ميشال حلاق
تتسارع بشكل غير مسبوق عمليات عصابات تهريب السوريين، بشكل خاصّ، عند طرفي الحدود النهريّة والشاطئيّة البحريّة والبريّة الشمالية والشمالية-الشرقية من محافظة عكار، حيث يتدفّق المئات يومياً من الجانب السوري باتّجاه الداخل اللبنانيّ.
يركب هؤلاء الأطفال والنساء والرجال حافّة الموت هرباً نحو المجهول. وإغراءات المال على طرفي الحدود شجّعت تقريباً كلّ من يملك منزلاً أو كوخاً أو بستاناً وحقلاً زراعياً عند الضفة اللبنانية من الحدود على التواطئ والعمل على إيواء وتهريب المهاجرين عبر مجرى النهر الكبير، نظراً إلى شحّ مياه النهر، وسهولة اجتيازه نحو الأراضي اللبنانية، ومتعرّجات مساره المغطّاة كلياً بالأشجار، و البعيدة نسبيّاً عن أعين المراقبة الأمنية.
في مواجهة ذلك، يستنفر الجيش والأجهزة الأمنية عناصرهم كافة، ليلاً ونهاراً، وبجهوزيّة شبه تامّة، ليس على طول الحدود فحسب، بل حتّى على الطرقات الداخليّة لمحافظة عكار، في محاولات جادّة لوقف هذا الدفق البشري الذي لم تشهده الحدود في عزّ الأزمة السورية، لا سيّما أن أسطولاً من حافلات الركّاب بإغراء المال تتولّى نقل الداخلين خلسة إلى مواقع محدّدة على طول الشاطئ العكّاريّ بشكل خاصّ، والامتدادت الشماليّة من نهر البارد إلى بحنين-المنية وطرابلس والهري-شكّا، وصولاً إلى البترون وحتّى جبيل، حيث تتأمّن لهم ملاجئ الإقامة الموقتة على هيئة خِيَم ومخازن كملاذات آمنة قريبة من الشاطئ لحين ساعة الصّفر، التي يُحدّدها رؤوس العصابات الراعية لهذه الهجرات، وإتمام تجهيز مراكب الرحيل الكبيرة، التي يُبقونها في عرض البحر، ليتمّ نقلهم بأعداد قليلة في مراكب صيد تُبحر بهم جماعات جماعات، في ساعات الفجر ،على اعتبار أنّهم صيّادو أسماك.
وكان الجيش قد أعلن عن توقيف أكثر من 700 من الداخلين خلسة إلى لبنان، جلّهم قد دخلوا عبر معابر الشيخ عياش في سهل عكار، البقيعة -العوينات- شدرا، خربة الرمان - القبور البيض وعدد من المعابر البرية في وادي خالد وأكروم وحتى حدود الهرمل.
وفي الإطار، أوقفت دورية من مفرزة حلبا القضائيّة في بلدة الشيخ عياش نحو 60 آخرين، تمكّنوا بمساعدة المهرّبين من عبور مجرى النّهر الكبير.
والمستجدّ على هذا الصعيد، إقدام مخابرات وبحريّة الجيش اللبناني صباح يوم أمس على مصادرة 4 مراكب صيد عند مجرى النهر الكبير في بلدة العريضة، وتوقيف أصحابها بشبهة التورط في أعمال تهريب السوريين عبر النهر الكبير إلى الداخل اللبناني، وكذلك عبر الحدود البحرية الشاطئيّة مع سوريا، ممّا حفّز عائلات الموقوفين والمصادرة مراكبهم على الاعتراض صباحاً، والنزول إلى الشارع قاطعين الطريق الدولية عند معبر العريضة لبعض الوقت لحين إعادة فتحه بالقوّة من قبل الجيش.
وتشير المعلومات إلى أن العصابات المولجة عمليات الإتجار بالبشر تواجه عمليات التوقيف، التي تنجح بها السلطات الأمنية اللبنانية، بتأمين رموز بديلة سريعاً لإتمام المهام ومتابعتها.
ويرى متابعون لهذا الملف أن "تسارع وتيرة عمليات التسلل المنظمة عبر الحدود، هو نجاح بعض المراكب بالمغادرة مؤخراً لا سيما تلك التي انطلقت في 11 من الشهر الجاري من على شاطئ بلدة الشيخ زناد وعلى متن أحدها أكثر من 100 مهاجر القسم الأكبر منهم سوريون والبقية عائلات لبنانية من بلدة ببنين وآخربن فلسطينين من مخيم نهر البارد.
وتشير المعطيات إلى أن أحد المراكب قد بلغ الحدود الإيطالية في حين أوقفت مجموعات ليبية أحد هذه المراكب وهم يمارسون، وفق أقوال أقارب تمكّنوا من التواصل معهم، أعمال الابتزاز والترهيب عليهم.
وطالبت عائلة النابوش من بلدة ببنين وزارة الخارجية بالتدخّل لدى السلطات الليبية لمتابعة هذا الموضوع والإفراج عن المهاجرين من أبنائهم. وهدّدوا في حال لم تجر السلطات اللبنانية اتصالاتها وتبذل مساع جدية في هذا السبيل، فسيلجأون إلى التحرّك في الشارع بالطرق السلمية حتى عودة أبنائهم أو السماح لهم بإكمال طريقهم إلى إيطاليا للالتحاق بأفراد عائلاتهم.