عاد مكبّ قبّ الياس العشوائيّ ليخنق بدخانه سهل البقاع الأوسط وسكّانه، وسط جهود جبارة وإمكانيات متواضعة لبلدية قبّ الياس- وادي الدلم لإخماد النيران، لاسيّما بردم المكبّ المشتعل بالأتربة.
وما فاقم مأساة البقاعيّين، لاسيّما سكان شريط البلدات الممتدة من بلدة جب جنين إلى المرج، تزامن حريق مكبّ قبّ الياس مع إشعال مطمر معمل معالجة النفايات في جب جنين، بفعل فاعل لـ "حرتقات سياسية".
وقد جرى إخماد الحريق في جب جنين في غضون يوم واحد، إلّا أنّ تبعاته كانت بزيادة الأعباء على المنشأة والعاملين فيها في فرز النفايات المتراكمة نتيجة تركز الجهود على إخماد النيران.
"لا دخان من دون نار"، ودخان المكبّين المشتعلين كشف النار التي تلتهم ما تبقى من مقدّرات الدولة والبلديات.
معمل جب جنين الذي يستقبل 100 طنّ من النفايات يومياً من بلدات "اتّحاد بلديات البحيرة" إلى بلدات أخرى من "اتّحاد السهل"، يعمل بحسب تقنين الكهرباء "أحياناً يأتي التيار الكهربائي من الصباح لغاية الثانية من بعد الظهر، وأحياناً ينقطع في الفترة عينها"، فتتوقّف الآليات وينكبّ العمال على الفرز يدوياً "على الأرض" وسط عدم مقدرة تأمين ثمن المازوت لاستخدام المولّد العاطل عن العمل تحت "الهنغار"، وتلك واحدة من مآسي معمل الفرز الذي يعمل بقدرات الحدّ الأدنى في غياب التمويل اللازم.
منذ نحو سنتين، توقف معمل برّ الياس لفرز النفايات عن العمل، جرّاء انسحاب مشغّله بعد أن فقد تمويل تشغيله بالليرة اللبنانية وعلى سعر صرف الدولار الرسميّ جدواه مقابل الكلفة الحقيقة بسعر صرف السوق السوداء.
وعليه وجدت البلدات الثلاث التي يخدمها المعمل: برّ الياس، قبّ الياس والمرج، وهي من كبرى البلدات البقاعية، مضطرّة لتتدبّر أمر نفاياتها.
عادت بلدية قبّ الياس- وادي الدلم إلى رمي 40 طنّاً يوميّاً من النفايات في مكبّها العشوائي، فيما تستجدي بلدة المرج استقبال نفاياتها في مكبّ قبّ الياس، وفي معمل جب جنين، وحوّلت برّ الياس، ببلديّتها، المعطلّة بسبب الخلافات، ومن ثمّ المنحلّة، معمل الفرز إلى مكبّ لنفاياتها. إلى جانب تعرّض المعمل للتخريب والإهمال.
تنوء موازنات البلديات بكلفة جمع النفايات ونقلها وفرزها، وتتداخل صلاحيات، وبالتالي مسؤوليات مكتب وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية، وزارة البيئة ومجلس الإنماء والإعمار في ملفّ معامل فرز النفايات، فيما خُطط وزارة البيئة لإعادة تفعيل المعامل تنتظر تمويل الجهات المانحة، وحده معمل جب جنين استفاد من تمويل "فيلتر" أعاده للعمل.
فوق جمر مكبّ النفايات، وبحرقة قلب تحدّث رئيس بلدية قب الياس- وادي الدلم جهاد المعلم لـ "النهار" عن معاناة المجالس البلدية في الفيديو الآتي: