النهار

عكار... عودة ملحوظة إلى زراعة القمح (صور)
المصدر: "النهار"
عكار... عودة ملحوظة إلى زراعة القمح (صور)
مساحات القمح.
A+   A-
ميشال حلاق
 
بدأ مزارعو القمح في محافظة عكار جني محاصيلهم لهذه السنة، لا سيّما في سهل عكار الساحلي وسهل البقيعة الداخلي، في منطقة وادي خالد الحدودية، حيث تشهد تلك البقعة زحمة آليات لحصاد الموسم، على اختلاف أحجام الآليات من كبيرة وصغيرة، في الوقت الذي تحافظ فيه المناطق الجبلية والوسطية على طرقها التقليدية القديمة في استخلاص سنابل القمح بالمناجل، لعدم قدرة الحصادات الميكانيكية الكبيرة على التحرّك في الأراضي المنحدرة (الجلالي) غير المسطّحة.
 
وقد سجّل هذا العام ارتفاعاً ملحوظاً في محصول القمح عموماً مقارنةً بالسنوات الماضية، وسجّلت المساحات المزروعة بالقمح الطريّ والقاسيّ وبأنواعه كافة (الأحمر والأبيض) إنتاجاً وفيراً، على أمل أن يكون الحصاد نموذجياً.
 
 
ومردّ اهتمام المزارعين بالعودة إلى زراعة القمح الارتفاع الملحوظ بأسعار هذه المادة الحيوية جداً على صعيد العالم، والخوف من فقدان القمح من الأسواق المحليّة، مع استمرار حرب روسيا وأوكرانيا التي تتصدّر قائمة منتجي الحبوب في العالم، واحتمال عدم تمكّن لبنان من استيراد الكميات الكافية بفعل الأزمة المالية والاقتصادية الصعبة.
 
يُشار إلى أن وزارة الزراعة عملت، وإن متأخّرة نسبياً هذه السنة، على إمداد المزارعين بكميات من بذور القمح بشكل مجّانيّ، الأمر الذي ساهم بزيادة المساحات المزروعة لضمان توفّر مخزون أكبر من القمح المنتج محلياً لتوفير الطحين للمخابز، وإن بالحدّ الأدنى.
 
فهل تتمكن عكار من استعادة دورها التاريخي القديم بتأمين حاجات لبنان من القمح؟ سؤال لا يمكن الإجابة عنه الآن.
 
المزارع جمال خضر، الذي التقيناه في حقول القمح التي يستعدّ للبدء في حصادها، تحدّث عن موسم القمح قائلاً: "يبدأ من أواخر شهر تشرين الأول ويستمرّ حتى ١٠ شباط كحدّ أقصى في عكار. وينطلق جني المحصول اعتباراً من منتصف شهر حزيران". أضاف: "يزرع العكاريون القمح القاسي بنسبة ٦٠ في المئة، وهو عدّة أنواع، ثم تكون نسبة ٤٠ في المئة من النوع الطريّ".
 
ويشير خضر إلى أن المساحة التي زرعها هذه السنة قمحاً تبلغ نحو 15 هكتاراً، جميعها في سهل عكار، لافتاً إلى أن تكلفة الهكتار الواحد هي ١٠٠٠ دولار، توزّع على الشكل الآتي: ضمان أرض، فلاحة مع زراعة وفرامة ٢٥٠ دولاراً، ثمن بذور نحو ٨٠ دولاراً، أسمدة ٢٦٠ دولاراً، وحصاد مع كبس قشّ ٢٧٥ دولاراً. فتكون التكلفة ما يقارب الـ٢٠٠٠ دولار للهكتار الواحد. وتتراوح كمية الإنتاج لكلّ هكتار ما بين ٥ أطنان و٧ أطنان من حبوب القمح، ونحو ٥ أطنان من القشّ الذي يصنع منه التبن كعلف للحيوانات. أمّا الأسعار بحسب التجار اليوم فهي تتراوح ما بين ٢٥٠ و٢٧٠ دولاراً لطن القمح، وما بين ٥٠ و٨٠ دولاراً ثمناً لطن القشّ".
 
 
وقال خضر: "حاولت وزارة الزراعة هذا العام مساعدة المزارعين بتقديم البذار، وقدّمته مجاناً للبعض. لكن خطوة الوزارة جاءت متأخّرة بعد أن كان القسم الأكبر من المزارعين قد أنهوا زراعة أراضيهم".
 
أما أبرز المشكلات والصعوبات فيلخّصها خضر بالآتي: "الأمراض كالصداء والحشرات وارتفاع أسعار الأسمدة واستغلال التجّار للمزارعين بفرضهم أسعاراً غير ملائمة وغير عادلة".
 
وتمنّى أن تقوم وزارة الاقتصاد بتسلّم المحصول بسرعة من المزارعين بالأسعار العالمية، التي تعتمدها الدولة في شراء القمحَ بالدولار الفريش، ممّا يساعد على تخفيف الحمل عن المزارعين، وينصفهم ويشجّعهم على زيادة المساحات الزراعية".
 
 
في الخلاصة، زراعة القمح ضرورية لتحقيق الأمن الغذائيّ وتدعيم الاقتصاد اللبناني، عدا كونها إرثاً وتقليداً سنوياً حافظ عليه المزارعون والفلاحون في الريف العكاري، حيث لزراعة القمح طقوسها وتقاليدها وآليات تعتمد بشكل أساسي على الترابط العائليّ زراعة وحصاداً.
والأزمة الاقتصادية دفعت مجدّداً العائلات في الريف العكاري إلى تخزين القمح المنتج لديها دقيقاً لصناعة الخبز، وبرغلاً للطبخ.
 
ويتطلع المزارعون إلى زراعة القمح، وكلّهم أملٌ في تألّقها من جديد واستعادة مواسم عزها.
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium