القرار واضح للأساتذة المتفرغين والمتعاقدين في الجامعة اللبنانية: إعلان الإضراب المفتوح والدعوة الى عدم التحاق الزملاء بالعام الدراسي في تشرين الأول المقبل قبل تحقيق المطالب المرجوة بتحسين الوضع المعيشي للأستاذ. ولهذا التحرك إستثناء واحد ألا وهو متابعة الأساتذة مسار امتحانات الدخول للطلاب الجدد في أيلول المقبل.
«النهار» حاورت رئيس الجامعة الدكتور فؤاد أيوب لمعرفة كيفية مقاربته لمجمل العوائق الموجودة أمام انطلاق السنة الجامعية في الجامعة وفروعها، ومنها الإضراب.
في مكتبه في الإدارة المركزية للجامعة، وصف الدكتور أيوب السنة الجامعية المقبلة بـ "الصعبة، كما كانت السنة المنصرمة، وذلك يعود للأزمة الإقتصادية الخانقة والتي كان لها أثر سلبي على الجامعة من نواح عدة، لسببين أساسيين. الأول لعدم إقبال الشركات على عروض مناقصات الجامعة التي نطلقها على سعر الصرف المحلي الرسمي، لتفادي تعرّض هذه الشركات لأي خسارة مالية كبيرة".
"أما السبب الثاني"، وفقاً له، "فيرتبط بنظامنا المالي الذي يضعنا في غالب الأحيان في مواجهة واقع الشح في موازنة الجامعة العاجزة عن تغطية عملية شراء مستلزماتها ولاسيما في ظل الإرتفاع المستمر لأسعار السلع".
وقال: "لم تطرأ أي زيادة ملحوظة على موازنة الجامعة منذ أكثر من 6 أو 7 أعوام، بل حصل عكس ذلك من خلال تراجعها 11 مرة عما كانت عليها سابقاً. خُصص اليوم 20 مليون دولار أميركي سنوياً للجامعة بعدما كانت ميزانيتها 260 مليون دولار كانت بالكاد تكفي لتغطية النفقات مع إقبال 50 ألف طالب للدراسة فيها، في حين تراجعت الموازنة في ظل ارتفاع عدد طالبي العلم في الجامعة، والذي وصل الى 87 ألف طالب العام الحالي، ومن المرجح أن يصل الى نحو 93 ألفا في السنة الأكاديمية 2021-2022".
وعما إذا كان طرح هذا الواقع مع وزير المال غازي وزني، أجاب: "وعدنا وزير المال في حكومة تصريف الأعمال بإعادة النظر بالموازنة الحالية، والسعي لتعديلها بحيث تصبح عبارة عن دواء مسكّن يسد ثغرة نظراً الى الكمّ الهائل من حاجات الجامعة ومستلزماتها".
ولفت الى أن "تداعيات الأزمة تنعكس على الجامعات كلها، والتي يتقاضى بعضها الأقساط الدراسية بالدولار الأميركي مع إمكانية سعيها لجذب أي دعم خارجي لها، في حين تتقاضى الجامعة اللبنانية رسوم التسجيل من الطلاب بالليرة اللبنانية، وبات بعضها يساوي اليوم 15 دولاراً سنوياً، وفقاً لسعر صرف السوق طبعاً"، مشيراً الى أن "النظام المالي للجامعة حال دون محاولتنا طلب الإذن لجمع التبرعات لها".
وعن سبب تأجيل إمتحانات الدخول، قال: "تم تأجيل غالبية الإمتحانات باستثناء الهندسة بسبب جائحة كورونا. سننظم في أيلول ما تبقى من هذه الإمتحانات لتسهيل الأمور على الطلاب الجدد".
وانتقل في حواره الى الأساتذة، معتبراً أن "من الصعب إحصاء عدد،الذين تركوا التعليم في الجامعة طلباً للهجرة قبل انطلاق السنة الدراسية الحالية".
عن رده على اعتبار زيادة مليون ليرة على الرواتب الشهرية للأساتذة إهانة لكرامتهم، قال: "أتفهم هذا الأمر. ويمكن لكل أستاذ لا يريد هذا المبلغ الشهري أن يرسل لنا مراسلة رسمية يطلب بموجبها الإستغناء عن هذا المبلغ كل شهر".
وعرض أيوب "لآلية تخصيص هذا المبلغ الشهري للأساتذة لتسديد جزء من النفقات المترتبة عليهم نتيجة التعليم عن بُعد، الذي وافق عليه وزير التربية طارق المجذوب"، مشيراً الى أن "هذا الوفر يخضع للقرار 1273، الذي أجاز أن يخصص 70 في المئة من وفر عائدات مشروع الجامعة الملتزمة إجراء فحوص الـ PCRللكشف عن المصابين بوباء كورونا لكافة القادمين الى لبنان عبر مطار رفيق الحريري وعبر المعابر البرية، لتسديد نفقات التنفيذ المختلفة الخاصة بتوفير تجهيزات للفحوص ودفع أجور 200 عامل على مدار الـ24 ساعة ومنهم مجموعة من الأساتذة والموظفين، على أن يخصص الـ30 في المئة من هذا الوفر لصرف مبالغ مالية لأساتذة الملاك والتفرغ في الجامعة وقيمتها مليون ليرة لبنانية لكل منهم”.
وكيف يرد على امتعاض بعض الأساتذة من بدل الإستشفاء، قال: “سنتعاون مع صندوق التعاضد لتأمين الفروقات الناتجة من نفقات استشفاء وثمن أدوية للأمراض المزمنة والمستعصية”. وأشار الى أنه “يعمل على إيجاد مشاريع عدة لتعزيز رواتب الأساتذة مع تشجيعه كل واحد منهم على إجراء استشارات لمؤسسات خارجية لتأمين مداخيل إضافية”. وأكد: “أبذل جهوداً حثيثة لزيادة رواتب الأساتذة، التي باتت غير لائقة بحق كفايات الجامعة” من خلال جملة تقديمات مازال يعمل لتحقيقها، منها مثلاً دعم الساعات التي يدرسها الأساتذة فوق نصابهم ونقاط عدة تكشف تباعاً عند تنفيذها.
وهل يخشى من الإضراب المفتوح المعلن؟ أجاب: "أنا واثق جداً أنهم لن يتركوا طلابهم من دون تعليم حتى لو أعلنوا الإضراب المفتوح..."
وأمل أيوب "ألا نواجه أزمة تقشف في استخدام الطاقة في حال لم تتأمن المحروقات وفقاً للإعتمادات المرصودة في الموازنة". أما المفارقة الأهم، وفقاً له، "فتظهر في ضرورة توافر الوقود لكل من الحرم الرئيسي في الحدت والـ 70 فرعاً في الجامعة، والتي تحتاج وفقاً لمراسلة أيوب الى المعنيين في الدولة الى 130 ألف ليتر مازوت على الأقل شهرياً، مع الإشارة الى أن الإدارة يمكنها دفع هذه التكاليف وفقاً للسعر الرسمي فقط وتعجز كلياً عن تسديدها وفقاً لسعر السوق طبعاً"...
وتوقف عند بعض النماذج عن شح مادة المازوت التي أجبرت إدارة الجامعة على إيقاف المكيفات الهوائية، خلال تقديم الطلاب إمتحاناتهم نهاية السنة. وعما إذا كان البعض تابع هذه الامتحانات في العتمة، قال: "لا أبداً، كنا نوفر لهم كهرباء الموتور عند انقطاع تيار الدولة".
وعما إذا كان اتهام البعض له بالاستئثار بالسلطة في غياب مجلس عمداء وتدخل السياسيين في الجامعة يشكل عامل إزعاج لدى البعض في الجامعة، قال: "هذا كلام غير دقيق. لقد تم انتخابي رئيساً للجامعة من مجلس الجامعة ورفعت ثلاثة أسماء الى مجلس الوزراء حيث تم تعييني". وهنا دار الحوار الآتي بيننا:
*هل أنت حزبي؟
- لا، لست حزبياً. لكنني مقرب جداً من الوجوه السياسية كلها بسبب عملي في إدارة الملفات الطبية الجنائية ولاسيما في تعريف الهوية الإنسانية.
* ما ردك على بعض الأخبار المتداولة عن علاقتك الوطيدة بالرئيس بري؟
- هي علاقة راسخة جداً. الرئيس بري شخصية مميزة جداً ويتميز بروحه الحلوة ودماثة أخلاقه وقدرته في نمط عمله على أن ينجح في جمع الناس من حوله وتقريب وجهات النظر في ما بينهم.
في المقابل، أكد كل من رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية الدكتور عامر حلواني وعضو لجنة الأساتذة المتعاقدين فيها الدكتور يوسف سكيكي لـ"النهار" الإضراب المفتوح في أوائل تشرين الأول "للضغط من أجل تحقيق المطالب لتحسين وضع الجامعة وأساتذتها، مع التشديد على أن الأساتذة إلتزموا تسهيل إمتحانات الدخول للطلاب الجدد في أيلول المقبل".
أما الدكتور نبيل بو نصر الدين، الذي تحدث لـ"النهار" باسم "جامعيون مستقلون من اجل الوطن" فقد شكا من واقع التخبط في الهيئة التنفيذية للرابطة، التي استقال منها 3 أعضاء- إثنان مستقلان وواحد حزبي من دون أن يترشح أي عضو بديل منهم الى الآن- ما يطرح مدى جدية أدائها وقدرتها على طرح حلول عملية للأساتذة والجامعة في هذه الظروف الدقيقة جداً.
Twitter:@rosettefadel