تنتهي في 31 أيار ولاية المجالس البلدية، وتنتهي معها ولاية المخاتير، ويتقدّم سيناريو انتقال السلطات المحلية إلى مرحلة الشغور أسوة بباقي مؤسسات الدولة، علماً بأن الاستحقاق البلدي مُدّد عام 2022 لحلوله بالتوازي مع الاستحقاق النيابي، فتمّ إقرار القانون رقم 285 في 12 نيسان 2022 الذي قضى بتمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية لغاية نهاية أيار 2023.
اليوم، ومع استمرار الجدل بشأن هذه الانتخابات والصلاحيات التي تنتقل إلى المحافظين والقائمقامين في المحافظات للإشراف على تدبير شؤون البلديات وإدارتها، يُطرح سؤال عن الشقّ الثاني لهذه الانتخابات المتعلّق بالمخاتير ومصيرهم، وهل من جهات تنتقل إليها سلطة ومهام المخاتير؟
مستقبل المخاتير مبهم
تشرح مصادر قانونية لـ"النهار" أنّ عملية انتخاب البلدية يرافقها انتخاب مخاتير في صندوق مختلف. بالتالي، في حال لم تتمّ الانتخابات البلدية، فإما يُقرّ قانون بتمديد ولاية المخاتير من قبل مجلس النواب قبل انتهاء ولايته، فيُقر ويُنشر قانونياً، وإمّا نكون أمام مأزق يعطّل عمل المخاتير، حيث إن القانون لم يضع بديلاً لعمل المختار في حال انتهاء ولايته.
وأشار المصدر إلى أن مجلس الوزراء، أو وزير الداخلية، قد يتّخذ بالاتفاق مع رئيس الحكومة تحت عنوان "الضرورة والظرف الاستثنائي"، قراراً حكوميّاً يقضي بتكليف المخاتير استمرار الأعمال، بالرغم من أنها عملية غير دستورية وقانونية. لكن المصدر القانوني نبّه إلى أنّ هذه الصيغة معرّضة للطعن والتشكيك في دستوريتها وقانونيتها، لأن مبدأ موازاة الصيغ والدستور يفرض تمديد ولاية البلديات والمخاتير بموجب القانون وليس بموجب قرار أو مرسوم.
وفي السياق، يشرح النائب السابق بطرس حرب، الخيارات المتاحة، فيشدد عبر "النهار" على أنّه خلال فترة الحرب، تم اتخاذ تدبير استثنائي بررته ظروف الحرب آنذاك، لكنه غير قانوني، فوّض المخاتير باستمرار تسيير الأعمال مع مفعول رجعي.
ويرى أنّ المسألة اليوم أصعب وأدقّ، وأمام التعقيدات المتشابكة على مستوى الدعوة لعقد جلسة تشريعية، ومقاطعة العديد من القوى لها، فالخيارات المتاحة قليلة، فإما يجتمع مجلس النواب ويقرّ صرف اعتماد مصاريف الانتخابات، أو التمديد للبلديات، ومعها المخاتير، لفترة محددة لتجنّب الفراغ. وفي حال عدم قدرة المجلس على الانعقاد، فهذا يستدعي من الحكومة اتخاذ تدبير مشابه لما حصل خلال فترة الحرب. نظراً لأهمية استمرار المخاتير بتسيير أعمالهم وشؤون الناس.
وانطلاقاً مما قاله حرب، فلا إمكانية لأي سلطة أن تنوب عن المخاتير في إنجاز المعاملات ذات الصلة المباشرة بأحوال الناس وما يتعلق بالأحوال الشخصية، وغيرها. من هنا تجري محاولات للتمديد للمجالس البلدية والاختيارية في آن معاً.
مهام المختار
بحسب المادة 17 من قانون المخاتير والانتخابات الاختيارية، "تكون وظائف المختار مجانية، وإنما يجوز لهم أن يستوفوا رسوماً تحدد قيمتها بمرسوم عن الشهادات الأصلية التي يعطونها، منها:
-معاملة سفر.
-معاملات حصر الإرث.
-عقد رهن أو عقد بيع.
-التصديق القانوني على الإمضاء.
-إعطاء شهادة تختص بإثبات حجز الأملاك.
-تسجيل قائمة جرد التركة.
-تثبيت حصر الأملاك.
-الأحوال الشخصية؛.
مختار جبيل
"النهار" زارت مختار جبيل رشيد عبدو لاستطلاع المهام الأساسية التي يجب تنفيذها، فوصف عبدو دور المختار بأنّه "العين الساهرة على المدينة أو القرية".
ويشرح بأنّ "المختار يُنتخب من الأهالي لتمثيلهم، ليكون شيخ صلح بين الأفراد في حال نشوب أي خلاف من دون اللجوء إلى العنف أو القضاء. ويستوجب على المختار حفظ ذاكرة المدينة أو القرية فيشهد لها أمام المواطنين أو المراجع القانونية، كما عليه أن ينقل مطالبهم".
وأضاف عبدو: "يجب أن يكون المختار على علم بجميع التفاصيل العقارية في القرية أو المدينة بغية المحافظة على حقوق جميع الأفراد، فضلاً عن أنّه شاهد على حركة النمو الديموغرافية بالمقارنة الدائمة بين سجل الوفيات والولادات".
ولفت إلى أنّه "في المصائب أو الكوارث، يتعاون المختار مع القيّميين لوضع خطّة عمل لمواجهة الوضع، من أجل الخدمة العامة ولدفع الدولة إلى القيام بواجباتها".
وبحسب القانون، على المختار أن يسجّل جميع المعاملات الواردة إليه والصادرة عنه في سجلٍ يختم صفحاته ويوقعها المحافظ أو القائمقام، وعليه أن يسجّل إمضاءه في مركز القضاء.
إضافة إلى ما شرحه مختار جبيل، درجت العادات على أن يكون المختار مرجعاً مهماً في أيّ انتخابات، بلدية أو نيابية أحياناً، وأن يؤدي أدواراً سياسية إذا ما اقتضت الحاجة.
العين على الجلسة
وفق ما تقدّم، الجميع بانتظار ما ستحمله الأيام المقبلة، وما إذا سيكون هناك جلسة تشريعية، قيل إنها قد تكون الخميس المقبل، على ضوء الحديث عن أن أغلب الكتل السياسية والأحزاب يريدون ترحيل الانتخابات البلدية والاختيارية والتمديد لمجالسها للمرة الثانية على التوالي لعام جديد.
وقد يكون مصير الانتخابات البلدية محسوماً على ضوء وجود قرار لدى "التيار الوطني الحرّ" بإعادة النظر في موقفه من مقاطعة الجلسات للتمديد للبلديات، وعلى ضوء امتناع مجلس الوزراء عن إدراج طلب وزير الداخلية بسام مولوي بفتح اعتماد ماليّ قدره نحو 9 ملايين دولار لتأمين تغطية التكاليف المالية للانتخابات البلدية، وسط تساؤلات عن السبب الذي دفع المعنيين إلى عدم إدراج هذا البند على جدول الأعمال.