بعد نجاح الخطوة الأولى من انتشار "القوة الفلسطينية المشتركة" وتمركزها في نقاط ساخنة داخل أحياء الطيري وراس الأحمر والصفصاف في مخيم عين الحلوة، نفّذت هذه القوة أمس الخطوة المتعلقة بانتشار عناصرها في تجمّع مدارس "الأونروا" ولاسيّما منها تجمّع مدارس بيسان والناقورة وصفد، بين أحياء بستان القدس ومحلّة التعمير والطوارئ والشارع الفوقاني الذي يسيطر عليه الإسلاميون، وفي تجمّع مدرسة السموع في البركسات الذي تسيطر عليه حركة "فتح".
وسبقت عملية الانتشار اتصالات عدّة شارك فيها الرئيس نبيه بري مع مختلف القوى والفصائل لتعجيل عملية الانتشار وضمان نجاحها، وأعطى الطرفان الموافقة على تنفيذ الخطوة في الاجتماع الموسع الذي عقد مساء أوّل من أمس في مكتب رئيس "الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة" الشيخ ماهر حمود في صيدا، وضمّ إليه ممثلو حركة "أمل" محمّد الجباوي وبسام كجك وعباس قبلان، ممثل حركة "حماس" في لبنان أحمد عبد الهادي والمسؤول عن العلاقات الوطنية أيمن شناعة، ممثلو "عصبة الأنصار" الإسلامية الشيخ إبراهيم السعدي وأيمن شريدة.
وبحث المشاركون في إزالة مخاوف جميع الأفرقاء من استكمال انتشار "القوة المشتركة" وإخلاء المدارس من المسلحين، تمهيداً لسحب كلّ المظاهر المسلحة، واستمرار الجهود الهادفة الى تسليم المطلوبين، والتأكيد على تنفيذ الانتشار والإخلاء في الموعد المحدّد (بعد ظهر أمس).
كذلك سبق الانتشار اجتماع في مقرّ "القوة المشتركة" الموقّت في المخيم، ضمّ قائدها اللواء محمود العجوري وممثلو القوى والفصائل الفلسطينية "الوطنية والإسلامية". وقال العجوري لـ"النهار" انّه اتفق على تشكيل لجنتين من ممثلي المجتمعين، إحداهما ترافق عناصر "القوة المشتركة" في اتجاه مدارس "الأونروا" في حيّ الطوارئ، والأخرى تواكب العناصر التي ستنتشر في مدارس "الأونروا" في البركسات، حيث تتمركز عناصرها تزامناً مع انسحاب المسلحين من الطرفين، موضحاً أنّ عديد القوّة المولجة التمركز أمام مدارس "الأونروا 55 بين ضابط وعنصر.
اعتبر عضو هيئة العمل الفلسطيني المشرك في صيدا ومسؤول الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في مخيم عين الحلوة فؤاد عثمان انّ الخطوة الثانية من مهمة انتشار القوة المشتركة في محيط المدارس وإخلائها من قبل المسلحين تمهيداً لتسليمهم إلى القوة المشتركة من أجل البدء في صيانتها بهدف عودة العملية التربوية إلى مكانها الطبيعي هي خطوة جيدة وتعتبر مقدمة لعودة الحياة إلى طبيعتها في المخيّم، ومقدمة لتكريس الأمن والاستقرار،
وشكر عثمان دولة الرئيس نبيه بري وكلّ من ساهم في تطبيق تنفيذ هذا الاتفاق داعياً الأونروا إلى القيام بواجبها في العمل في إعادة تأمين ترميم البيوت وبلسمة جراح أهلنا بعد الظلم الذي لحق بهم بسبب الاشتباكات.
دمار وخراب
قرابة الثانية بعد الظهر، بدأت عملية الانتشار سيراً على الأقدام في تجمّع المدارس الذي يسيطر عليه الإسلاميون، بدءاً من محلة تعمير عين الحلوة التحتاني مروراً بالطرق والأزقّة الضيّقة داخل حيّ الطوارئ الذي بدا فيه حجم الدمار كبيراً جداً. وعمل المسلّحون الذين ظهر معظمهم وهم مقنّعون، على عزل الطرق والأحياء بشوادر، وقبل مداخل تجمّع المدارس أطلّ من أحد الأزقة المسؤول عن "تجمع الشباب المسلم" هيثم الشعبي مع عدد من مرافقيه، وواكب أعضاء اللجنة وأفراد "القوة المشتركة" في تفقّد مباني المدارس، وأشرف معهم على سحب المسلحين منها تباعاً. ولوحظ انّه كان سلساً ومتعاوناً جداً مع الإعلاميين، وسمح لهم بالتصوير وتحدث إليهم مطمئناً الجميع الى "أن الأمور ستعود قريباً جداً الى طبيعتها في المخيم، ونحن حرصاء على الأمن والاستقرار داخل المخيم وفي صيدا والجوار أيضاً". غير انّه تجنب إعطاء أي تفصيل يتعلق بتسليم المطلوبين في اغتيال اللواء "ابو اشرف" العرموشي ومرافقيه الاربعة، مردداً عبارة "إن شاء خيراً والأمور الى تحسّن".
توفّر مدارس "الأونروا" الثماني داخل المخيم التحصيل لنحو 5900 طالب في المراحل الابتدائية والمتوسطة حتى الثانوية. وأكبر التجمعات كان التجمع الذي يضم مدارس الناقورة وصفد وبيسان، وجميعها تقع تحت سيطرة الاسلاميين. وبدا حجم الخراب والدمار كبيراً جداً، وعدد المسلحين الذين ظهروا لدى دخول اللجنة وعناصر "القوة المشتركة" لا يقلّ عن 100 عنصر مزوّدين أسلحة رشاشة خفيفة ومتوسطة، ومعظمهم كانوا مقنّعين.
ويعتبر إخلاء هذه المدارس في حال تنفيذه على أكمل وجه وبشكل دائم، حلّاً لإحدى المعضلات التي تعوق استقرار الوضع الأمني بعد وقف النار، نظراً الى أهمية موقعها الاستراتيجي، حيث تشكّل خطّ دفاع أو هجوم متقدّم خصوصاً للإسلاميين.
تصوير الزميل أحمد منتش.