النهار

مع أزمات القطاع الطبّي... الـHome Care في الواجهة
جاد ح. فياض
المصدر: "النهار"
مع أزمات القطاع الطبّي... الـHome Care في الواجهة
معالجة أحد مصابي كورونا (أ ف ب).
A+   A-
تُعد ظاهرة الـHome Care، أو الاهتمام الطبي المنزلي، من الظواهر التي توسّع نطاقها بُعيد انتشار فيروس كورونا، إذ بعد وصول المستشفيات إلى أقصى قدراتها الاستيعابيّة، وجدت الهيئات الصحيّة في التوجّه نحو الاستشفاء المنزلي خير بديل، من أجل الحفاظ على حياة المرضى وتفادي وفاتهم في غرف الطوارئ وأمام أبواب المستشفيات، فضلاً عن تخفيف الاكتظاظ في داخل الصروح الطبّية، والمساهمة في التخفيف من انتشار الجائحة.

أما على صعيد لبنان، فإن لهذه الظاهرة إيجابية أخرى، تكمن في تخفيف تكاليف الاستشفاء في المستشفيات على المرضى، الذين باتوا بمعظمهم غير قادرين على دفع هذه الأكلاف، إلى جانب تخفيف الضغط عن المستشفيات التي تفتقد المسلتزمات الطبية بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار وعدم القدرة على الاستيراد كما في السابق.

اليوم، ومع عودة انتشار فيروس كورونا بشكل واسع، ومع ارتفاع عدد المرضى الواجب إدخالهم إلى المستشفيات، يتزايد الاهتمام بهذا الطرح الصحيّ، خصوصاً أنّه تمّ العمل على خطط من أجل تنظيمه وتأطيره قانونياً.

المتخصّصة في علوم المختبرات الطبّية لمى حاطوم وضعت خطةً حول العناية المنزليّة من أجل عرضها على وزارة الصحة، وعلى عدد من النوّاب، بهدف طرحها في البرلمان وإطلاقها رسمياً. ولاقت الخطة لاقت ترحيباً من قبل الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي يدرس إمكانيّة اقتراحها كمشروع قانون في مجلس النواب عبر كتلة اللقاء الديمقراطي.

وفي هذا السياق، أشارت حاطوم إلى أن "الخطة تقوم على مرتكزين، التنظيم والتمويل؛ أما الهدف الأساس منها، فيكمن في تقديم عناية طبّية منزليّة ذات جودة عالية للمرضى، بالإضافة إلى التخفيف من تكاليف الاستشفاء، ومن الضغط على المستشفيات والبُنى التحتيّة الصحيّة".

ولفتت في حديث مع "النهار" إلى أنه "لجهة التنظيم، تقوم وزارة الصحة باعتماد نقاط Centre Points في المحافظات أو الأقضية كمراكز عناية، تحتوي على المستلزمات الطبّية المطلوبة والأدوية وغيرها من أجل الوصول إلى جميع المواطنين على مساحة لبنان، وحتى في مناطق الأطراف؛ ومن الممكن أن تكون المستوصفات المنتشرة في مختلف المناطق، وغير الفاعلة، مراكز لهذه الخدمة".

وذكرت أن "الخطة تلحظ تجهيز الفرق الصحّية التي ستكون مسؤولة عن العناية بالمرضى، وذلك عبر جلسات تدريبيّة، في ظلّ تحديثٍ للتشريعات المرتبطة بالرعاية المنزلية، ما سيفتح الباب على مراجعة السياسات الحالية وتعديلها لتكون نسبة الوصول إلى جميع المواطنين عالية".

وتابعت: "تداوم في هذه المراكز فرقٌ طبيّة جاهزة على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع، تقوم بمتابعة المرضى في نطاق جغرافيّ معيّن، وتتلقّى الاتصالات في حال حدوث أيّ طارئ، وتتواصل مع المستشفيات وتنسّق معها عمليات التمريض والمتابعة".

أما لجهة المرضى، فإن "خدمة الرعاية المنزليّة قد يستفيد منها أيّ مريض لا تستدعي حالته المكوث في المستشفى، كمرضى كورونا، الذين لا يعانون عوارض خطيرة، أو المرضى الذين يُجرون عمليّات ويحتاجون إلى فترات استشفاء من بعدها، كعمليات استئصال المرارة أو الزائدة؛ فعندها، يُمكن لهؤلاء العودة إلى منازلهم على أن يتابع الممرّضون أحوالهم الصحّيّة في 4 زيارات يومية".

وحول التمويل، قالت حاطوم: "يُمكن طرح الخطّة على المنظّمات الدولية، كمنظمة الصحّة العالمية، الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID، وغيرها من المنظمات الدولية التي تموّل مشاريع مشابهة، بالإضافة إلى تمويل وزارة الصحة، من دون استبعاد إشراك المتموّلين والمغتربين".

وتابعت: "المراكز التي سيتم اعتمادها تحتاج إلى تجهيز، ويمكن التخفيف من التكاليف باعتماد المستوصفات الطبّية كمراكز، وهي مجهّزة، ولكن تحتاج إلى تأهيل وتأمين المستلزمات المفقودة. ويُمكن تخصيص جزء من المبلغ المرصود للمشروع لمختبرات الجامعة اللبنانية التي سيتم اعتمادها لإجراء الفحوص المطلوبة".

أما بالنسبة إلى فوائد المشروع، فقد أشارت حاطوم إلى أن "الرعاية المنزلية تتمتع بجودة عالية، كما أن تكلفة الاستشفاء منخفضة على المريض، وذلك لإعفائه من دفع بدل خدمات المكوث في المستشفى لأيام، إضافة إلى تخفيف العبء عن المستشفيات وبنيتها التحتية ومستلزماتها الطبية، وستوفّر فرص عمل للممرضين والاختصاصيين في التغذية، وللأطباء".

في سياق متّصل، وانطلاقاً من تجربةٍ فعلية على أرض الواقع، أوضحت إنعام خالد، وهي شريكة في إحدى المؤسسات العاملة في قطاع خدمات الرعاية المنزلية الطبّية، بأن "الخدمة التي تُقدم تشمل المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية طبّية منزليّة بسبب مشكلات صحّية مستعصية، تستدعي متابعة دائمة وطويلة الأمد، مثل كبار السّن الذين يحتاجون إلى المساعدة في حياتهم الطبيعية، بالإضافة إلى النساء اللواتي وضعن أطفالاً حديثاً، واللواتي يحتجن إلى مساعدة في الفترة الأولى".

لكنها ذكرت أن "الطلب على هذه الخدمة تضاعف مع انتشار فيروس كورونا ووصول المستشفيات إلى أقصى طاقاتها الاستيعابية، حين لجأ العديد إلى طلب الممرّضين للاهتمام بذويهم المصابين بالفيروس"، خصوصاً أنهم غير قادرين على الاهتمام بهم شخصياً لخوفهم من التقاط العدوى، أو عدم معرفتهم بكيفية التعامل مع المرضى.

وأضاءت خالد على سوء أحوال الممرضين والممرضات الاقتصادية، وهجرتهم، وبالتالي تراجع أعدادهم بسبب زيادة الطلب على اليد العاملة في القطاع الطبّي في الخارج، وأضافت: "أمّا أولئك الذين ظلّوا، فهم يحتاجون إلى الدعم المادي لضمان استمرارهم في عملهم، خصوصاً أن مهمّاتهم إنسانيّة ومهمّة جداً".

اقرأ في النهار Premium