النهار

ما يجب أن نعرفه عن التغيّر المناخي وموجات الحرّ في لبنان
فرح نصور
المصدر: "النهار"
ما يجب أن نعرفه عن التغيّر المناخي وموجات الحرّ في لبنان
أرشيفية.
A+   A-

تتوالى موجات الحرّ على لبنان هذا الموسم، وآخرها التوقّع في اشتداد تأثيرها من جديد اعتباراً من يوم الأحد مع ارتفاع إضافي وملموس في درجات الحرارة التي تتخطّى معدّلاتها لتلامس الـ41 درجة في الداخل. فهل موجات الحرّ والمناخ السائد حالياً أمر عادي في لبنان، أم ناتج عن تغيّر المناخ العالمي؟

حصول موجات الحرّ لا يعني التغيّر المناخي، فالمناخ يختلف عن الطقس، وموجات الحر ترتبط بعوامل الطقس وترفع الحرارة وتجعل الهواء ناشفاً، هذا ما يورده مدير برنامج الأراضي والموارد الطبيعية في جامعة "البلمند" الدكتور جورج متري، في حديث لـ"النهار".

لكن ما يُدرس في علاقته مع تغيّر المناخ، هو وتيرة تقلّبات الطقس، أي عدد الأيام التي تحمل موجات حرّ خلال السنة، وإن كان التوقيت الذي تأتي فيه صيفاً، مبكراً، وكم تستمرّ فترة الجفاف. 

"لا شك في أنّنا نشهد وتيرة تصاعدية بعدد الأيام التي ترتفع فيها حرارة فوق المعدلات الطبيعية"، وفق متري. وذلك يدلّ على أنّ التغيّر المناخي أصبح يؤثر تأثيراً مؤذياً، ويؤدّي إلى زيادة خطر الحرائق والتأثير السلبي على الصحة العامة وعلى توفّر الموارد المائية. وقد خلُصت الدراسات التي أُجريت في جامعة "البلمند" منذ عام 2013، إلى أنّ لبنان يشهد فترات جفاف أطول، وهو معرَّض لموجات حر بوتيرة تصاعدية.

ويؤكد متري أنّه عندما ترتفع درجة الحرارة أكثر من معدلاتها الطبيعية، يؤدي ذلك إلى خروج الفاكهة والخضار بغير موسمها، إذ يتغيّر نظام الأشجار الحرجية والمثمرة بالكامل، وتتضرّر الزراعة ويتأثّر المزارعون. وفي فترة تزهير الأشجار، تقضي عوامل الطقس المعاكسة على المنتجات الزراعية، ولا سيما إن كان التزهير مبكراً.

فعندما يمرّ الغطاء الشجري بفترة جفاف تتخطّى الخمسة أشهر، ينشف أكثر من الطبيعي، ويتعرّض أكثر للحرائق، وكلها عوامل تؤثر على النظام الإيكولوجي والزراعي، وعلى التنوّع البيولوجي وعلى الثروة الحرجية والموارد المائية.

 

 

وفي ما يتعلق بالتغيّر المناخي، "علينا تنفيذ خطط تأقلم معه، فكل التغيّرات الحاصلة في الطقس، ستزيد في المستقبل، وعلمياً، سنصل إلى طقس أكثر جفافاً وحرارة"، وفق متري.

كيف يتأقلم لبنان مع التغيّر المناخي؟

بطبيعة الحال، وزارة البيئة هي المعني الأول بملف التغيّر المناخي، وتتعاون مع الوزارات الأخرى المعنية والمسؤولة عن قطاعاتها، مثل وزارة الزراعة، وزارة الطاقة والمياه، وزارة الصناعة، وزارة الأشغال، وإدارة الكوارث، كلّها جهات تعمل كلّ منها على خطط للتأقلم مع واقع التغيّر المناخي.

في إطار التكيّف مع التغيّر المناخي، وفي حديثه مع "النهار"، يورد وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين أنّ الوزارة تتابع كل ما يتعلق بالوقاية من حرائق الغابات، وعملت مع وزارة الزراعة على خطتين لإدارة الغابات النموذجية في عكار وجبيل وتعمَّم على المناطق الأخرى. ووضعت خطة لزراعة 20 مليون شجرة من الآن حتى عام 2030، في خطوة لاستيعاب التحوّلات المناخية.

وقد حدّثت وزارة البيئة استراتيجية الوقاية من الحرائق منذ شهرين بعد أن كانت غير محدَّثة منذ عام 2009. أمّا مع وزارة الطاقة والمياه، فتقوم وزارة البيئة بالتخطيط لإدارة المياه.

ويؤكد ياسين رؤية وزارة البيئة بضرورة الالتزام بالتكيّف، فالانبعاثات الغازية قليلة جداً في لبنان، وهناك التزام من وزارة الطاقة بخفض الانبعاثات حتى عام 2030 والانتقال إلى الطاقة البديلة. لكن في ما يتعلق بالانبعاثات الناتجة عن النقل، لا يزال الملف متأخراً.

ويُصنَّف لبنان بـ0.03 في المئة من الانبعاثات في العالم، أي إنّه غير مؤثّر في التغيّر المناخي ولا بأيّ شكل من الأشكال، لكنّه يتأثّر كثيراً إذا ارتفعت درجة حرارة الأرض كما يحدث الآن، ولا سيما عبر موجات الحر الآتية من الدول الأخرى.

 

 
 

هل يتغيّر مناخ لبنان المعتدِل؟ 

يجيب رئيس دائرة التقديرات في مطار رفيق الحريري الدولي المهندس عبد الرحمن زواوي في حديثه لـ"النهار"، أنّ الفصول لم تتغيّر، فمعدلات درجات الحرارة في الشتاء والصيف بقيت في إطارها الطبيعي. وفي الربيع والخريف شهد لبنان موجات دافئة وباردة.

وصحيح أنّ بعض السنوات تشهد بعض القساوة في أحوال الطقس، مثل شحّ الأمطار أو غزارتها، لكن حتى الآن، "لا يمكن القول إنّ هناك تغيّراً مناخياً كبيراً ينتظر لبنان، بحسب زواوي.

فالتغيّر المناخي في العالم، يؤدّي إلى ارتفاع أقصى في درجات الحرارة كما في جنوب أوروبا. لكن في لبنان، لم تصل هذا العام مثلاً إلى 36 درجة في بيروت، لذلك، لا يمكن اعتبار موجات الحر التي يشهدها لبنان استثنائية وإن فاقت المعدلات الطبيعية. فهذا الأمر ناتج عن تغيّر حرارة الأرض، الناتج بدوره عن تغيّر المناخ والانبعاثات الغازية، لكن لبنان تأثّر أقلّ من غيره بكثير.

 

 

 

اقرأ في النهار Premium