الرياضة جمعتهم، ليكوّنوا فريقاً من هواة الركض، ويشكّلوا مجتمع ركض يتّسم بالبساطة، لكنّ جوهره وصل إلى عمق العائلة. ففريق "Team we lead"، مثّل حاجة لممارسة رياضة مجّانية، دون تكلّف في الهواء الطلق، وسط المدينة، والعودة إلى بساطة "الرياضة المجتمعية"، إن صحّ القول.
انطلق الفريق رسمياً في عام 2014، لكنّ نواته تشكّلت قبل هذا العام، إذ شارك المدرب الرياضي وليد قبّاني، في 2003 مع بعض أصحابه هواة الركض منذئذٍ، في "ماراثون بيروت"، عندما كان يوفّر برنامج "بيروت 542" لحوالي 4 أشهر، تدريب الناس على خوض الماراثون الأول لهم.
لكن فريق المدرب حينها، استمرّ بالتدريبات بعد هذا البرنامج. خاض الماراثون وسباقات في الركض في لبنان وخارجه في مدن مثل روتردام وبراغ وروما وباريس.
ومع توسّع الفريق بعد عام 2014، حوّل قبّاني اسم الفريق من "Team Walid" إلى "Team we lead"، لإثبات قيادة القوّة والإرادة والعزم و الشجاعة، وفق تعبيره. فالفريق هو فريق هواة الركض، وليس فريق عدّائين. وصار يتوسّع حتى وصل عدد أعضائه النشطين إلى ما بين 150 و200 شخص. وتوسّع الفريق حتى تفرّعت منه فرق في مناطق عديدة في لبنان، كالنبطية وعاليه وصيدا وطرابلس.
التدريبات تجري 3 أيام في الأسبوع، يومي الأربعاء والجمعة بعد الظهر، ويوم الأحد صباحاً في وسط البلد. ويتكوّن الفريق من مختلف الأعمار، التي تراوح ما بين 13 و76 عاماً. كما يضمّ جميع الخلفيات الاجتماعية والفئات المجتمعية.
نصائح في الركض مع المدرّب وليد قباني
"فريقنا عابر للمناطق بطبيعة الحال، ونحن عائلة، ففي محادثات الـ"واتساب" للفريق، يتشارك الجميع التهاني والمباركات والتعازي، والدعم والمساعدة إن احتاج إليها أحد"، يؤكّد قباني. والجميع يأتي إلى التمرين بمحبّة وفرح، و"لا نطلب أيّ شيء من أحد، والركض مجّاني وللجميع"، وفق قبّاني، الذي يسعى فقط إلى تشجيع الناس على الرياضة، "لا بل نقدّم لهم كل ما يحتاجون إليه، من دعم وتدريب ونصائح".
ولم يفرض قباني عدم الكلام في السياسة والطائفية كقانون، "بل إن الأعضاء، من تلقاء أنفسهم، لا يتداولون هذه المسائل، والأمر غير وارد في الفريق، لأنّ الجميع هنا لينفّس ويشعر بالإيجابية ويهتمّ بلياقته البدنية، لذلك وتلقائياً، لا أحد يتناول أياً من المواضيع التي تبعث بالسلبية"، يورد قباني.
ولكون الفريق يتضمّن مستويات عدة من الاحتراف في الركض، فمنهم مَن بدأوا حديثاً جداً ومنهم بدأوا منذ سنين، تختلف التدريبات لكلّ من المستويات، ويخصّص "الكوتش" كل مستوى من الركض بتدريب معيّن يلائمه، إذ هناك مَن يبدأ بالمشي ويتدرّج، ويشدّد قباني على أنّه "مرحَّب بجميع المستويات، لكن أهم ما في الأمر أن يشارك الناس في الركض، فهم بالتأكيد سيتمكّنون من الوصول إلى المستويات العليا".
لكن أكبر مشكلة يواجهها الفريق، هي الظلام من جراء غياب الكهرباء على الطريق ليلاً، خصوصاً مع التوقيت الشتوي، ما يسبّب وقوع، وأحياناً إصابة، بعض الأشخاص.
روح الفريق تجذب مَن خارجه إلى خوض التجربة. وفيما يركض قباني منذ التسعينيات، وقد ركض جميع نسخ "ماراثون بيروت"، وهو عرّاب هذه الروح. فـ"صحيح أنّ لكلّ منّا مشاكله، لكنّني أبقى إيجابياً، وعندما يكون الشخص قائداً لفريق، عليه ألّا يظهر مشاكله لهم، وأن يبقى بالصورة المشجّعة والمحفِّزة، وإظهار الوجه الذي ينتظرون رؤيته"، يقول وليد. ولا يخفي "الكوتش" أنّ تنفيذ هذا الأمر مسألة صعبة، "لكنّني أقوم به لأنّني أقدّم للناس ما أحبّه، وليس لأيّ هدف آخر، فجميع ما نقوم به مجّاني".
يطلق "الكوتش" وليد قباني صافرة الانطلاق إلى التدريب، بعد تجمّع الفريق. لكن قبل الشروع بالتدريب، وفي كل تجمّع، يلتقط صورة للفريق "لمعرفة مَن كان غائباً منهم"، يروي قباني وهو يضحك. ويؤكّد أنّ ميزة الركض هي أنّها لا تحتاج إلى تحضيرات، وتكلفتها مجانية، وهو رياضة سهلة للجميع، ولا عناء فيها، بخلاف جميع الرياضات الأخرى.
لعلّ روح قبّاني الإيجابية الظاهرة على أدائه، وحماسته الكبيرة تجاه الرياضة والركض، تنعكسان على أعضاء الفريق وتجذبان المزيد والمزيد منهم. كذلك، فإنّ حاجة الناس إلى ممارسة الرياضة "المجانية" في الهواء الطلق في المدينة، دون إلزامية التكلّف لقصد المناطق البعيدة التي بات الوصول إليها باهظاً بسب كلفة النقل التي ارتفعت، كانت أيضاً عاملاً جاذباً، إذ يكلّف الركض هؤلاء الأشخاص، وقتهم فقط.