النهار

مشروع قانون للحدّ من ظاهرة الرصاص الطائش… من يردع القتلة؟
فرح نصور
المصدر: "النهار"
مشروع قانون للحدّ من ظاهرة الرصاص الطائش… من يردع القتلة؟
الطفلة نايا حنا.
A+   A-
لا يزال الجهل يتصدّر في عقول كثيرين يستخدمون الرصاص للابتهاج أو الحزن في مختلف المناسبات، غير آبهين بالكوارث البشرية التي يتسبّبون بها. آخرها وفاة الطفلة نايا حنا التي كانت تشارك في نشاط صيفي في إحدى المدارس التي سقطت أرضاً من جراء إصابتها برصاصة طائشة أطلقها أحد المحتفلين بنجاح طالب بشهادة البكالوريا.
 
 
الحادثة دفعت بالنائب أديب عبد المسيح للتقدّم باقتراح قانون معجَّل مكرَّر إلى المجلس النيابي اللبناني، تحت مسمى قانون "نايا حنا"، للحدّ من "تمادي ظاهرة إطلاق النار في الهواء ابتهاجاً أو حزناً أو من دون دوافع"، إضافة إلى تسبّبها بزيادة أعداد الوفيات والمصابين بين المواطنين. 
وفي حديثه لـ"النهار"، يورد عبد المسيح أنّ "الأسباب الموجِبة لصفة العجلة لاقتراح القانون هو تعلّقه بأرواح الناس". أمّا بالنسبة إلى تشريع هذا الاقتراح، فسيتّخذ آليته الطبيعية ليصل إلى الهيئة العامة لمجلس النواب، و"حتى الآن، معظم الكتل وافقت عليه، ولم يصلنا أي اعتراض بشأنه من أي نائب، لكن تشريع الاقتراح ينتظر أن يصبح مجلس النواب هيئة تشريعية بينما هو الآن هيئة ناخبة"، يقول عبد المسيح.
 
وكان مجلس النواب قد أقرّ قانوناً يجرّم إطلاق النار، في عام 2016، ويهدف إلى تشديد عقوبات الحبس والغرامة المالية بحق مطلقي "الرصاص الطائش". لكن ما الذي أضافه اقتراح قانون عبد المسيح على القانون السابق؟ "النقلة النوعية في القانون الجديد هي تشديد العقوبات ومضاعفتها"، يجيب عبد المسيح. ففي حين كانت أقصى عقوبة سنتين، كان القاضي يحكم على المتهم بالسجن لشهر أو شهرين، ويخرج الأخير بريئاً، وبالتالي هذه العقوبة لم تكن قاسيه ولا موجعة.
 
أمّا في القانون الجديد، فكل مطلِق للرصاص في الهواء تسبّب بمقتل شخص تكون عقوبته الأشغال الشاقة مدى الحياة والحبس لمدة أقلّها 15 عاماً، وتُفرض عليه غرامة مالية تصل إلى خمسين مرة قيمة الحد الأدنى للأجور. كذلك، لا يشمل القانون فقط معاقبة مَن أطلق النار، إنّما يُحاسب معه مَن زوّده بالذخيرة وصاحب الحفل حيث أُطلق النار والمحرِّض والشريك والمسهِّل.
 
وينصّ الاقتراح الجديد على الحبس لكل مَن أقدم لأي سبب كان على إطلاق عيارات نارية في الهواء من سلاح مرخص أو غير مرخص، ولم يفضِ هذا الفعل إلى الحاق أذى بالأشخاص، من سنة إلى ثلاث سنوات وبغرامة مالية من عشرة أضعاف إلى 15 ضعف الحد الأدنى للأجور، ويُصادر السلاح ويُمنع الجاني من الحصول على رخصة سلاح مدى الحياة. وتزداد العقوبة نفسها، حسب المادة الثانية، على كل شخص تسبب بمرض أو تعطيل شخص عن العمل مدة تقل عن عشرة أيام، لتصبح عقوبة بالسجن من سنتين إلى ثلاث، وبغرامة مالية تتراوح بين 15 و25 مرة الحد الأدنى للأجور. أمّا إذا تسبّب باستئصال عضو أو بتر أحد الأطراف أو تعطيل إحدى الحواس، أو تشويه الجسم أو أي عاهة، فيعاقَب بالسجن بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة عشر سنوات على الأقل. 
 
من جهته، كشف الباحث في "الدولية للمعلومات"، محمد شمس الدين أنّ "المتوسّط السنوي لضحايا الرصاص الطائش في لبنان، من خلال البحث في وسائل الإعلام والبيانات الصادرة عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي من عام 2013 إلى عام 2023، يبلغ 8 ضحايا و15 جريحاً".
وفي فيديو نشره على إحدى منصات التواصل الاجتماعي، ذكر شمس الدين أنّ وفق قانون العام 2016، "بمجرّد إطلاق الرصاص في الهواء تتراوح العقوبة من 6 أشهر إلى 3 سنوات سجن، وغرامة من 8 إلى 10 أضعاف الحد الأدنى للأجور، وتزيد حسب نوعية الإصابة. أمّا في حالة الوفاة، فترتفع العقوبة لتكون من 10 إلى 15 سنة سجن مع أشغال شاقّة، وغرامة من 20 إلى 25 ضعف الحد الأدنى للأجور". لكن، في غياب التشدّد في تطبيق هذا القانون، زادت هذه الظاهرة.
 
هل من فتوى أو تعميم ديني، لتحريم أو تجريم مَن يطلق النار في الهواء؟
 
الأب عبدو أبو كسم وفي حديثه لـ"النهار"، يورد أنّ "إطلاق الرصاص في الهواء الذي قد يّسبب الأذى لبعض الناس، هو عمل ضد مبدأ احترام كرامة الإنسان وضد الوصية التي تقول لا تقتل، سواء عمداً أو بدون قصد". وعندما يطلق الشخص النار في الهواء قد يقتل، وهو بالتالي يطلق النار بملء إرادته، و"يُعتبر هذا العمل خطيئة وجريمة والكنيسة تجرّم كل مَن يطلق النار في الهواء لما يسببه من أذية لأشخاص بريئين".
وفي حين أنّ الكنيسة لم تصدر أي تعميم ديني لمنع هذا العمل، "لكن انسجاماً مع تعاليمها التي تدعو إلى عدم أذية الآخر وعدم القتل وارتكاب الخطيئة، تعتبر الكنيسة إطلاق النار في الهواء جريمة"، بحسب أبو كسم.
 
كذلك، يوضح الشيخ وسيم مزوق في حديثه لـ"النهار" أنّه "طالما أنّ فعل إطلاق النار في الهواء يترتب عليه الأضرار وتعريض الأملاك الخاصة والعامة إلى التلف أو الحريق أو الإيذاء، إلى جانب ترويع الناس، وصولاً الى القتل، فهذه الأسباب تؤدي إلى تحريم هذا الفعل في الشريعة الإسلامية، وليس هناك فتوى مكتوبة لتجريم هذا الفعل في لبنان".
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium