يُمثّل ضعف البنى التحتية للأسواق الزراعية والتجارية مشكلات أساسيّة في بلدات البقاع الشمالي الريفيّة، حيث يعجز المعنيّون عن دعم المنتجات المحليّة، ممّا يؤدّي إلى صعوبة تصديرها وبلوغها نطاقاً أوسع.
من هنا، انطلقت مبادرة "سوق ليلى - للمونة البلدية والحرف اليدوية" في بلدة العين - قضاء بعلبك، الأحد الفائت، برعاية اتحاد بلديات شمال بعلبك، بمشاركة رئيس بلدية العين زكريا ناصر الدين وعدد كبير من أهالي البلدة والجوار.
تأتي "سوق ليلى" كأوّل مبادرة نسائية شبابية فرديّة في البقاع الشمالي، لتبثّ بعض الحياة في البلدة الهادئة الواقعة على السفح الغربيّ للسلسلة الشرقية، والتي تبعد نحو 118 كلم عن العاصمة بيروت، والتي تفتقر إلى أيّ نوع من الأنشطة. تتضمن المبادرة آليات تحقيق التمكين الاقتصادي للسكّان المحليين في أكثر من سبع بلدات مجاورة هي: عرسال واللبوة والبزالية والقاع والفاكهة ورأس بعلبك، لا سيّما النساء منهنّ، ومساعدتهن على رفع مستواهنّ المعيشي ومستوى أسرهنّ، وخلق فرص عمل من خلال مساعدتهنّ على تسويق منتجاتهنّ.
وقد أتاحت السوق لأكثر من 50 امرأة من صاحبات الحِرَف والصناعات الغذائية عرض منتجاتهن من الموادّ الغذائية والحرف والمنتجات التراثية والمحاصيل الزراعية، وبيعها بأسعار تتناسب مع دخل الأهالي، والاهتمام بالشباب، حيث ساعد الكثيرات منهنّ على بدء مشاريع صغيرة ضمن فعاليات السوق، ليمثلن معاً أكبر تجمع لمحترفي الحرف اليدوية والصناعات الغذائية التراثية بمجالاتها المختلفة، وحمايتهنّ من الاندثار.
يُذكر أن فكرة المشروع تعود إلى الشابة لين المصري (23 عاماً)، التي تنتمي إلى بلدة العين، وتهتمّ بالشأن العام، وتُعتبر من أصغر روّاد الأعمال في البقاع الشماليّ، في الوقت الذي تضطلع بمهام المديرة التنفيذيّة للمشروع.
وعن أهداف المشروع، توضح المصري لـ"النهار" بأن أهميته تكمن في خلق الأمل من رحم الألم، بعيداً عن اليأس والاستسلام في ظلّ الصعوبات المعيشية والأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي يمرّ بها لبنان. وتؤكّد أهمّية تولّي الشباب الأدوار القياديّة باعتبارهم مصدر الطاقة الحيوية والمتجدّدة والمتفجّرة والتفاعليّة، بالإضافة إلى تطوير الاقتصاد الريفيّ من خلال دعم الإنتاج المحليّ وتسويقه وإيجاد مساحة لبيع الإنتاج مباشرة للمستهلك من دون وسيط ثالث، إضافة إلى إحياء تراث بعلبك وتقاليدها.
وعن تأثير هذه التجربة على المشاركين في توفير الدخل الموسميّ، تقول المصري: "المشاركون في هذا المشروع يؤمنون برسالة تحسين ظروفهم المعيشية. وعلى الرّغم من قلّة التمويل في هذه المبادرة، فإننا نطمح إلى توسيع نشاطنا ليصل إلى أكبر شريحة ممكنة من اللبنانيين، إذ سيكون من الضروريّ توسيع تجربتنا إلى مناطق أخرى من أجل إرساء تنمية شاملة في الأشهر المقبلة".
وتستمر "سوق ليلى" كلّ يوم أحد من شهر أيلول الجاري ببرامج ترفيهية وتفاعلية واسعة من أجل خلق حياة اقتصادية وسياحية.