشطائها، توقعاته لموسم سياحي جيد ينتظر المدينة وأهلها وقدوم الزوار من سياح عرب وأجانب ولبنانيين، نظراً إلى الحالة الجيدة في المدينة والأسعار المدروسة مقارنة بباقي المناطق اللبنانية.
مختار المدينة خالد فيصل صلح يشدد في السياق عينه على أهمية الرقابة الاقتصادية من قبل وزارة الإقتصاد ومديرية حماية المستهلك على المنشآت السياحية في المدينة، إذ أن المهم بالإضافة إلى الأمن هو أن يدرك السائح الأسعار المناسبة ولا يُستغَل الأمر من قبل التجار، لتحريك العجلة الاقتصادية.
وأعربت الشابة الفرنسية مارينا، عن سعادتها بزيارة المدينة، وجاءت مع أصدقائها الفرنسيين إلى بعلبك لرؤية آثارها، حيث تعمل مدرّسة في العاصمة بيروت.
وذكرت السائحة الكويتية شهد العقبان لـ"النهار" "أنها ثاني زيارة للمدينة، وكنت قد سمعت الكثير في السابق عن انعدام الأمن هناك، لكن لم أجد سوى أهل المدينة "المضيافين".
سائحة يابانية تؤكد بـ"الإنكليزية" أن التفاصيل الصغيرة لآثار المدينة عظيمة أكثر مما توقعت من خلال مشاهدة صور قلعة بعلبك عبر الإنترنت.