النهار

مجتمع الميم عين: ترهيب يضاف إلى التهميش
المصدر: "النهار"
مجتمع الميم عين: ترهيب يضاف إلى التهميش
مجتمع الميم عين (تعبيرية).
A+   A-
أصدر وزير الداخلية والبلديّات في حكومة تصريف الأعمال القاضي بسّام المولوي بيانًا حمل صفة "عاجل جدًّا". لم يدعُ البيان إلى توقيف من يمنع رغيف الخبز عن المواطن، ولا إلى توقيف مطلوب في قضية تفجير "4 آب"، ولا الى إلقاء القبض على عصابات السرقة والتشليح والكبتاغون. باستغراب، دعا إلى منع التجمّعات التي "تروّج للشذوذ الجنسي" بعد اتّصالات تلقّاها الوزير من مراجع دينيّة، وفق بيانه. 
 
وأتى كتاب المولوي بعد الإعلان عن عرض مجموعة أفلام وإقامة ندوات مرتبطة بمجتمع الميم عين بالتزامن مع "شهر الفخر" العالمي أي شهر حزيران.  
 
وأثارت الخطوة جدلًا لا نهاية له على مواقع التواصل الاجتماعي خصوصًا بعدما عمدت مجموعة تطلق على نفسها اسم "جنود الربّ" إلى إزالة لوحة إعلانية تحمل ألوان قوس القزح في منطقة الأشرفيّة.  
 
وتضاربت الآراء بين مؤيّد لقرار المولوي وبين رافض رفضًا قاطعًا له، فشهدت منصّات التواصل الاجتماعي حرباً كلامية بين الجهتين، لكن الأكيد أن وجهة النظر المتمسكة بالحريات الفردية استندت بصلابة الى الدستور وشرعة حقوق الإنسان الدولية. 
 
بالعودة إلى الفقرة "ب" من مقدمة الدستور، وتحديداً الإعلان الدولي لحقوق الإنسان وكل الشرع الدولية المعنيّة بحقوق التعبير، يُعطى الحق بهذا النوع من التجمّعات، وفق أيمن رعد، المحامي وعضو لجنة المحامين المدافعين عن المتظاهرين، و"يُعتبر المولوي من قضاة الدرجة العليا، وبالتالي عليه أن يكون أكثر اطلاعًا على القوانين". ويرى رعد أن "العبارات المستخدمة  في بيان الوزير مسيئة بشكل مخيف، والاستناد إلى طلب رجال الدين لا يكفي لإضفاء الشرعيّة على البيان. وما استُخدم من تعابير من المهين أن يصدر عن قاضٍ قبل أن يصدر عن وزير". 
 
 
من جهتها، تجد آية المجذوب، الباحثة في منظمة "هيومان رايتس ووتش" أن "الانتهاك لا يطال في الآونة الأخيرة قضايا المثليّين فقط، إنّما كل ما يتعلّق بحقوق الرأي والتعبير. يحصل ذلك في وقت لم تُعرف بعد خفايا تفجير 4 آب ونلمس انتهاكات بالجملة لحقوق النساء وفئات أخرى. وهذه السلطة اختارت تطويق حريّة التجمّعات السلميّة بدلًا من صون حقوق شعبها". 
 
تحصل الانتهاكات بشكل يومي في بلدٍ يفتقد للكهرباء والمياه والأدوية، وتضيف المجذوب: "تُنتهك حقوق المثليين وفئات مهمّشة أخرى بدل العمل لوضع البلد على سكّة التعافي. التضييق وصل إلى حد مراقبة ما يُنشر على "تويتر" و"فايسبوك" وغيرهما. كما أن محاكمة شادن فقيه من مجتمع الميم عين في المحكمة العسكرية أمر مثير للقلق". 
 
تختار السلطة الاستجابة الى رجال الدين في الهامش الذي تجد فيه أريحية، ولا شك أنها ترصد في منع تجمعات مثليي الجنس أمراً سهلاً يسهل "مرجلتها"، والأجدى بها الانصراف الى ما يعيد حقوق الناس البديهية لا أن تنشغل في خيارات الأفراد الشخصية. 
 
وتقلق مسائل الحريات الناشطين الذين يرون استقواء على فئات محددة من السلطة. وعادت قضيّة الكوميدية اللبنانية شادن فقيه لتشغل روّاد مواقع التواصل حين غرّمت الأخيرة بمبلغ مليون و858 ألف ليرة لبنانية بسبب فيديو ساخر انتقدت فيه أداء القوى الأمنيّة خلال فترة الحجر الصحّي. ما يزيد قضيّة شادن غرابةً هو أنّها تحاكم في المحكمة العسكريّة خلافًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، حيث من المفترض أن تعنى هذه المحكمة بمحاكمة عسكريين بسبب انتهاكات الانضباط العسكري. 
وكان المحامي أيمن رعد من المتابعين لقضيّة شادن، وحضر معها في جلسة يوم الجمعة في المحكمة العسكرية لمحاكمتها. ويرى رعد أن "شادن لم تحاكم على الفيديو الذي انتقدت فيه قوى الأمن فحسب، بل على كل مواقفها على مواقع التواصل الاجتماعي. وصل الأمر بمفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بطلب عرض كافة المقاطع المنشورة، إلا أنّ شادن ومحاميها رفضا الأمر".

اقرأ في النهار Premium