طوني فرنجيه
لا يمكن للسيّاح القادمين إلى لبنان مغادرته من دون زيارة الأرز ومغارة قاديشا، التي تطلّ على وادي القدّيسين، وادي قنوبين، وتستريح تحت جذوع غابة أرز الرب. وهي تستقطب يوميّاً المزيد من السياح المحليين والأجانب، الذين يتوافدون إليها بأعداد كبيرة ليتمتّعوا بجمالها، وليمضوا ساعات في ربوع بشرّي، والأرز، والوادي المقدّس .
مغارة قاديشا هي لوحة جمال من صنع الخالق، أُعيد افتتاحها بعد تأهيلها والدّرب إليها عام ٢٠١٩، من قبل بلدية بشري، التي تشرف عليها، بالتعاون مع جمعيّات عدّة. وهي تُقفل شتاءً، كل عام، لتعذّر الوصول إليها، ثمّ يُعاد فتحها في أوائل أيار لاستقبال الزوار. وتفتح أبوابها يومياً من الساعة الـ١٠:٠٠ صباحاً حتى الـ٥:٠٠ مساءً ما عدا يوم الإثنين.
أثناء المسير إلى المغارة تستوقفك بعض الفتحات في الصّخر، أو المغاور، أو النفق، ممّا يُضيف إحساساً بالمغامرة، ويزيد الرحلة شوقاً وجمالاً.
الإضاءة في المغارة تنعكس أنوارها على المياه التي تغطّي التكوينات الكلسيّة الرّطبة، إضافة إلى صوت انسياب المياه المتدفّقة نزولاً من قلب المغارة إلى وادي قاديشا فقنّوبين، ومنها إلى نهر أبو علي في طرابلس، فالمتوسط، تُشكّل عوامل جذب للسيّاح من كلّ مكان.
للوصول إلى المغارة، هناك نزلة معبّدة ضيّقة مباشرة قبل الوصول إلى غابة الأرز، والطريق إليها تُعرف "بطريق الأرز القديمة". أما بداية الدرب إلى المغارة فواضحة، وطولها نحو ٨٠٠ متر، لا يُمكن اجتيازها إلا سيراً على الأقدام.
تقع مغارة قاديشا على ارتفاع 1750 م عن سطح البحر، وتبعد حَوالَي 35 كم عن طرابلس، و120 كم عن بيروت.
أما في النبذة التاريخية المختصرة عن مغارة قاديشا فيمكن إيراد الآتي:
مغارة قاديشا اكتشفها الراهب يوحنا بركات المزوق رحمة، الذي كان يعيش حياة تقشّفيّة ونسكيّة في دير مار يوسف بمحلة الظهر - بشري، حيث لاحظ خروج الهواء البارد منها، غير أنّه أخفق في دخولها. ثمّ تشكّلت لجنة محليّة للكشف على المغارة، وتمكن أحد أعضاء اللجنة من دخولها، تلاه باقي الأفراد، الذين اكتشفوا مناظر ساحرة من نحت الطبيعة. ولاحقاً أنِيرت المغارة بالمصابيح، وبعد افتتاح معمل قاديشا الكهربائي أنيرت بالكهرباء، وتسلّمتها بلدية بشري منذ عام 1935".
بلدية بشري وفق ما يقول رئيسها فريدي كيروز، "تتابع سنوياً أعمال الصيانة والتحسين في المغارة والطريق المؤدّية إليها، وفق خطط موضوعة لسنوات عدّة، تُنجز وفق الجدول الزمنيّ المحدّد".
ويتابع: "إن المغارة بحاجة دائماً إلى التطوير والتجديد من دون المساس بطابعها المميّز؛ ولهذا هناك لجنة من الاختصاصيّين تعدّ الدراسات، وتضعها، والتحسينات تتوالى سنوياً".