طوني فرنجيه
افتتحت رابطة قنوبين للرسالة والتراث حديقة البطاركة الموارنة الرابضة على كتف وادي قنوبين، أمام الزوار والسياح والحج الديني لهذا الصيف، بعدما أنجزت الورش الفنية للرابطة أعمال تنظيف مداخل وممرات المشاة في الموقع وإزالة آثار فصل الشتاء والأشواك والأعشاب البرية.
كما قامت بتأهيل مركز الاستقبال وتعزيزه بالعناصر البشرية لمرافقة الزوار والمطبوعات الإرشادية، بالإضافة إلى إنجاز أشغال تأهيل وتطوير واحة خدمات الزوار، لتأمين المشروبات والمأكولات البلدية ذات الصلة بتراث قنوبين. وزرعت مساحات واسعة بالنباتات الطبية والعطرية التي تستعمل في إعداد هذه المأكولات والمشروبات المحلية، كما تُقطّر في المشغل الحرفي القائم في الموقع. وابتداءً من نهار السبت الماضي فتحت أبواب الحديقة مجدداً أمام الزوار من هواة الحج الديني والسياحة الطبيعية والثقافية.
جديد الحديقة هذا العام، العناية بالخصائص البيئية للحديقة والمحافظة على تنوعها وحماية الطيور المقيمة فيها. ومن أجل تعزيز هذه الحماية، أنجزت أعمال تأهيل وتجديد البيوت الخشبية الخاصة لإيواء وتوليد طيور الحديقة على أنواعها، وإقامة بيوت جديدة نظراً لتكاثر الأعداد بعد إطلاق مشروع حمايتها منذ سنوات. وتمّ تركيز البيوت الخشبية في أشجار الموقع وفي بعض جوانب الصخور الطبيعية.
أبرز طيور الموقع الحساسين، الدوري، الشحارير، الحمام البرّي والحجل وسواها. وكانت هذه الخطوة قد ساهمت في تزايد أعداد الطيور في موقع حديقة البطاركة، وفي تآلفها مع زوّار الموقع واختلاطها بهم، بخاصة بعدما أرفقت مبادرة إقامة بيوت الطيور بتأمين حبوب التغذية وبعض فضلات الطعام، وتوقف صيدها بصورة كلية طوال السنة. ويدرس الفنيون والخبراء البيئيون خطة حماية فراشات الموقع، وأبرز شروطها عدم استعمال المبيدات الكيماوية.
ويُعمل على تأهيل وتطوير استراحة زوار الحديقة، والحفاظ على التراث البلدي الأصيل، وتقديم المأكولات التراثية الخفيفة ومشروبات عصير الفاكهة المحلية من عصير التفاح والرمان والتوت والورد وسواها من مقطرات الأعشاب والنباتات الطبية والعطرية كالشاي الأخضر والنعناع والزيزفون المغروسة في موقع حديقة البطاركة، مع التركيز على أنواع الخبز البلدي التقليدي المصنّع على الصاج أو داخل التنور أو "الطابونة" وفق عادات تصنيع الخبز القائمة في الوادي المقدس والجوار.
هذه الوسائل التقليدية لتصنيع الخبز كانت معتمدة في وادي قنوبين حتى أواسط القرن الماضي، ولا تزال آثارها البدائية قائمة في عدة أمكنة في الوادي ومنها آثار التنور و"الطابونة" قرب بيت الأنشطة الروحية والثقافية الجاري ترميمه حالياً، والقائم بين دير سيدة قنوبين ومزار القديسة مارينا. كما تتواجد آثار مواقد صاج الحطب قرب الكثير من منازل وادي قنوبين والجوار.
ومع إعادة بناء التنور والطابونة تكون واحة خدمات الزوار في حديقة البطاركة قد استكملت مجمل مقومات توفير المأكولات التراثية المتميزة بجودتها الغذائية وسلامتها الصحية. كما أن بناء هذين "المرفقين" يتيح تدريب نساء المنطقة على تصنيع هذه الأنواع من الخبز وتسويقه كمورد اقتصادي للعائلات الريفية، وفق برنامج تدريب وتأهيل المرأة الريفية الذي تتولاه الراهبات الأنطونيات المقيمات في حديقة البطاركة، بخاصة على المهن والحرف الإنتاجية المهددة بالانقراض.