النهار

صرخة نسوية ضدّ جرائم الاعتداء الجنسي... نور عريضة لـ"النهار": اكسرن حاجز الخوف حتى نُحاسب المعتدي
المصدر: النهار
صرخة نسوية ضدّ جرائم الاعتداء الجنسي... نور عريضة لـ"النهار": اكسرن حاجز الخوف حتى نُحاسب المعتدي
وقفة احتجاجيّة أمام مجلس النواب للمطالبة بـ"تشديد وتعديل العقوبات على جرائم الاعتداء الجنسي في لبنان" (حسام شبارو).
A+   A-
كسرُ الصّمت في مجتمع يحتمي وراء العار والعرض والشرف مهمّةٌ شاقة، حيث تَلزم كثيراتٌ الصّمتَ بعد الاعتداء عليهنّ جنسيّاً، ثم يخسرن معاركهنّ في الحياة بسبب عدم حصولهنّ على الرعاية الصحيّة، بعد اغتصابهن ومعاناتهنّ النفسيّة والاجتماعية.
 
في ساحة النجمة، اجتمعت نساءٌ وناشطات حيث أطلقن صرخةً بوجه هذا الظلم، لأن الوقت حان لتسمية الأمور بأسمائها من دون التفاف على المسمّيات والمعاني باللجوء إلى المعجم اللغوي الواسع أو بلفلفة الجريمة تحت شعار العار.
أعلنت النساءُ أنّهن لن يسكتن عن جرائم الاعتداء الجنسيّ، وسيُطالبن بمحاسبة المعتدي، معتبرات أن العار في التستّر على الاعتداءات، لأنها تمسّ بالعرض وشرف العائلة، وهي جرائم، لا يمكن أن نخفّف من وطأتها أو البحث عن أعذار ومسبّبات للتستّر على فاعليها. والوقفة اليوم هي للمطالبة بتعديل وتشديد العقوبات على جرائم الاعتداء الجنسيّ.
 
كان عدد النساء اللواتي نزلن إلى هذه المظاهرة خجولاً، وهذا دليل كافٍ على أن حاجز الخوف والعار ما يزال أعلى من صوت الناجيات اللواتي تأذّين من الاعتداءات الجنسيّة.
صدحت أصوات المشاركات في هذا التحرك الذي نظّمتة منظّمة أبعاد، وشاركت فيه عارضة الأزياء نور عريضة "لا عرض- ولا عار، الاعتداء الجنسي جريمة".
 
صرخت النساء بهذه العبارات مرات عدّة، وكأنهن يصرخن بالنيابة عن عشرات النساء اللواتي ما زلن يقبعن في بيوتهن صامتات خوفاً من المجتمع والعائلة. صرخن عن كلّ ناجية تعرّضت للاعتداء الجنسي من قريب، أو من أحد أفراد عائلتها، أو حتى من زوجها؛ فثمة قصص كثيرة بقيت مسجونة ضمن الجدران الأربعة لا يعرف بقساوتها ووجعها إلا أصحابها.
 
(حسام شبارو)

تؤكّد عارضة الأزياء نور عريضة لـ"النهار" أن صوتها اليوم هو للناجيات اللواتي اعتُدي عليهن جنسيّاً، ولم يبلّغن عن هذه الجريمة خوفاً من العار، وحرصاً على العرض وشرف العائلة.
 
وأضافت أنّ الهدف اليوم حثّ الناجيات على كسر الخوف، فالعار ليس على الناجية التي أُجرم بحقّها، وإنما العار على المعتدي، وعليه أن يُحاسب".
 
وتشير إلى أن "تعديل القوانين، وتشديد العقوبات، وتكثيف التوعية يؤمّن بيئة آمنة قادرة على حماية أولادنا وأخواتنا وعائلاتنا. وعندما نستمع إلى قصص الناجيات يبدو جلياً أن لا أحد محميّ، وقد يتعرّض أيّ شخص لمثل هذه الحادثة في أيّ وقت من حياته".
 
وعن كيفيّة تعاملها مع ابنتها الصغيرة، وتنشئتها وتثقفها بهذا الخصوص، تقول عريضة: "ابنتي ما زالت صغيرة، لذلك أحرص على إيصال الفكرة وتوعيتها بما يتلاءم مع منطقها وفهمها للأمور. منذ صغرها أشرح لها عن أهمية جسدها وعدم السماح لأحد بلمسه أو الدخول معها إلى المرحاض ... أحاول أن أتحدّث معها بلغتها حتى تفهم ما أحاول إيصاله لها. لذلك أشجّع الأمهات على الحديث مع أولادهن عن أهميّة أجسادهم وخصوصيّتها وحمايتها".
 
وتختم عريضة برسالة إلى كلّ الناجيات اللواتي لم يتحدّثن بعدُ عمّا أصابهن بالقول "لا تخفن من الإفصاح عمّا جرى لكنّ، فمن المهم كسر حاجز الخوف والعار، والحديث عمّا تعرّضتنّ له حتى نحقق التغيير المنشود. فعندما تشارك ناجيةٌ قصتَها ستحثّ غيرها على مشاركة قصتها، وستشعر بأنّها ليست الوحيدة في هذه المحنة. وعليه، ستجد المرأة الصامتة القوّةَ بعد سماعها شهادة حياة ناجية، ومعاً يمكن للنساء الناجيات أن يُحدثن التغيير والتوعية المطلوبة".
 
(حسام شبارو)

تؤكّد مديرة منظمة أبعاد غيدا عناني أنّه "بمسارنا الاستراتيجي وتواصلنا وتفاعلنا مع الجهات التشريعية، منذ بداية عملنا على إلغاء المادة 522 المرتبطة بزواج المغتصب بالمغتصبة، والإعفاء من العقوبة التي تمّ إلغاؤها، وجدنا جديّة من الجهات التشريعيّة في التعاطي مع هذا الموضوع. ولقد شهدت قضايا النساء تطوّراً في كيفيّة التعاطي معها، وتحديداً في ما يتعلّق بالاعتداء الجنسي من إقرار القانون الخاصّ بالتحرّش الجنسيّ في أماكن العمل، ولدينا ثقة، ونعوّل على السلطة التشريعيّة لطرح القانون المقدّم للدراسة وإقراره في وقت قريب".
 
وترى عناني أن "موضوع الاعتداء الجنسيّ مختلف عن القضايا النسائيّة الأخرى المرتبطة بسنّ الزواج والعائلة وقضايا الأحوال الشخصيّة التي ما زالت تشهد جدلاً حولها، في حين أنّ الاعتداءَ الجنسيَ عنفٌ، وجريمةٌ، ولا يمكن لأحد أن يعترض على فرض عقوبة على حجم هذه الجريمة المرتكبة".
 
(حسام شبارو)
 
وتشرح بأنّه "عندما نتحدّث عن جرائم الاعتداء الجنسيّ يبدو لافتاً أن نسبة التبليغ عنها قليلة، وأن 55 في المئة من النساء اللواتي اعتُدي عليهنّ لم يُبلّغن لأسباب عديدة. وكلّما كانت الفتاة صغيرة كان الخوف من التبليغ أكبر. وللأسف غالباً ما يكون المعتدي شخصاً مطالباً بتأمين الحماية كالأب والأخ والزوج والصديق، وهذا بمثابة تحذير يفرض علينا التوقّف عنده، وتكثيف التوعية حوله، والمطالبة به".
 
بالرّغم من غياب الأرقام الدقيقة، تُشدّد عناني على وجود "حالات عديدة تعرّضت للاعتداء الجنسيّ، ونتيجة غياب الوعي بالخدمة الطبيّة المتخصّصة لعلاج ما بعد التعرض للاعتداء، والتي تُشكّل خطراً على حياة الناجية، خسرن حياتهن. لذلك نحن نقف اليوم لحثّ النساء على التبليغ عن هذه الجرائم، لأنّ حماية الناجية وسلامتها تأتي في الدرجة الأولى وحقّها أن تصل إلى العدالة".
 
وعليه، تركّز عناني على أهمية تعديل النصوص القانونية، وأن تُستكمل الخطوة بتكثيف التوعية المجتمعيّة بدءاً من النساء، اللواتي يجب تثقيفهنّ من الناحية القانونية والجزائيّة، مع الحصول على الخدمة المتخصّصة (الطبية والنفسية)، بالإضافة إلى تدريب العاملين في الصّف الأوّل مع النّاجيات لمعرفة كيفيّة التعامل مع هذه الفئة.
 

اقرأ في النهار Premium