في ظل ارتفاع اسعار البنزين وانهيار القدرة الشرائية للمواطن، بدأت ظاهرة الدراجات النارية و"التوك توك" تغزو الشوارع اللبنانية بكثرة، خصوصا في المدن، كوسيلة نقل مستحدثة مخفوضة الكلفة، مقارنةً بوسائل النقل التقليدية، اي التاكسي والسرفيس وحتى الباصات.
واذا كانت ظاهرة "التوك توك" مظهرا من مظاهر الانهيار الاقتصادي للبلد وانتشار الفقر فيه، بدليل أنه ينتشر بكثرة في البلدان الآسيوية ومنها العربية مثل العراق ومصر حيث القدرة الشرائية للمواطنين معدومة، فإن لبنان لا يشذّ عن القاعدة مع نسبة فقر باتت تقارب الـ %74 تقريبا من مجموع السكان وفق تقرير لـ"الأسكوا" العام الماضي.
في العامين السابقين ارتفعت نسبة بيع "التوك توك" 100%، ذلك ان سعرها يراوح ما بين 2400 دولار "RI4S"، و3500 دولار "ماكسيما باترول"، بحسب مواصفاتها وميزاتها، ويمكن ان يصل سعرها الى 1500 دولار إذا كانت مستعملة، فيما يمكن بـ3 دولارات فقط ملء خزانها بالوقود، فهي تسير نحو 750 كيلومترا بـ20 ليترا من البنزين. ويتيح صغر حجمها الدخول إلى أحياء ضيقة لا يمكن للسيارات دخولها، كما أن أسعارها كوسيلة للنقل العام تجذب زبائن أنهكتهم الأوضاع الاقتصادية وبات متعذرا عليهم شراء سيارة خاصة بهم (تراجعت نسبة شراء السيارات 70%) للتنقل أو حتى بواسطة السرفيسات أو الباصات التي كانت تعرفتها تناسب ميزانياتهم.
لا يقتصر استخدام هذه الآلية على الاستعمال الشخصي أو كدراجة نارية، إنما أضحت وسيلة عمل وباب رزق للكثير من اللبنانيين والسوريين الذين ينقلون فيها ما خفّ حمله من بضائع أو يستخدمونها لطلبات "الديليفري" ونقل الركاب.
قانونيا، تسجَّل "التوك توك" في مصلحة تسجيل السيارات كدراجة نارية التي يبلغ عددها وفق مصادر دائرة التسجيل في هيئة إدارة السير والآليات والمركبات 182742 دراجة من ضمنها "التوك توك". وهذه الآلية تسجَّل كدراجة نارية في مصلحة تسجيل السيارت والآليات كون وزنها أقل من 400 كيلوغرام، إذ وفق القوانين اللبنانية "كل آلية وزنها دون الـ 400 كيلو يتم تسجيلها كدراجة نارية"، وتاليا لا يُسمح لها بنقل الركاب كما يحصل حاليا، اضافة الى ان سرعتها اقل من 60 كلم، لذا يحظر عليها السير على الاوتوسترادات. وبما ان ظاهرة "التوك توك" حديثة في لبنان ومواصفاتها لا تزال "محيّرة" بين الدراجة النارية والسيارة العادية، لا نجد أن ثمة قوانين ترعى عملها على الأراضي اللبنانية... وهي تتجول على الطرق وفق شعار "سيري والرب راعيكِ".
أما "الدولية للمعلومات" فأشارت في دراسة حديثة الى أنه "نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات عمد الكثير من اللبنانيين إلى شراء الدراجات النارية، فبعدما شهد العام 2021 استيراد 29,102 دراجة نارية، ارتفع العدد الى 47,077 دراجة حتى تموز 2022. أما العدد الإجمالي للدراجات المسجلة فهو نحو 289 ألف دراجة، وربما يبلغ العدد غير المسجل وغير المؤكد نحو 300 ألف".
اين أصبحت الباصات الفرنسية؟
وبالحديث عن وسائل النقل في لبنان، لا بد من التطرق الى الباصات الفرنسية التي وصلت الدفعة الاولى منها (50 باصا) في الأسبوع الأخير من أيار الماضي لتضاف إلى الباصات اللبنانية الـ45 التي تمّت صيانتها بالكامل. واستنادا الى تصاريح سابقة لوزير الاشغال العامة والنقل علي حمية، فقد عزا التأخر المستمر في تسجيل الباصات في "النافعة" إلى الروتين، كما عزا السبب الى عدم تقدم أي متعهد بعرض تشغيلها في المناقصة العمومية التي أُعلن عنها في تموز الماضي لكل من يرغب من شركات النقل لتسليمها أمور التوظيف والمحاسبة والصيانة وغيرها من المهام التي تتطلب تكاليف كالمحروقات وقطع الغيار وبعض اللوجستيات.
رئيسة هيئة إدارة السير هدى سلوم أكدت لـ"النهار" أنه "تم الكشف على الباصات الفرنسية في الهيئة، ونحن في انتظار استكمال المستندات اللازمة من الوزارة بحسب الاصول". وأوضحت انها لم تتلقَّ أي مراجعة من وزارة الأشغال بشأنها، مؤكدة أنه "وإن كان ثمة زحمة معاملات في المصلحة، فإننا حتما سنعطي الاولوية للباصات الفرنسية".