بعد مهاجمتها وتعنيفها وطردها من شاطئ مسبح بلدية صيدا الشعبي للعموم، في بداية موسم السباحة قبل نحو ثلاثة أشهر، بسبب ارتدائها لباس البحر، فوجئت الناشطة في المجتمع المدني السيدة ميساء حنون يعفوري بقرار فصلها وإقصائها من الهيئة الإدارية الجديدة للّجنة الوطنية لمهرجانات صيدا الدولية، خلافاً لإرادتها ورغبتها ي متابعة عملها في داخل اللجنة، وهي التي كان لها طوال فترة انتسابها إلى اللجنة دور فاعل ومميّز في تنظيم وإنجاح كلّ المهرجانات والنشاطات الفنية والثقافية والموسيقية، التي أحيتها اللجنة في صيدا.
طبعاً مصدومة
قرار إقصائها شكّل صدمة جديدة لميساء يغفوري بعد الصدمة التي تلقتها على شاطئ مسبح صيدا الشعبي. وبعبارة حزينة قالت: "طبعاً مصدومة" من قرار فصلي من اللجنة. فوجئت بإعلان خبر انتخاب الهيئة الادارية الجديدة، على الرغم من تمسّكي بالبقاء في اللجنة، لأنني أريد مواصلة العمل. ولكن يبدو أنّ الجميع كان "عم يكذب" خلال الحديث والتشاور، إذ هناك بيننا من يريد منّا الاستمرار ومن يريد المغادرة".
وعمّا إذا كان السبب يتعلّق بما حصل معها على شاطئ صيدا، أم هناك سبب آخر تعلّق بموقف الرئيس فؤاد السنيورة المتضامن معها، واستمرار تواصلها معه، قالت يعفوري "ربما لسّببين معاً". وأضافت: "هل يفترض منا جميعاً قطع أي اتصال أو علاقة مع دولة الرئيس فؤاد السنيورة، الذي كان من أهمّ الداعمين للّجنة إلى جانب السيدة بهية الحريري، ورئيس البلدية المهندس محمد السعودي، وأغلبيّة أعضاء المجلس البلدي وفاعليات صيدا الاقتصادية والتجارية؟".
الهيئة الإدارية الجديدة
تشكّلت الهيئة الإدارية الجديدة من رئيسة اللجنة نادين كاعين والأعضاء، صفاء مكّاوي، سمر شعيب، أجيا داود، ونهلا زيباوي". ولوحظ أنّ عدد الأعضاء تقلّص تباعاً من 12 شخصاً إلى خمسة أشخاص فقط، جميعهم من السيّدات. وباشرت اللجنة لقاءاتها مع فاعليات المدينة للبحث والتشاور في سبل تفعيل النشاط الثقافي والفني والسياحي خلال شهر أيلول الحالي، علماً بأن أغلبيّة المدن والبلدات اللبنانية أبدعت منذ بداية الموسم السياحي في إقامة المهرجانات وإحياء النشاطات الفنية والتراثية والغنائية، وأنجزتها بنجاح كبير ورائع.
مع رئيسة اللجنة الوطنية لمهرجانات صيدا الدولية نادين كاعين، خلال احياء المهرجانات في صيدا قبل أزمة كورونا.
تأسيس اللجنة
تاسّست اللجنة على يد مجموعة من الفاعليات والهيئات الصيداوية، في مقدّمها النائبة السابقة بهية الحريري، وحصلت على علم وخبر من وزارة الداخلية والبلديات في عام 2001، واستطاعت أن تحقق نجاحات باهرة في إقامة المهرجانات واستقطاب الألوف من أبناء المدينة وخارجها، خصوصاً خلال المواسم السياحية في الأعوام 2016 و2017 و 2018، على الرغم من اعتراض ومقاطعة بعض رجال الدين المتشدّدين وأتباع الجماعة الإسلامية في صيدا، لا سيّما الحفلة الغنائية التي أحيتها الفنّانة نانسي عجرم، على رصيف ملعب صيدا البلدية - الواجهة البحرية لمدينة صيدا - حيث هدّد أحد رجال الدين رئيس البلدية محمد السعودي بإلغاء الحفلة، ومنع إقامتها في صيدا، وإلا فإن "الطوفان سيضرب المدينة وأهلها".
هل ينصف قرار مجلس شورى الدولة ميساء يعفوري ورفاقها؟
ما تعرّضت له يعفوري على شاطئ مسبح صيدا الشعبي، على يد رجلَي دين لبنانيّ من آل حبلي، وفلسطيني من آل علو، ونحو 15 شخصاً، لم تسكت عنه أو تستسلم، بل حاولت في اليوم الثاني شرح موقفها وإعلان حقها الطبيعي الذي يكفله الدستور بممارسة السباحة باللباس البحريّ عبر مؤتمر صحافي عُقد على رصيف الشاطئ، وتضامن معها مجموعة من السيدات وبعض الجمعيات والهيئات الحقوقيّة.
قبل انعقاد المؤتمر، كان عدد من رجال الدين ومجموعة كبيرة من الشباب الملتزم والسيّدات المحتشمات قاموا بعدّة محاولات لمنع عقد المؤتمر، وهاجموا يعفوري والمتضامنين معها، ممّا عرّض بعضهم للضرب، كالباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين. وقد تميز الرئيس فؤاد السنيورة بموقفه المتضامن مع يعفوري من موقفَي النائب أسامة سعد وزميله عبد الرحمن البزري، الذي كان ملتبساً، في وقت ارتأت السيدة بهية الحريري عدم التعليق على الحادثة لا من قريب ولا من بعيد.
قرّرت يعفوري اللجوء إلى القضاء، وتقدّمت مع مجموعة من الناشطات في الجمعيات الأهلية والحقوقية بدعوى أمام مجلس شورى الدولة، الذي صدر عنه قبل أيام القرار الآتي "إلزام المستدعى بوجههما الدولة ووزارة الأشغال العامة والنقل وبلدية صيدا الجواب على الاستدعاء، الذي تقدّمت به المستدعية ميساء حنون اليعفوري ورفاقها، بتاريخ 23-07-17، والذي طلبت فيه وقف تنفيذ وإبطال قرار وزير الأشغال العامة والنقل وقرار رئيس بلدية صيدا بمنع ارتياد شاطئ صيدا بلباس البحر والمطعون بهما، وذلك خلال مهلة أسبوع من تاريخ تبلّغهما القرار، انطلاقاً من مبدأ الوجاهيّة، ليتمكّن المجلس من إصدار قراره. وفي حال عدم الجواب خلال هذه المهلة، يمكن لمجلس شورى الدولة إصدار قراره نهائياً. والجهة المدّعية تبلّغت القرار الذي صدر عنها الشهر الحالي يوم الإثنين، وبلغت الجهة المدعى عليها في اليوم نفسه. وأمام الجهة المستدعى عليها حتى يوم الإثنين المقبل للرّد وإلا يصدر المجلس قراره تلقائياً".
الهيئة الإدارية الجديدة للجنة تلتقي السيدة بهية الحريري بعد إقصاء ميساء يعفوري وتقلص عدد أعضاء الهيئة.