تحت شعار: "لا أخاف سوءًا لأنك معي" احتفلت مدينة زحلة، اليوم، بعيد أعيادها خميس الجسد الإلهي الذي درجت على الاحتفاء به، سنوياً، منذ 197 سنة إحياء لذكرى الأعجوبة الإلهية التي أنقذت زحلة من وباء الطاعون في العام 1825. وهو العيد الأول بعد سنتين من التباعد الاجتماعي بفعل جائحة كورونا، فأقبل الناس بكثافة وشوق على المشاركة فيه.
وفي هذا العيد، تتجسّد الوحدة المسكونيّة للكنائس في زحلة، فتنطلق القداديس في كنائس الرعايا في مختلف أحياء المدينة، وعلى اختلاف طوائفها، وتخرج بعدها بمسيرات خلف الجسد الإلهي لتضخّ الروح في شوارع المدينة، وتتقاطر إلى بولفار زحلة، الشارع الرئيس للمدينة، حيث تتلاقى أمام السرايا.
في موكب موّحد تتقدّمه الكشافة، والجمعيّات الرسوليّة وتلامذة المدارس، يطوف الموكب، يتقدّمه أساقفة المدينة، يرافقهم الكهنة والرّهبان والراهبات، على طول البولفار حيث يتجمّع الأهالي كباراً وصغاراً أمام "الصمدات" للتبارك وتكبيس رؤوسهم.
العيد هذه السنة كان الأول الذي يحتفل به راعي أبرشية الفرزل وزحلة المطران إبرهيم إبرهيم، منذ توليته سدّة الأبرشية. وعلى ما درجت العادة، اعتلى المنصة الرسمية، قرب سرايا زحلة، إلى جانب أسقف أبرشيّة زحلة وبعلبك للروم الأرثوذكس المتروبوليت أنطونيوس الصوري، وأسقف زحلة للسريان الأرثوذكس المتروبوليت يوستينوس بولس سفر.
وقد شارك هذه السنة كاهن مدينة الناصرة، من أبرشية الجليل للروم الملكيين الكاثوليك الأب مسعود أبو حاطوم، والنواب: جورج بوشكيان، سليم عون، إلياس إسطفان وجورج عقيص، محافظ البقاع كمال أبو جودة، رئيس بلدية زحلة -معلقة وتعنايل أسعد زغيب وفاعليات رسميّة.
وألقى المطران إبرهيم كلمة العيد، جاء فيها:
"لا أخاف سوءًا لأنك معي ... لا نخاف سوءًا لأنك معنا"
وهل يُمكنُ أن يدخل الخوفُ زحلة وهي عرينُ أسودِ الإيمان ورايةُ العنفوان وحِصنُ كُلِّ إنسان؟
قد نكون في عتمةٍ خارجيةٍ مُحيطة، لكننا نشهد كل يوم شروقَ نورٍ لا يغرُب وضياءٍ لا يغيب. شمسُ العدل معنا والمَشرِقُ الذي من العلاء قوتنا وثباتنا فكيف نخافُ سوءًا والسيّدُ معنا، يحوّلُ جوعَنا وعطشنا إلى شبعٍ وارتواءٍ يدومان إلى الأبد فلا نعودُ من بعدُ نجوع أو نعطشُ. قد نكون في مرض، وقد كنّا، فيصيرُ لنا معافاةً وشفاءً. قد نكونُ في تفككٍ وانقسام، لكننا به نتّحدُ ونتعاضد في سبيل عبورِ الأزمات والويلات كتلك التي نمر بها. قد نكون أسرى أحقادنا، لكنه جاء ليحرّرَ الإنسان من جورهِ على ذاته وتعصُّبِه وعنصُريَّتِه ورفضه لأخيه في الإنسانيّة. هو الذي يَنشُلُنا من يأسٍ وإحباطٍ وخوفٍ لنقوم ونعمل معًا بجدٍّ واتحادٍ وائتلافٍ يقضي منا على التكاسل والتراخي".
وتابع: "لقد أعرضتم قسراً مُدةَ سنتين عن التطواف مشياً على الأقدام بسبب جائحة كورونا. لكنّا اليومَ كعادتنا نعاودُ الاحتفال بهذا العيد الذي غدا تُراثاً إيمانياً زحلياً...
لقد انتصرنا بقوة الجسد الإلهي على كثيرٍ من الأزمات والتجارب المُرّة في لبنان وآخرها الكورونا. وها نحن اليوم في خليّة صلاة لا تتوقف كي يقوم لبنان ويشفى من أوبئته الكثيرة ومن داء الفساد الهدّام، ليتمكّنَّ المجلسُ النيابيُ الجديد من إجراء الإصلاحات المطلوبة محلياً وإقليمياً ودولياً لعودة الاستقرار والاستثمار، ونشهدَ تشكيلاً سريعاً لحكومة قادرة على مواجهة التحدّيات المتنوّعة وإيجاد الحلول الناجعة وأولُها أموال المودعين".