نشرت وكالة "رويترز" تقريراً تطرّقت فيه إلى عودة النازحين السوريين من لبنان وتركيا إلى بلادهم، بموجب خطط وضعتها السلطات في كل من البلدين، ولفتت إلى أن الإقبال على العودة ضعيف، في حين ثمّة مخاوف من ألا تكون هذه العودة "طوعية".
ووفق التقرير، يغادر أول لاجئين سوريين عائدين من لبنان إلى ديارهم بموجب خطة جديدة يوم الأربعاء، لكن قليلين فقط من اللاجئين في المخيمات المتهالكة بسهل البقاع في وسط البلاد أبدوا استعداداً لتسجيل أنفسهم.
وتخشى منظمات حقوقية من احتمال ألا يكون البرنامج طوعيا كما يقال، في وقت تتزايد فيه المخاوف من سياسة إكراه يقولون إنها مطبقة بالفعل في تركيا التي يعيش فيها 3,6 مليون سوري فروا من بلادهم.
وقالت السورية منال (29 عاما)، التي تعيش حياة صعبة في مخيم سهل البقاع "كيف بدنا نروح وفيه حرب؟".
وكثّف البلدان المضيفان، لبنان وتركيا، هذا العام ضغوطهما على اللاجئين للمغادرة.
وكان رئيس الجمهورية ميشال عون قال إن جهاز الأمن العام في البلاد سيسهل العودة الطوعية، استئنافا لدوره الذي يقوم به منذ عام 2018 في إعادة نحو 400 ألف فروا من العنف.
وبحث الجهاز مع السلطات في دمشق ما إذا كان هؤلاء الأفراد صدرت بحقهم أي أوامر اعتقال، قبل أن يوفر لهم النقل عبر الحدود.
من جهتها، لم تؤيّد مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هذه العملية لكن ممثليها كانوا متاحين لتلقي تساؤلات اللاجئين، ويحتمل أن يؤدوا الدور نفسه هذه المرة.
وقالت منظمة "العفو الدولية" إنها فهمت أن عمليات الإعادة الوشيكة ستتم من خلال الآلية نفسها.
وقالت ديانا سمعان، باحثة الشؤون السورية في المنظمة الحقوقية العالمية، إن "سوريا ليست آمنة للعودة". وخلصت المنظمة إلى أن من عادوا قبل ذلك تعرضوا لانتهاكات حقوقية من بينها الاحتجاز والتعذيب والاغتصاب والاختفاء القسري.
ولم يرد الأمن العام على طلبات "رويترز" للتعليق.
لكن سمعان قالت إنه ليس من المرجح أن يكون لدى اللاجئين الذين يبدون رغبتهم في العودة معلومات دقيقة عن الأمن وتوافر الخدمات في بلداتهم.
فمسقط رأس منال، في محافظة دير الزور بأقصى شرق سوريا، مقسم إلى مناطق بين الفصائل المتحاربة، مثله مثل معظم أنحاء البلاد.
ويشن متشددون إسلاميون هجمات كر وفر هناك، بينما يسيطر الأكراد المدعومون من الولايات المتحدة على بعض المناطق وتسيطر الجماعات المسلحة المتحالفة مع الحكومة على مناطق أخرى.
وفقدت منال ولديها في غارة جوية هناك منذ عدة سنوات. وفرت إلى لبنان مع ابنتيها، وتكسب ما يزيد قليل عن دولارين في اليوم من حرفة فرز الحطب لبيعه للمواقد.
وقالت لـ"رويترز" إن "من الأفضل أن نعيش بالذل من إنه أخسر ناس أكثر بحياتي. أنا مش مستعدة أخسر بناتي للحرب".
"صاروا مرعوبين من الخروج"
في غضون ذلك، اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" السلطات في تركيا اليوم الاثنين بالاحتجاز التعسفي لمئات اللاجئين السوريين وترحيلهم هذا العام، في انتهاك لمبدأ عدم الإعادة القسرية المتمثل في عدم إجبار طالبي اللجوء على العودة إلى بلد قد يتعرضون فيه للاضطهاد.
وقالت المنظمة إن السلطات التركية اعتقلت سوريين في الشوارع والمنازل وأماكن العمل ثم ضربتهم وأرغمتهم على توقيع وثائق تفيد برغبتهم في العودة طواعية وأجبرتهم على الدخول إلى سوريا تحت تهديد السلاح.
وكان بعضهم من مناطق تسيطر عليها الحكومة لكن تم الدفع بهم إلى مناطق تسيطر عليها المعارضة حيث اندلعت اشتباكات هذا الشهر.
وأحجمت وزارة الداخلية التركية عن الرد على طلب رويترز التعليق.
وقال سافاش أونلو مدير الهيئة التركية المعنية بشؤون الهجرة لهيومن رايتس ووتش إن مزاعمهم "لا أساس لها" وإن تركيا تمتثل لقانون الهجرة الدولي.
وقالت ناديا هاردمان الباحثة لدى "هيومن رايتس ووتش" لـ"رويترز" إن اللاجئين السوريين في تركيا صاروا الآن "مرعوبين من الخروج. الرجال على وجه الخصوص يقولون إن الخوف من المرور على نقاط التفتيش يذكرهم بسوريا".
واحتجزت السلطات مهند، وهو سوري يبلغ من العمر 30 عاما يعيش في تركيا، لعدة أيام بعد الإمساك به في محافظة غير تلك التي سجل فيها للحصول على وضع الحماية.
وبعد التهديد بترحيله إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في سوريا، حيث أنه من المطلوبين هناك، ألقت به السلطات مع عشرات السوريين الآخرين في ساحة لتخزين الخردة على مسافة تبعد ساعات عن منازلهم.
يتجنب مهند الآن ركوب المواصلات العامة لتفادي احتجازه مرة أخرى.
وقال لـ"رويترز": "إذا مش بالشبغ (العمل) عم أقعد بالبيت، وهذا الشي أكيد عم يأثر على نفسيتي".
وأضاف "ما بقدر أرجع على سوريا بس كمان ما بقدر أبقى هون".