يعمل النازحون السوريون في بعلبك - الهرمل في الاقتصاد غير الشرعي، وتحديداً في قطاعي التجارة والسياحة، من دون دفع الضرائب للدولة اللبنانية. قطاع العمل غير المنظّم في المحافظة يسيطر عليه النازحون السوريون، حيث يعمل 90 في المئة منهم بدون عقد عمل قانوني، و10 في المئة منهم يعملون في أعمال موسمية أو يومية، وفق مصدر أمني لـ"النهار".
في المحافظة هناك 2420 محالاً ومؤسسة تجارية يديرها نازحون سوريون، تتوزّع بين البقاع الشمالي، (عرسال 700، اللبوة 100، القاع 94، الهرمل 250، العين 70 محالاً)، وقضاء بعلبك (بعلبك 503، قرى دير الأحمر 50، دورس 83، بريتال 150، النبي شيت 75، قرى غرب بعلبك 345 محالاً).
علماً أنّ 90 في المئة من هذه المحال التجارية تقع على الطريق الدولي ضمن نطاق هذه البلدات، وتعود ملكيتها للبنانيين. والرواية القديمة الجديدة، هو التواطؤ بين المالك والنازح، إذ بات معلوماً أنه عندما تقوم الأجهزة الأمنية بمداهمة السوريين يدّعون أنّهم عمّال لدى صاحب المكان، الذي يقيم عقداً سرياً شفهياً بينه والسوري لإدارة المحل أو المؤسسة، بموازاة كفالة يقدّمها صاحب هذه المؤسسة.
وهذا الواقع المرير تعاني منه المديرية العامة للأمن العام منذ سنوات طويلة التي تعمل على إغلاق هذه المحال والمؤسسات غير القانونية، فتصطدم إمّا بالتصرفات غير المسؤولة لبعض اللبنانيين، أو بالتراخي الحاصل من قبل البلديات التي يحصل البعض منها على مساعدات مالية وعينية من المنظمات الدولية.
هذه الأرقام والأفعال مرآة واقع بعلبك - الهرمل التي يعاني أبناؤها من علّة وجود النازحين بينهم وغياب الحلول الجذرية، فأقفل بعضهم مصادر رزقه لعدم قدرته على منافسة السوريين، وباتوا في خطّ فقر مدقع إذ يبلغ متوسط دخل العائلة البعلبكية 60 دولاراً أميركياً شهرياً. فيما يتراوح متوسط دخل الفرد السوري النازح بين 10 و20 دولاراً أميركياً يومياً، بمعدل 400 دولار شهرياً، ويبلغ متوسط الدخل اليومي للنازح السوري 600 في المئة أعلى من الحد الأدنى للأجور في لبنان، ناهيك عن امتناعه عن دفع الضرائب للدولة اللبنانية، إضافة إلى اعتماده على المساعدات الإنسانية.
وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال جورج بوشكيان أكّد لـ"النهار" أنّ الخطوة الأهم هي تشديد القوانين وإصدار تصاريح العمل الموسمية المرخص بها فقط، ويكون لدى مديرية الأمن العام اللبناني تبليغ يفيد بأنّ هذا السوري أو أيّ أجنبي آخر جاء إلى لبنان للعمل ضمن الموسم فقط، تحت سقف رؤية قوانين الإدارة اللبنانية، من دون السماح بالفوضى.
وعن دور الوزارة، أكّد أنّ هناك إجراءات تتخذها الوزارة، منها تفتيش المصانع في المناطق اللبنانية كافة وسحب التراخيص من تلك التي تستخدم عمالاً سوريين من دون إجازات عمل أو أوراق ثبوتية. وبدأ تطبيق القرار حيث يطلب من المصانع قائمة بأرقام وأسماء العاملين فيها، فإن كان هناك سوريون أو أجانب يطلب منهم تقديم الأوراق الثبوتية واجازات العمل، وغير ذلك مرفوض رسمياً، إضافة إلى الدوريات اليومية التي تتفقّد المصانع، لتفتيش العمال والتثبّت من قانونية وجودهم، من هنا يجدّد بوشكيان طلبه من البلديات أن تتحمّل مسؤولياتها وإبلاغ الوزارة عن المصانع المخالفة وغير المرخصة.
ورأى بوشكيان أنّ أزمة النازحين تتطلب مسؤولية وطنية من الجميع بالدرجة الأولى، والسؤال الأهم هو: ما هو المطلوب ولبنان في أزمة اقتصادية؟ فئة كبيرة من اللبنانيين عاطلة عن العمل، والشباب يرحل، فيما السوريون اليوم هم من الأعمار الفتية، إذ تتراوح أعمارهم بين 16 و18 عاماً، فأين سنكون بعد سنتين أو ثلاث سنوات"؟ ويضيف: "الإنتاجية هي الأهمّ، وعلى اللبناني أن يفكر بعقل منتج"، داعياً اللبنانيين إلى العمل، فـ"العمل ليس عيباً ومن العيب أن يجلس العاطل عن العمل ويمدّ يده إلى الآخرين".
لم يوقّع لبنان على اتفاقية اللاجئين العالمية في العام 1951، والتي أعقبها بروتوكول العام 1967؛ وهذا يعني أنه متحرّر من أيّ التزامات تجاههم كلاجئين، إلّا أنّ ذلك لا يحرّره من التزامه القانون الدولي والإنساني، وعدم مخالفة التشريعات والأعراف الدولية التي تحمي الإنسان وتفرض تأمين الحدّ الأدنى من المستوى الحياتي له من قبل أيّ سلطة قائمة.
من هنا، قدّم اللبنانيون سلطة وشعباً الكثير الكثير للسوريين، حتى باتوا ينافسون المواطن اللبناني داخل بلده في مختلف قطاعات العمل، فيهاجر اللبناني ويبقى السوري، وهذا أمرٌ مرفوض، من هنا، الدعوات إلى السلطات اللبنانية الرسمية أن تواجه ما يعدّه المجتمع الدولي والبلدان المجاورة بحزم وجدّية لمنع توطين السوريين في لبنان.
والمطلوب بالدرجة الأولى البدء بتنظيم وجود النازحين في بلادنا، وعدم السماح بمنافسة لقمة عيش المواطن اللبناني في بلده، وهذا يبدأ بتحمّل السلطات المحلية لمسؤولياتها في حماية أهلها ضمن حدودها الجغرافية وسلطتها السيادية بتغطية ودعم من الحكومة، فتعمل على تصنيف السوريين، وتعدادهم، وضبطهم قانونياً، على أن يُطبّق القانون بحزم أيضاً على بعض اللبنانيين الذين يمكن وصفهم بالتجار والسماسرة الذين يتاجرون بكلّ شيء وحتّى بالسيادة وأمن الناس الاجتماعي والمعيشي من أجل تحقيق مكاسب مادية.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، النازح السوري الذي اخترق كلّ القطاعات الاقتصادية النشطة في بعلبك – الهرمل، يستدرج الحماية إمّا من بعض أبناء العشائر، أو حتّى من بعض النفاذين في الأجهزة الأمنية.