يُسدل تلامذة "مؤسسة الهادي" للإعاقة السمعية والبصرية واضطرابات اللغة والتواصل، بمسرحية إيمائية هادفة، الستار على أمسية جمعَت أهل السياسة والمجتمع والفن والثقافة، بهدف مدّ العَون لهم، حفاظاً على مكانهم الآمن ومستقبلهم الأكاديمي والمهني.
تجاهد "جمعية المبرات الخيرية"، منذ بدء الأزمة الاقتصادية في لبنان، لإعالة الحالات الخاصّة التي ترعاها منذ عقود، إلّا أنّ الانهيار الحادّ بات يُهدّد بإقفال مؤسّسات الرعاية، وعلى رأسها "مؤسسة الهادي"، ممّا دفعها إلى إطلاق مبادرة "كُن صديقي" للمساهمة في دعم تعليم تلميذٍ من ذوي الإعاقة.
تضمّ "مؤسسة الهادي" 675 تلميذاً من المصابين بالتوحّد والتأخُّر الدراسي أو الصمّ أو البكم، ويعمل معهم 190 موظّفاً، يقدّمون خدمات علاجيّة لهم، كعلاج النطق واللغة، والعلاج فيزيائي والنفسي، ومساندة خاصّة للمصابين بالتوحّد.
يفرض الواقع الرعائي في المؤسسة تكلفة تشغيلية كبيرة على كاهل المؤسّسة، بل يفرض تحدّياً في المواءمة بين تقديم الرعاية المتكاملة للتلامذة وعدم الوقوع في العجز المالي، إذ إنّ عودة الأولاد إلى بيوتهم، في حال إقفال المؤسسة، ستشكّل عبئاً إضافيّاً على ذويهم، فيما بعض الحالات الخاصّة ستكون عرضة للخطر في حال بقائها بمفردها في المنزل، ممّا سيضاعف من هموم الأهل.
بالرغم من هذه التحدّيات، يرفض وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هيكتور حجار الحديث عن اتجاه لإقفال المؤسسات الرعائية في لبنان، ويؤكّد أنّ "مؤسساتنا باقية، والعاصفة ستنتهي"، معتبراً أنّ "الدولة والناس عاجزون معاً، وأقف اليوم معنويّاً إلى جانب مؤسسة الهادي، لأحفّز الآخرين في لبنان والخارج لدعمها ومساندة المؤسسات الاجتماعية الأخرى".
وعلى هامش مشاركته في المبادرة، يؤكّد حجار، في حديث لـ"النهار"، العمل "في الماضي مع مجلس الوزراء لدعم المؤسّسات الرعائية"، مضيفاً: "إنّني أسعى، من خلال مبادراتي اليومية، على المستوَيين المحلي والدولي، للحفاظ عليها، والمؤسّسات ستستمرّ بإيماننا وشجاعتنا وصلابتنا، ولسنا مِمَّن (بضبّوا الشنطة وبيمشوا)".
واقع "مؤسسة الهادي"
يكمن السبب وراء عجز المؤسّسات الرعائية والخيرية في لبنان، في السنوات الماضية، إلى اتّساع الهوّة بين سعر التكلفة المقدّم من الدولة وحاجة المؤسّسات التشغيليّة، إذ يؤكّد مدير "مؤسسة الهادي" إسماعيل الزين أنّ "حجار عمل على رفع سعر التكلفة بالليرة اللبنانية، إلّا أنّ تدهور قيمة العملة المستمرّ زاد من الأزمة، وما تدفعه الدولة اليوم لا يشكّل سوى 10 في المئة من تكاليف المؤسّسات. وكان من المفترض أن يُدفَع هذا السعر سنويّاً". ويقول لـ"النهار": "نعمل الآن مع حجار على تحديد سعر قريب للدولار، خاصّة أنّ الدولة تتّجه للدولرة".
ويتطرّق الزين إلى تحدٍّ أكبر يواجه عمل المؤسّسات، يتمثّل بالتحويلات المالية من وزارة المال عبر المصارف، ممّا يؤدّي إلى مشكلات في صرفها، فيما "يسعى مديرو الجمعيّات إلى حلّ هذه الإشكالية مع الرئيس نجيب ميقاتي".
من جهته، يُشدّد رئيس "جمعية المبرات الخيرية" السيد علي فضل الله، في حديث لـ"النهار"، على أهمّية تثبيت التعاون مع وزارة الشؤون، لكنّه يعتبر أنّ "يد الدولة باتت قصيرة" لإسناد هذه المؤسسات، ممّا يفرض "عبئاً مضاعفاً عليها".
وفق فضل الله، فإنّ أزمة المؤسّسات الخيريّة وحقوق المعوّقين تستدعي "إدراج بند عاجل في مجلس الوزراء، للحفاظ على استمرار دورها مكان الدولة"، متسائلاً بالقول: "إذا عجزت هذه المؤسسات عن تأدية رسالتها، في ظلّ غياب الدولة، فما مصير هؤلاء الأيتام أو المعوّقين والفئات المهمّشة؟".
أمام هذا الواقع، ليست مبادرة "كُن صديقي" إلّا مساهمة ظرفيّة لسدّ حاجة هذا العام من تعليم تلامذة "مؤسسة الهادي" وتأمين حقوق موظفيها بالحدّ الأدنى، فيما تسعى "جمعية المبرات" إلى توسعة "دائرة الخير"، وبناء جسر مع أصدقاء متنوّعين من المجتمع اللبناني، يؤدّون دوراً داعماً ماديّاً، وتنمية قدرات الطواقم التعليميّة، وتعزيز الجانب الإعلامي للمؤسسة، بما يصبّ في أهدافها التعليميّة والإنسانيّة والخدماتيّة.