النهار

بعد الحديث عن تراجع مياه البحر... هل هناك خشية من تسونامي؟
المصدر: "النهار"
بعد الحديث عن تراجع مياه البحر... هل هناك خشية من تسونامي؟
صورة متداولة عن تراجع المياه على شاطئ عدلون.
A+   A-
يتم التداول على عدد من وسائل التواصل الاجتماعي ملاحظات ومشاهدات نقلا عن العديد من ابناء المناطق الساحلية الشاطئية عن تراجع مياه البحر من لعدة امتار، مصحوبة بمخاوف من إمكانية حدوث تسونامي في وقت قريب.
في المقابل اشارت وحدة ادارة الكوارث في اتحاد بلديات قضاء صور في بيان، الى انه "يتم التداول على مواقع التواصل الاجتماعي لصور واخبار عن حالة البحر واثارة اخبار عن تسونامي محتمل وقوعه على شاطئ المتوسط، وبعد التواصل مع مركز علوم البحار ومركز البحوث العلمية، افادت الوحدة أنه  طالما انه لم يحدث اي زلزال في البحر فلا وجود لاي تسونامي محتمل.
 
 وأكدت "ان حالة التراجع في البحر هي حالة طبيعية تتعلق بالمد والجزر الطبيعي للبحر التي تتاثر بحركة الكواكب لاسيما وضعية القمر وحركته التي تؤثر على حالة المد والجزر. وبالتالي، ان الحالة المشهودة على شاطئ المتوسط هي حالة طبيعية ولا داعي للهلع او الخوف".
 وطمأنت الاهالي بعدم وجود اي اثر حالي لحدوث تسونامي".
 
 بدوره اشار مدير المركز اللبناني للغوص يوسف جندي انه "بالنّسبة لما يشاع اليوم أنّ المدّ الحاصل حاليا غير طبيعيّ، فهذا كلام غير دقيق ولا صحّة له. فنحن كأبناء ساحل ومنذ أكثر من ثلاثين عاماً رأينا تراجعاً لمياه البحر بين شهري شباط ونيسان أكثر من التّراجع الذي نراه اليوم. وكما هومعروفٌ لدى السّكان المقيمين في مساكن قريبة من الشّاطئ انّ الجزر كلّ عامٍ يكون في ذروته في شهر شباط."

وتابع: "أمّا بالنّسبة لما نراه اليوم على الشّواطئ اللّبنانيّة فقد حيث يبدو الجزر كبيرا، فذلك يعود إلى أنّ حال البحر هذا الأسبوع هادئة ولا توجد فيه أمواج مرتفعة. وهنا لا بدّ لنا أن نؤكّد انّ كلّ ما يحصل هو أمر طبيعيّ ولا داعي للقلق، ولا تنذر بأي تسونامي".
 
رأي علمي
الى ذلك الدكتورة المصرية إلهام محمود، خبيرة البيئة وعلوم البحار بالأمم المتحدة والأستاذة بـ"الهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء" بمصر، اعلنت في حديث لـ"فرانس 24"، أن الأمر غير واقعي، لم يحصل تراجع في مياه البحر الأبيض المتوسط. وإذا حصل تراجع أو قلة في مستويات المياه بالجزء الغربي من المتوسط، فذلك نتيجة لقلة الأمطار بشكل أساسي. لأن المنطقة المغاربية جغرافيا تمتد مساحاتها بين مسطحين مائيين كبيرين هما: البحر المتوسط والمحيط الأطلسي. وبالتالي من المفروض أن تكون في هذه المنطقة رياح غربية محملة بالأمطار. لكن للأسف لا يحصل هذا. وما يحدث أن المنطقة تتعرض لتذبذب كبير في التساقطات المطرية. وتبقى الأمطار غالبا حبيسة السحب، وهو ما أدى إلى جفاف المنطقة الغربية وتسبب في قلة المياه. وهذا أثر أيضا على الغطاء النباتي والزراعة والعديد من النشاطات الاقتصادية بحكم أن نسبة الجفاف تصل إلى 80 حتى 90 بالمئة... لكن أعود لأقول إنه لم يحدث تراجع ظاهر أو ما يمكن أن نسميه ظاهرة يمكن أن تقلقنا على مصير البحر الأبيض المتوسط.
 
 
وأشارت الى أن الحركة التكتونية معروفة في منطقة البحر المتوسط وتحديدا في دول بلاد الشام وتركيا، ويمكن أن نصفها بأنها تحصل فيها إزاحة. وكما نعلم الزلازل مصدرها حدوث بعض الإزاحات الأفقية أو العمودية في القشرة الأرضية. وهذا يتم في المناطق التي توجد فيها الفوالق. ولحدوث تسونامي، المفترض أن تكون الإزاحة، التي تحصل بين الفوالق الأرضية، إزاحة عمودية. ويجب أن تكون إزاحة بشكل شديد وواضح. لكن هذه الإزاحة لما تكون أفقية لا تتسبب في التسونامي، وهذا النوع من الإزاحة هو المعروف في منطقة المتوسط. ويمكن القول إننا محظوظون بأن الإزاحة التي تقع في منطقتنا من النوع الأفقي وليس الرأسي، وبالتالي لا ينتج عنها تسونامي ولا يمكن حتى أن يحصل هذا مستقبلا في منطقة المتوسط بما فيها المنطقة المغاربية ومعها مصر.
 
وتابعت "إن تحدثنا تحديدا عن زلزال تركيا وسوريا، فالعلماء الذين حللوا الظاهرة وجدوا أن موضوع تفريغ الطاقة أو الإزاحة، تمت كلها أو غالبيتها بشكل أفقي، يعني إزاحة أفقية. وقالوا إنه من 80 حتى 85 بالمئة من عمليات تفريغ الطاقة تمت بهذا الشكل. في المقابل نسبة بسيطة تتراوح ما بين 15 حتى 20 بالمئة تمت بشكل عمودي. وهذه النسبة لا يمكن أن يتبعها حدوث تسونامي في المنطقة. لكن هذه النسبة البسيطة هي التي دعت السلطات التركية المختصة إلى الإعلان أن بعض الدول حواليها في منطقة البحر الأبيض المتوسط، يمكن أن تكون معرضة لبعض الزلازل. لكن بعد فترة من التروي وتحليل النتائج الموجودة اكتشفوا أن نسبة الإزاحة العمودية قليلة لا يتبعها حدوث تسونامي. وهناك ملاحظة مهمة جدا في هذا السياق، التسونامي الذي يحصل عقب حدوث زلزال ضخم كما الذي هز تركيا وسوريا، المفترض أنه يحصل خلال ساعات وليس أيام. لكن زلزال تركيا وسوريا مر عليه أكثر من أسبوع، فليس من الممكن بل من المستحيل أن يحدث تسونامي نتيجة هذا الزلزال".
 
 
ولفتت الى انه مهما كانت قوة الزلازل شديدة، ليست كلها قادرة على تكوين موجات تسونامي. لأنه ليست قوة الزلزال وحدها هي التي تحدد إن كان سينتج عنه موجات زلزالية بحرية. فبناء على قوة الزلزال من جهة وعلى قدرته على إنتاج الموجات الزلزالية البحرية من جهة ثانية، هو الذي يحدد إن كان هناك إمكانية حدوث موجات تؤدي إلى تسونامي أو لا. وتعتمد قوة الزلزال على طبيعة الإزاحة الموجودة في بؤرة الزلزال. ولهذا الأخير بؤرتان: بؤرة في باطن الأرض التي تحدد خطورة الزلزال، تقابلها بؤرة أخرى على سطح الأرض، فالبؤرتان هما اللتان ينتج عنهما تفريغ الطاقة أو الإزاحة. وهذه العملية إما تتم بشكل أفقي وهذا لا يسبب في تسونامي، لكن يبقى خطيرا كما حصل في تركيا. لكن في حال تفريغ الطاقة بشكل عمودي، هذا خطيرا أيضا، لأنه ينتج عنه الموجات الزلزالية التي تسبب في تسونامي في المناطق البحرية.
 
هل لزلزال تركيا تبعات طبيعية على البلدان المتوسطية كهزات ارتدادية قوية مستقبلا، ثوران براكين وغيرها؟
 
نعم هنا تبعات تقول الخبيرة المصرية. فمعهد الدراسات الجيولوجية الأمريكية، الهيئة الكبرى التي تقوم بتسجيل الحركات الأرضية والاهتزازات والزلازل أصدرت خريطة مؤخرا تفيد أنه وقع في المنطقة حول تركيا وسوريا ما يقرب من 85 زلزالا. نحن رصدنا منها فقط الزالزلين القويين الأول بـ7،5 والثاني بـ7،8. لكن خلال الفترة البسيطة التي لا تتعدى ساعات بينهما، حصلت 85 هزة أرضية تراوحت بين اثنين واثنين ونصف. والزلازل الضعيفة على سلم ريختر لا نشعر بها أحيانا أو نشعر بها كمجرد اهتزاز بسيط في بعض المباني. لكن لا تخلف أي آثار أخرى. وإذا تحدثنا عن تبعات الزلزال الذي ضرب المنطقة. نعم له تبعات. لكن هل ستطال الدول المحيطة والدول العربية وحوض البحر الأبيض المتوسط شمالا وجنوبا. دعنا نتكلم بصفة أساسية عن جنوب المتوسط الذي يضم دولا كمصر. فالزلزال ستعقبه بعض "التواليات" أو بعض الارتدادات أو الاهتزازات البسيطة، لكن ستحصل غالبا في منطقة خليج العقبة أو شمال البحر الأحمر. وطبعا هذا راجع إلى وجود الفالق العربي الأفريقي الموجود بطول البحر الأحمر والذي يفصل القارة الآسيوية عن الأفريقية. وهناك دول ستشعر بهذه الارتدادات، بهذا النشاط الزلزالي الذي يعقب الزلزال الكبير في تركيا وسوريا، كاليونان وقبرص، وهذه الارتدادات ستكون بسيطة قد يشعر بها السكان دون أن تخلف أضرارا.
 

اقرأ في النهار Premium