النهار

رحيل معلمة الأجيال هالة السكاف… التربية تخسر علماً وحارسة ذاكرة
روزيت فاضل
المصدر: "النهار"
رحيل معلمة الأجيال هالة السكاف… التربية تخسر علماً وحارسة ذاكرة
المربية الراحلة هالة السكاف.
A+   A-
غابت المربية هالة بيوض السكاف عن لبنان، تاركة التربية وجيلاً بأكمله في حال من الحزن الشديد.

غادرتنا المديرة السابقة لمدرسة "زهرة الإحسان" هالة بيوض سكاف، واتّشحت التربية بسواد الحزن، وأسى فراق وطن يعيش في دوامة لا نهاية لها.

عرفتها حارسة للذاكرة تفاخر دائماً بتاريخ المدرسة المتأصّلة في المعرفة والعلم، والعين الساهرة لمطران بيروت للروم الأرثوذكس الياس عوده.

كانت من المقرّبين لـ"النهار"، ومقرّبة من الأجيال الثلاثة لعائلة تويني بدءاً من الأستاذ غسان تويني وزوجته، وصولاً إلى الأستاذ جبران تويني، مروراً بالسيّدتين نايلة وميشيل تويني، والذين تجاوبوا كثيراً بتعاونهم معاً من ناحية توفير التعاون والتغطية الإعلامية الدورية لنشاطاتها الثقافية والفنية والتربوية، وما أكثرها.

درست السكاف في الجامعة الأميركية في لبنان، وانتقلت من التعليم في مدرسة "مار يوسف" قرنة شهوان إلى مدرسة "زهرة الإحسان" بتكليف من المطران عودة من العام 1989 إلى العام 2014 لتطبع المدرسة ببصمات خالدة بمسيرة من 25 عاماً، لتشغل فيها من العام 2006 إلى العام 2014 مهام الأمينة العامة للمدارس الأرثوذكسية.

وذكرت المديرة الحالية للمدرسة سهى خوري شويري، في اتصال مع "النهار"، المزايا الاستثنائية للفقيدة الكبيرة المربية هالة السكاف، التي ساعدتها باتجاه التمرّس في الثقافة العريقة لهذه المدرسة، والتي تضمّ في داخلها ديراً لليتيمات أو للحالات الصعبة اجتماعياً، والسعي لاحتضانهم وجميع التلامذة.

بماذا تميّزت؟ الجواب بسيط وفقاً لشويري، فهي حاضرة دوماً لمساعدة الجميع وكل من يحتاجها في أي وقت. ورداً على سؤال عن أبرز إنجازاتها التربوية، قالت: "عملَت جاهدة لتحقيق انتساب المدرسة إلى شبكة الأونيسكو، وهي خطوة نحو الانفتاح مع الخارج والتواصل معه من أجل تعزيز التربية". وشدّدت أيضاً على أنّها "عززت اللغات الثلاث العربية، الفرنسية والإنكليزية لتلامذتنا منذ الروضة ليكونوا ملمّين فيها".

من جهتها، تتحدّث رئيسة قسم اللغة العربية في "زهرة الإحسان" عايدة حداد، في اتصال مع " النهار"، عن المربية الاستثنائية والفاضلة، التي كان "لي فرصة ذهبية لمواكبتها في مسيرتها الطويلة في المدرسة"، مشدّدة على أنّ "علامتها الفارقة بين أسرة المدرسة ومعلميها وتلامذتها أنها كانت تتعامل معهم بقلب حنون كأمّ بكل ما للمعنى من كلمة، ومسؤولة عن رعاية كل من يشاركها العمل في المدرسة أو حتى خارجها". وكشفت أنّ هذه الشخصية الحنونة لم تخفِ ميلها إلى الحزم عند الشدة، وهذه سمة من الأم الحنونة والمسؤولة اتجاه أولادها أي كل أسرة الزهرة".

للمربية هالة بيوض السكاف، شخصية ظهرت على مدار السنوات كلها، لأنّها جاءت من منطقة بعيدة من مرجعيون لتستقرّ 25 عاماً، وبتكليف من سيدنا المطران عودة، في إدارة مدرسة تميّزت بنتائج طلابها في الشهادات الرسمية والبكالوريا الفرنسية.

وقالت حداد: "تولّت الإدارة خلفاً للمديرة لطيفة الأسمر، وعكست إرادة فولاذية خلال الحرب، حيث استطاعت بحنكتها وفكرها النيّر مواكبة تطور المدرسة. نُشئ من خلالها جيل مثقف، رغم بشاعة الحرب التي فرضت نفسها على الجميع"، مشدّدةً على أنّ "العلاقة مع آل تويني كانت وطيدة إلى درجة أنها كانت من المعارف المقربة من الراحل الأستاذ غسان تويني من أصدقاء"، ومشيرة إلى أنّ "الأخير حرص إحدى المرات أن ترافق تلاميذ المدرسة إلى منزل العائلة في بيت مري لقراءة (قصائد من الحب) كتحية للشعر في حينها".

ذكرت جهود سكاف في تدشين قاعة الصغيرة نايلة تويني، تلميذة المدرسة، التي خطفها الموت، وذلك بمساندة الأستاذ غسان تويني ودعم نجله جبران، اللذين كانا يواكبان تطور المدرسة دون كلل. وقالت: "حرصت سكاف وتويني على إطلاق جائزتَين الأولى باسم "ناديا تويني الشاعرة للتفوق" في اللغة الفرنسية وآدابها، والثانية "جائزة جبران تويني للمواطن الصالح".

ماذا خسرت التربية اليوم؟ أجابت حداد: "طويت صفحة من تاريخ عريق للتربية والثقافة والحكمة والقرار الفذ".

بالنسبة للمسؤولة عن المكتبة مادونا الريس، فقد أكدت أنّها بدأت مسيرتها التربوية عند تولّي هذه السيدة العظيمة مهام إدارة مدرسة "زهرة الإحسان"، مشيرة إلى أنّها كانت ضمن أعضاء اللجنة المنظمة لليوبيل الـ125 عاماً لتأسيس مدرسة الزهرة"، ومؤكدةً أنّ "السيدة السكاف لم تتمكّن من تحقيق مشروع أعدته عن منطقة الأشرفية لتمتدّ إلى تاريخها وعلاقة مدرسة الزهرة بهذه المنطقة". وماذا خسرت التربية اليوم؟ أجابت: "لا أعرف... فاجأني الخبر، خسرنا امرأة كانت أيقونة في التربية".

[email protected]
‏Twitter:@rosettefadel

اقرأ في النهار Premium