لم ينشأ نزاع توزيع مياه أفقا بين ليلة وضحاها، بل هو وليد مشاكل بين مناطق جرد منطقة جبيل منذ فترة تقارب السبع السنوات. ومن دوافع هذا التخاصم بحسب بعض الأطراف تملك حزب معيّن على توزيع المياه من نبع أفقا. علماً أنّ البلدة معروفة بانتماء سكانها ومناصرتهم لـ"حزب الله".
تواتر الهجوم الافتراضي عبر "توتير"، في حين لم يتوقف النائب السابق ورئيس "لقاء سيدة الجبل" فارس سعيد عن المطالبة بتوزيع المياه طيلة هذه الفترة، كما غرّد اليوم عبر حسابه قائلاً إنّ "مدير مصلحة مياه يحاول مشكوراً استثمار مياه جرد جبيل لتأمين حاجات الناس، حفر آبار، استثمار نبع الرويس، مرتا مرتا أنتِ مشغولة بأمور كثيرة والمطلوب واحد. سعادتك طبّق القانون في أفقا وأمّن توزيع المياه لكل قرى القضاء".
ما مشكلة توزيع المياه في هذه المنطقة؟
يؤكد سعيد لـ"النهار" أنّ "مشروع الري وتوزيع مياه أفقا إلى جرود منطقة جبيل قائم منذ الستينيات، وأدى اندلاع الحرب الأهلية إلى إعادة تأهيل المشروع، وذلك سمح لبعض "الأشخاص" المنتمين لفريق معيّن بالتملّك على النبع ووضع شروط تخدم حاجاتهم الخاصة".
ويُشير إلى أنّ "مصلحة جبل لبنان - ومديرها قريب من (التيار الوطني الحرّ) - تبحث عن تأمين المياه ببدائل مختلفة ومحاولة الاستعانة بحلول رديفة، مثل استخدام آبار المنطقة، بالإضافة إلى محاولة تأمين المياه من نبع الرويس، لكن هذه الوسائل لم ولن تؤدّي إلى حلّ".
واستطرد قائلاً: "تواصلتُ مع مدير مصلحة مياه جبل لبنان جان جبران في عدّة مناسبات، وطالبت بتوزيع المياه بحسب القانون فالجميع لديّه أحقية الحصول على هذه المياه، هذه المسألة ليست طائفية ولا سياسيّة، بل المطلوب فقط تطبيق القانون ومنع فريق معيّن من الاستيلاء على أراضي الدولة وحقّها".
سعيد الذي انتقد الفريق المتمرّد على نبع أفقا والمحمي سياسياً، طالب بأن تضع مصلحة المياه حدّاً لهذه التجاوزات أو تكون شريكة فيها، معتبراً أنّه "من غير المقبول أنّ يتحكم فريق بمياه ملك الدولة". وأضاف: "تكلمت مرات عدّة في هذا الموضوع، وسأواصل المطالبة بتطبيق القانون".
من جهته، اعتبر عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب زياد حواط في حديث مع "النهار" أنّ "توزيع مياه أفقا حقّ لجميع أفراد المنطقة، لكن ما يردع تطبيق القانون هو سيطرة (حزب اللّة) على النبع والمياه بقوّة السلاح فهو يعتبر نفسه أقوى من الدولة ولا يخضع لسلطة المؤسسات الرسميّة، وبالتالي تخضع مياه أفقا اليوم لاستنسابيّة في التوزيع من قبل "الفالتين من القانون"، الذين يضعون شروطاً لتحويل المياه للقرى المجاورة وقضاء جبيل "كما يشاؤون"، ليصبحوا بمثابة عصابة تتحكم بالمياه".
أضاف حواط: "نتيجة هذه الاستنسابية هي غياب القضاء وعدم تطبيق القوانين، فضلاً عن السلاح المتفلت وغير الشرعي الذي يسمح لهذه الفئة باحتكار القرار، وهذا يعني أنّ الدولة لن تعيش في ظلّ دويلة، ونحن نطالب مصلحة مياه جبل لبنان بتطبيق القانون".
"أفقا عطشانة"
في المقابل، تختلف رواية أهالي أفقا عمّا يطرحه سعيد والحواط، إذ يرى عضو بلدية أفقا عوض زعيتر أنّ المسألة مختلفة عمّا يتم تداوله في الإعلام قائلاً: "أفقا هي أكثر منطقة متضرّرة من الانقطاع الدائم للمياه ولا صحّة لكلام عن احتكار التوزيع، بل يدخل في إطار التصعيد والكلام السياسي".
ويشير زعيتر إلى أنّ منزله يقع على خطّ المغارة، ويوضح أنّ الحصول على المياه يتم عن طريق الجاذبية، لكن ما يحصل هو قطع المياه عن أفقا لإيصالها إلى مناطق مجاورة، خصوصاً أنّها تؤمّن المياه لكسروان وجبيل، مضيفاً: "صرخة أهلنا تزداد كلّ يوم، وتبقى أفقا "عطشانة"، ومردّ ذلك، أنّ شبكة المياه قديمة جداً ولا تغطي جميع البيوت السكنية في المنطقة مما يقطع المياه عن بيوت عدّة، "متل واحد بيعطي غيره وهو محروم"، حتى أنّ ضخّ المياه غير ممكن بسبب الانقطاع الدائم للكهرباء ومياه الدولة وهذه مشكلة تضاف إلى المشاكل العديدة التي تواجهها المنطقة."
ويقول إن "بلدية أفقا تسعى لإنشاء مشاريع منها حفر آبار لتأمين القليل من المياه لسكانها، إلاّ أن الفكرة لم تدخل قيد التنفيذ".