ميشال حلاق
تستكمل جرائم القطع الجائر للأشجار الحرجية المعمّرة والنادرة فصولها في مختلف غابات عكار، من وادي خالد الى اكروم وعندقت والقبيات وعكار العتيقة وبزبينا وفنيدق ومشمش وعلى امتداد المنطقة الجردية لمجرى نهر البارد في حرار وقبعيت والقمامين. لا حسيب ولا رقيب والوزارات المعنية غائبة، والتجار يسرحون ويحققون الأرباح.
جديد حلقات هذا المسلسل الجهنمي، اقدام مجهولين، معلومين، على قطع عدد كبير من أشجار الشوح الكيليكي النادر في محلة وادي الاسود اعالي القموعة وفي غابة اشجار العذر النادرة وربما الوحيدة في الشرق الاوسط، التي شُوهت بفعل التمادي باحتطاب اشجارها.
آلاف الأطنان من حطب الأشجار الحرجية تقطع من جذوعها، بواسطة مناشير ضخمة، وكأنها عملية إبادة ممنهجة للغطاء الحرجي في هذه المحافظة المتروكة، على ما يبدو لمصيرها، حيث شاحنات نقل الحطب تصول وتجول على مختلف الطرقات، ومن عكار الى كل المناطق اللبنانية، ولا من يسأل، ولا من يقاضي او يحاسب. الأمر الذي أثار حفيظة الناشطين البيئيين الذين استهجنوا هذه الأفعال، وتوجهوا بنداء للجهات الامنية والقضائية، بضرورة الاسراع بوضع اليد بجدية على هذا الملف، وكشف الفاعلين ومعاقبتهم.
رئيس بلدية فنيدق الشيخ سميح عبدالحي تحدث لـ"النهار" عن التعديات وقطع الأشجار ضمن النطاق الجغرافي لبلدية فنيدق قائلا: "سعينا جاهدين خلال السنوات الأخيرة لمنع التعديات على الأشجار رغم أن هذا لا يقع ضمن مسؤوليات البلدية بل من ضمن مسؤوليات وزارة الزراعة والأجهزة الأمنية، لكن من باب الغيرة على هذه الثروة الكبيرة التي منحنا الله إياها، عمدنا إلى تعيين عشرات الحراس (مع العلم أننا لا نملك الصفة القانونية لذلك ولا نملك آليات قانونية لضبط عمل الحراس أنفسهم) لكن في ظل عدم وجود سلطة رادعة لم نتمكن من تحقيق الهدف المرجو".
اضاف: "كذلك عمدنا إلى التواصل مع الجهات المعنية الرسمية وغير الرسمية لشرح مشكلتنا ومن ضمنها، وزارة الزراعة (3 مقابلات مع وزير الزراعة، ولقاءات مع مدير عام وزارة الزراعة، ومصلحة الزراعة في عكار)، ووزارة البيئة، ووزارة السياحة، بالإضافة إلى الأجهزة الأمنية في منطقة الشمال، والجمعيات البيئية العاملة في لبنان، والمؤسسات الإعلامية.
في العام 2021 رفعنا دعوى بحق 35 شخصاً ممن ثبتت عليهم تهم قطع الأشجار والاتجار بأخشابها، ووكلنا محامياً لمتابعة القضية، لكن الرد كان للأسف بعدم اعتقال أي منهم وإطلاق سراحهم بسندات كفالة، ما دفعهم بعد ذلك إلى التمادي أكثر في التعدي على الثروات الحرجية".
وتابع عبدالحي: "هذا العام قدمنا 62 اسما لأحد الأجهزة الأمنية فكان الجواب أنهم يريدون صوراً تثبت المجازر التي تحصل، والتقدم بدعوى أمام النيابة العامة، ومن ثم تتخذ الاجراءات القانونية بحقهم، وهذا يعني تكرار لسيناريو 2021".
وتمنى عبدالحي من كل من لديه أي اقتراح عملي لردع هؤلاء وضمن الشرع والأصول القانونية أن يتقدم به من السلطات المحلية. "فنحن لن نستخدم لغة السلاح بين أهلنا، لأن هذا خارج صلاحياتنا ومن مسؤولية المؤسسات الأمنية، ونحن ندرك أن القوة هي الرادع الوحيد لمن خلعوا ثوب الحياء والخشية من الله، لكن لا يمكن لأي جهة استخدامها ما لم يخولها القانون ذلك وإلا فنكون قد فتحنا باب الفوضى وهي فتنة أكبر نحن بغنى عنها".
وخلص الى القول: "أمام كل هذه التحديات الشاقة وعدم القدرة على ضبط الأمور بسبب غياب الدولة أضع وبكل احترام استقالتي بين أيدي أهل الحل والعقد في بلدة فنيدق لأخذ القرار المناسب الذي يحفظ حق الغابات والمصلحة العامة".