طوني فرنجيه
الزمن الجميل يعود إلى دوما البترونية بحلّة جديدة هذا الصيف. فمهرجانات دوما عادت وأطلّت من السوق القديم بعد غياب لسنوات بسبب جائحة كورونا وأوضاع البلاد والعباد، وعاد عبق التاريخ "الدوماني" ليزهو من جديد عبر افتتاح المحالّ التجارية في أجمل مصايف بلاد البترون، التي شكّلت في الزمن الغابر صلة وصل بين الساحل اللبناني والبقاع امتداداً إلى سوريا، ومكاناً لاستراحة القوافل قبل أن تتابع المسير عبر الجبال إلى سهل البقاع وبرّ الشام.
تعود المهرجانات إلى دوما هذه السنة بفضل تضافر الجهود بين البلدية والمغتربين والمقيمين، فانطلقت يوم الجمعة الفائت من السوق القديم، وتستمرّ لسبعة أسابيع متتالية، وتجمع بين التراث والتقليد اللبنانيّ، وتحاكي الحداثة والإبداع فناً، ورياضة، وسهراً، وطرباً وحتى سينمائيّاً .
هي البداية، بداية صيف واعد وفق ما يجمع على ذلك أبناء البلدة، "فالتاريخ يأخذنا إلى بدايات جميلة تعود إلى ٢٥ سنة مضت، حين كانت دوما السبّاقة في إحياء مهرجاناتها؛ ودوما كانت وستبقى الحدث، وهي تؤكد أن الدومانيين مجتمع يحبّ الحياة والجمال".
ويقول الأهالي: "الصيف هنا فعالياته وأنشطته كثيرة هذه السنة، من إطلاق ليالي السوق القديم، إلى الأنشطة الرياضيّة المتنوّعة التي أطلقها النادي، وتُحاكي جيل الشباب، وتبني مجتمعاً رياضياً، فيما باقي الجمعيّات أيضاً تتحضّر لإطلاق رزمة من الأنشطة؛ ودوما تنتظر عشّاق الطبيعة الرائعة، ومحبّي رياضة المشي في الجبال، ومحبّي التراث والبيوتات الأثرية، ومحبّي السياحة الدينية، ومحبّي الفن والجمال".
تختزن دوما الكثير، ففيها 33 معلماً أثرياً سياحيّاً و14 معلماً دينياً يعود بعضها لحقبة ما قبل المسيح، إلى أيّام الرومانيّين والوثنيّين، بالإضافة إلى معالم بيئيّة عدّة. وبلديّتها تأسّست سنة 1881، وهي من أقدم خمس بلديات في لبنان، وسوقها الأثريّ كان يحتوي على 250 محلّاً تجارياً تحاكي كلّ حاجات القوافل؛ أما اليوم فإن العدد تقلّص إلى 129 محلّاً بسبب توجّه الأهالي إلى أسواق العمل في المدينة، حيث يمكنهم تعليم الأولاد في المدارس والجامعات، لكون دوما كما غيرها من المناطق اللبنانية، لا سيما الجبلية، والشماليّة بنوع خاص، تعاني من الإهمال الرسمي.
رئيس البلدية الدكتور أسعد عيسى المشرف مع مجموعات العمل على المهرجانات يؤكد أن "هدف ليالي دوما هو تعزيز دور دوما على الخريطة السياحية اللبنانية، والانطلاق مجدداً نحو الأمام بهدف زرع الفرحة والبسمة على وجه أهالي دوما وأهالي المنطقة، وخلق فرص عمل جديدة عبر إعادة المجال للاستثمار الاقتصادي من خلال فتح المحالّ وتنشيط الإنتاج الصناعي المحلي والحرفي".
ويضيف: "إن المهرحان لهذا العام مميّز ومتنوّع بشكل يُرضي جميع الأذواق والأعمار ضمن الميزانية المرصودة، التي تمّ تأمينها من المغتربين، ومن المقيمين، وبالتعاون مع البلدية؛ وستكون هناك أمسية زجل، وعشاء قرويّ للنادي الدوماني، وأمسية شعرية، وطرب، وإحياء للسينما الدومانية، كما سيكون هناك أمسيتان للأفلام المستقلّة، ومساحة واسعة للإنتاح الحرفيّ من حديد مشغول وخشب ورسم وتلوين، كما سيكون للمواهب الدومانيّة نصيب في المهرجان أيضاً".
وأشار إلى أن "مؤسسة samplast ترعى المهرجان، ولها كما لكلّ أهالي البلدة من مقيمين ومغتربين والأندية والجمعيّات والمجلس البلدي كلّ الشكر على التعاون لإنجاح مهرجان دوما، متوقّعاً حضور نحو 30% من أبناء البلدة المغتربين هذا الصيف إلى مسقط رأسهم".
وخلص: "ورثنا عن أجدادنا السوق الأثري ودوما التي هي أشبه بعروس علينا أن نظهر هذه العروس بأبهى حللها".