النهار

أوتوستراد الزهراني أو أوتوستراد "الموت" المجاني... لماذا يحصد عشرات الضحايا والجرحى؟ (صور - فيديو)
أحمد منتش
المصدر: "النهار"
أوتوستراد الزهراني أو أوتوستراد "الموت" المجاني... لماذا يحصد عشرات الضحايا والجرحى؟ (صور - فيديو)
انحراف الأوتوستراد في محيط مقام النبي ساري (أحمد منتش).
A+   A-
منذ استحداثه في أواخر التسعينيات، يكاد لا يمرّ شهر واحد إلا ويسجّل وقوع عدة حوادث سير على أوتوستراد الزهراني بين مدينتي صيدا وصور، خصوصاً في المنطقة الممتدة من جسر الزهراني، مثلث صيدا – صور – النبطية وصولاً إلى محلّة أبو الأسود، ومروراً بقرى وبلدات العدوسية، العاقبية، الصرفند، تفاحتا، البيسارية، السكسكية، البابلية، أنصارية وعدلون. وخلال شهر أيلول الفائت، وفي فترة لا تتجاوز الأسبوعين، وقعت عدّة حوادث سير مرعبة، أدّت إلى مقتل نحو عشرة أشخاص، معظمهم من الشباب والفتيان والفتيات، وبينهم شاب وزوجته من بلدة أنصارية، بالرغم من تحطّم السيّارة بشكل كامل، فضلاً عن صبيّة من بلدة النبطيّة.
 
الصور بعدسة الزميل أحمد منتش: 
 
 
وبسبب تزايد الحوادث على الأوتوستراد المذكور، أصبح أبناء المنطقة والجنوب يُطلقون عليه اسم أوتوستراد الموت، بل ذهب الخيال عند بعض وسائل الإعلام والناس إلى القول إن سبب وقوع الحوادث يعود إلى صاحب مقام قائم على تلّة مطلّة على بساتين عدلون، بمحاذاة الأوتوستراد، ويُعرف بـ"النبي ساري"، معتبرين أن المحلّة مرصودة، وأن الحوادث التي تحصل في محيط المقام ليست سوى لعنة من صاحبه، بسبب اقتطاع قسم من الأراضي التابعة له لصالح استحداث أوتوستراد المسلك الغربي.
 
 
 

 
"النهار" جالت على أوتوستراد الزهراني، والتقت رئيس بلدية اللوبية، رئيس اتحاد بلديات ساحل الزهراني، علي مطر، والخبير المحلّف والمخضرم في حوادث السير محمود عاصي.
 
 
خلال الجولة، كان واضحاً أن الأوتوستراد ليس مستقيماً، بل تعتريه بعض التعرّجات والانحرافات، ويرتفع مساره في محيط مقام النبي ساري، مع انحراف بما يُشبه الكوع، ممّا يعني أن السيارات المسرعة بالاتجاهين صعوداً وهبوطاً تُجبر السائقين على تخفيف سرعتهم خشية تعرّضهم للانزلاق، ومثل هذا الأمر يتكرّر في أماكن ثانية.
 
 
ولوحظ أيضاً أن العديد من المداخل والمخارج لقرى وبلدات الزهراني تمّ فتحها بشكل عشوائيّ، ومن دون مراعاة السلامة العامة، إضافة إلى وجود بعض الحفر وسط الطريق، وأقنية على جانبي الأوتوستراد، من دون أي حماية.
 
 
في المقابل، لا توجد على طول الأوتوستراد أيّ إشارات كافية أو إرشادات تنبّه وتحذّر السائقين من السرعة الزائدة أو من وجود المنعطفات. أما رادارت السرعة في حال كانت موجودة فهي غير ظاهرة، بل معطّلة بسبب انقطاع التيار الكهربائيّ بشكل شبه كامل.
 
 
مطر
كلّ هذه الأمور أكّدها رئيس اتحاد بلديات الزهراني علي مطر، الذي قال لـ"النهار": "منذ سنوات ونحن نرفع الصوت عالياً، إلا أننا - وللأسف - لم نلقَ آذاناً صاغية من قبل المسؤولين، خصوصاً في وزارتي الأشغال العامة والداخلية".
 
وأضاف: "منذ عدة سنوات كلّفنا فريقاً هندسياً أعدّ تقريراً مفصلاً عن وضع الأوتوستراد بعد الكشف الميداني عليه، ورفعناه إلى المسؤولين في وزارة الأشغال العامة، وأعتقد ان الوزارة كان بإمكانها معالجة الثغرات والمشكلات المتعلّقة بالأوتوستراد، إلا أنها لم تفعل شيئاً مع الأسف، وأصبح لكلّ بلدة مدخل ومخرج، فيما المخطط الأصلي للمشروع لحظ وجود 3 مفارق فقط في الزهراني والسكسكية وأبو الأسود. وكثرة هذه المفارق أو الفتحات تُسهم في حوادث السير. واليوم لا أظن أن بإمكان الوزارة فعل أيّ شيء".
 
وحمّل مطر وزارة الداخلية مسؤولية عدم القيام بواجباتها على أكمل وجه لجهة ملاحقة المخالفين، خصوصاً أصحاب الدراجات النارية الذين تزايدت أعدادهم بشكل كبير. وأنا شخصياً قمت بتصوير سائق دراجة نارية عندما شاهدته على الأوتوستراد، وخلفه يجلس أربعة أشخاص، هذا بالإضافة إلى عدم تسيير دوريات أو إقامة بعض الحواجز من حين إلى آخر لردع ومحاسبة المخالفين.
 
وفي رأي مطر، "في هذه الظروف الصعبة، لا يسعنا إلا دعوة السّائقين إلى التنبه والحذر أثناء قيادتهم على الأوتوستراد، خصوصاً مساءً وليلاً، حين تنعدم الرؤية بسبب عدم توفر الإنارة"، معتبراً أن سائق السيارة يتحمل مسؤولية نفسه عندما يقود سيارته بسرعة فائقة.
 
 
أسباب الحوادث السير المميتة
 
الخبير المحلّف والمخضرم في حوادث السير محمود عاصي عدّد أكثر من سبب لحوادث السير المميتة، في حديثه لـ"النهار"، فشدّد على أن "مساحة لبنان تبلغ 10452 كلم مربع، وباستطاعتها استيعاب نحو 500 ألف سيارة، إلا أن عدد السيارات المسجّلة في لبنان يبلغ مليون وسبعمئة ألف سيّارة"، مضيفاً إلى ذلك عدم التزام السائقين والجهات المعنية بإجراء اختبارات القيادة، ومشيراً إلى أن "الشاحنات يفترض مرورها على الطرق لجهة اليمين، ونحن نشاهدها تسير يساراً".
 
ولا ينسى عاصي أن يلفت إلى "خطورة السرعة الزائدة، وعدم صيانة الطرق وإنارتها ليلاً، وسرقة أغطية الريغارات، وتزايد عدد الدراجات النارية، واستعمال الهاتف خلال القيادة، وتراجع دور القوى الأمنية والقضائية في الرقابة وفي محاسبة المخالفين".




اقرأ في النهار Premium