طوني فرنجيه
يلاحظ الناشطون البيئيون وهواة المشي في المحميات الطبيعية، بل العابرون على طريق حدث الجبة – تنورين، احمراراً في عدد من أشجار الأرز في غابة أرز تنورين – البلاد، فيما المتوغلون في الغابة يرون اليباس فيها بكميات تتفاوت بين منطقة وأخرى.
البعض ممن يعرفون ما عانته الغابة في السابق يقولون إن "حشرة السيفيلسيا تنورينانسس" عادت لتفتك مجدّداً بالغابة، ويحذّرون من انعكاساتها الخطرة.
وتبياناً لحقيقة الوضع، ومنعاً للاسترسال في التكهنات، أكّد البروفسور نبيل نمر، وهو أستاذ محاضر في جامعة الروح القدس - الكسليك، والخبير في علم الحشرات، وعضو لجنة محمية أرز تنورين، وعضو لجنة محمية بنتاعل، في اتصال مع "النهار"، أن ما نشهده حالياً في محمية أرز تنورين – البلاد "هو التطور الطبيعي لاستفحال حشرة السيفلسيا التي انطلقت في استفحالها الثاني عام 2017، وقد أصبحنا الآن في آخر مرحلة الاستفحال الثاني".
وأضاف: "تبدأ المشكلة دائماً من جهة السّفح الجنوبيّ للغابة، من جهة تنورين، وتنتقل إلى وسطها، وبعدها إلى الشمال فتمتد إلى غابة أرز البلاد، حدث الجبة، قنات، كفور العربي والجوار، ونحن اليوم ما زلنا ضمن مرحلة الاستفحال الشديد الثانية".
ويشير البروفسور نمر إلى أن "الحالة الأولى من انتشار حشرة السيفلسيا في غابة أرز تنورين سجّلت في عام 1997، وقد انتهت عام 2004، وتمّ حينها رشّ الغابة بوساطة الطوافات بالمبيدات البيولوجيّة. نحن الآن في مرحلة الاستفحال الثاني، الذي بدأ عام 2017. وخلاله مررنا بسنوات الكورونا، والأزمة الاقتصادية؛ ولهذا، لم يلاحظ أحد الاحمرار في الغابة. هذه السنة بدأت الناس تشاهد اليباس، لكنه أقلّ نسبياً ممّا كان عليه في السنوات الماضية. وعلميّاً، نحن نعتبر أن المشكلة أصبحت في مرحلتها التنازلية، أي في مراحلها الأخيرة".
وحول سبل مكافحة الحشرة وإعادة الاخضرار إلى الغابة، يقول: "لم نوقف أبداً أعمال مكافحة الحشرات في الغابة، إلاّ أن إمكانيات رشّ المبيدات بالطوافات لم تعد موجودة، وعدد من المبيدات التي كان مسموحاً استعمالها في السابق، لم يعد مسموحاً بها اليوم. ولهذا نعمل على مبيدات أخرى مثل الفطر المستخرج من المختبرات، ونزرعه في الغابة، ونعمل على تكاثره وتكثيفه، ونسمّيه "الفطر الممرض للحشرات". وقد اكتشفنا أنه يكافح "السيفلسيا"، أكان في تنورين أم في بشري".
وعن سبب تكاثر هذه الحشرة مجدّداً، يوضح البروفسور نمر بأن "السبب الرئيسيّ يعود إلى التغييرات المناخيّة. فنحن نمرّ بطقس غير طبيعيّ، لا صقيع، ولا ثلج، علماً بأن البرد هو الذي يسهم في موت الحشرات، فيما الثلج تساقط هذا العام في شباط، والحشرات قبل ذلك عاشت باعتدال طبيعي، والربيع جاء برده مقبولاً، والسيفيلسيا تحبّ البرد الطبيعي. ولهذا كان التكاثر من الجهة الشمالية للغابة، لكنني أشدّد، على أن لا خوف على الغابة لأن الاستفحال لن يكون قوياً كاستفحال أواخر التسعينيات، ونحن مستمرون في المراقبة والمتابعة."
وعمّا إذا كانت السفيلسيا وصلت إلى غابة بشري وحرش إهدن قال: "ليس هناك من مشكلة سيفلسيا في بشري، والأمور تحت السيطرة والمراقبة. لكن في غابة أرز بشري هناك مشكلة أخرى، هي "الحشرات الخشبية"، وهي تفتك بالأشجار التي أصبحت حسّاسة جداً، لكونها معمّرة، والتغييرات المناخية التي كانت تؤثر أكثر على الحشرات، لم تفعل فعلها، وهذا لا يساعد فيزيولوجية الشجر. وقد استفادت بعض الحشرات من هذا الواقع لتفتك أكثر بالأشجار، ونحن نتابع الموضوع لنمنع خسارة الاشجار المعمرة، ونزيد من صمودها، ونمدّ بعمرها، أما اليسفلسيا فهي اقلّ بكثير من تنورين".
وفي إهدن، يشير البروفسور نمر إلى أن "التمازج الطبيعي بين أشجار الأرز واللزاب والشوح والصنوبريات حدّ كثيراً من انتشار واسع للسيفلسيا التي تفتك بالأرز فقط. هي موجودة لكن وجودها ضئيل جداً، وضررها خفيف، وهي تحت المراقبة الشديدة، والتمازج الطبيعي بين الأشجار يمنع التكاثر الاستفحاليّ. وفي حرش إهدن، هناك نظام مراقبة منذ عام 2017، ومستمر سنوياً وفصلياً، ولم يتم رصد أيّ استفحال جديد ولو كان بسيطاً؛ لذا يمكن القول إن لا مشكلة في إهدن".
مديرة محمية حرش إهدن الطبيعية المهندسة ساندرا كوسا سابا أشارت من جهتها إلى "أنه ومن ضمن الخطة الإدارية للمحافظة على التنوع البيولوجي في محمية حرش إهدن الطبيعية، نقوم بمراقبة دقيقة للحشرات في المحمية ونتعاون مع البروفسور نبيل نمر ولا خوف أبداً من السيفلسيا".