سارة فارس
تعاني البلديات كغيرها من المؤسّسات العامة بسبب تداعيات الأزمة التي تمدّدت كالسرطان في الجسم اللبناني، فيما المناعة لم تعد على المستوى المطلوب في غياب العلاجات والكفاءات.
هذا الجو الداكن سياسيّاً واجتماعيّاً وماليّاً، ينعكس سلباً أيضاً على العمل البلديّ، خصوصاً على بلديات القرى والبلدات الجبليّة وقدرتها على إتمام مسؤولياتها مع اشتداد البرودة والعواصف الثلجية وإقفال الثلج للطرق الجبليّة، خصوصاً الأساسية منها، ولو أنّ لوزارة الأشغال أيضاً مسؤولية كبيرة في هذا الإطار.
من هنا، وكلّما اشتدت الأزمة على المواطنين يتركّز النظر على البلديات ومطالبتها بدور وبصلاحيات تتعدّى أدوارها وصلاحيّاتها.
ومع التحضيرات لفصل الشتاء، يُطرح السؤال عن الصعوبات التي تواجهها البلديات، وهل لا تزال قادرة على تلبية الحاجات الضرورية لسكّان بلداتها؟
بلدية كفردبيان
في حديث مع رئيس بلدية "كفردبيان" الأستاذ بسام سلامة أشار إلى أننا "نعاني من مشكلة ارتفاع سعر طن المازوت كغيرنا من المؤسسات، حيث إن الطن الواحد وصل إلى ألف دولار أميركي فيما سعر صرف الدولار إلى ارتفاع، مع العلم أننا نحتاج إلى آلاف الأطنان للقيام بالمهام بالأشغال والخدمات والمهام المطلوبة".
وأبدى سلامة أسفه لأنّ مالية البلدية ستُنفق على تأمين المازوت وصيانة الآليات، خصوصاً أن مركز جرف الثلوج في منطقة كفردبيان غير مزوّد بالمازوت هذه السنة. فـ"المركز وضعه عاطل"، وتكلفة الصيانة وتعبئة المازوت ستصل إلى ما يوازي الـ200 مليون خلال فصل الشتاء".
ولفت إلى أن "الوزارة كانت تسعى لتأمين المازوت، لكن هذه السنة لا نعلم إن كانت لديها الاعتمادات الكافية، خاصةً أنه لا يمكن أن نقوم باستدراج عقود نتيجة تلاعب سعر صرف الدولار". وقال: "سنتواصل مع أصحاب المشاريع لنتساعد على حلّ هذه الأزمة".
بلدية بعلبك
"الله يكون بعونّا". هكذا عبّر رئيس بلدية بعلبك فؤاد بلوق عبر "النهار" عندما سألناه عن التحضيرات لفصل الشتاء، وتابع: "نحن نعجز عن تأمين آليات للمّ النفايات، فكيف سنساعد الناس في فصل الشتاء؟" أضاف: "راتب موظف البلدية لا يوازي سعر برميل مازوت في الشهر".
بلوق تحدث عن جولته على أهالي القرى، مع بدء موجات البرد، وقال: "الحالة "حدّث ولا حرج"، الوضع سيّئ. هناك مَن يشتري مادة المازوت بزجاجة المياه الصغيرة، وهناك من ليس لديه القدرة على شرائها".
وختم: "اجتمعنا مع فاعليات المدينة والمخاطر ورؤساء البلدية السابقين للوصول إلى حلّ، فالدولة غائبة، ولا نعلم إلى أين سنصل. نحن نواجه واقعاً مريباً و"الله يسترنا" من فصل الشتاء".
عازور "قضاء جزين"
من جهته، أوضح رئيس بلدية عازور جوزيف عازوري بأن "البلدية عاجزة عن تأمين موارد التدفئة هذه السنة، فميزانية البلدية ما بتدفّي بيت".
وقال لـ"النهار": "البلدية قامت بتنظيف الأقنية وسواقي المياه. في السنوات الماضية كنا نساعد أهالي المنطقة، لكن لا قدرة هذه السنة لدينا، مع تفاقم الأزمة الاقتصادية".
بلدية القاع - بعلبك
في حديث مع رئيس بلدية القاع بشير مطر، لفت إلى أن "لا قدرة للبلدية على تأمين المازوت أو أيّ مورد للتدفئة". وقال لـ"النهار": "عانينا خلال فصل الشتاء السابق من شحّ في مادة المازوت وحتى المياه، وكانت الجمعيّات تتوافد وتساعدنا على تأمينها، لكن هذه السنة لم نرَ أحداً".
وصرّح مطر بأن "سكان المنطقة عاجزون عن تأمين موارد التدفئة نسبةً لارتفاع تكلفتها، ومعظمهم يخلد إلى النوم باكراً ذلك لتجنب البرد".
وفي موضوع النازحين، شدّد مطر على ضرورة إيجاد حلول للنازحين السوريين وقال: "لا يوجد قرار واضح حول موضوع النازحين، فنحن نواجه مشكلة كبيرة خصوصاً مع انتشار وباء "الكوليرا" وعدة أمراض، فلا يمكننا استيعاب أعداد كبيرة في المنطقة، لذا نطالب الدولة بالتحرك".
بلدية ميفوق - "قضاء جبيل"
ميفوق البلدة القابعة في جرود جبيل، يقول رئيس بلديتها هادي حشاش إن "الوضع صعب جداً هذه السنة. إمكانيات البلدية معدومة، والصندوق البلدي المستقل لم يدفع المستحقات، ونحن نبحث عن مصادر أخرى غير الصندوق البلدي".
وأشار إلى أن المنطقة هذه السنة ستعتمد على المبادرات الفردية، حيث إن أهالي بلدة ميفوق سيتعاونون لتأمين الحاجات لفصل الشتاء، مثل استئجار آليات لفتح الطرقات في الثلوج، وتأمين مادة المازوت للتدفئة أو حتى لمولدات الكهرباء.